طريقة جديدة في التعامل مع المشكلات


في يوم من الأيام كان محاضر يلقي محاضرة عن التحكم بضغوط وأعباء الحياة لطلابه, فرفع كأسًا من الماء وسأل المستمعين: كم في اعتقادك وزن هذا الكأس من الماء؟

الإجابات كانت تتراوح بين 20 جم إلى 500 جم.

فأجاب المحاضر: لا يهم الوزن المطلق لهذا الكأس, فالوزن هنا يعتمد على المدة التي أظل ممسكًا فيها هذا الكأس, فلورفعته لمدة دقيقة لن يحدث شيء, ولوحملته لمدة ساعة فسأشعر بألم في يدي، ولكن لوحملته لمدة يوم فستعدون سيارة إسعاف.

الكأس له نفس الوزن تمامًا, ولكن كلما طالت مدة حملي له كلما زاد وزنه، فلوحملنا مشاكلنا وأعباء حياتنا في جميع الأوقات فسيأتي الوقت الذي لن نستطيع فيه المواصلة, فالأعباء سيتزايد ثقلها، فما يجب علينا فعله هو أن نضع الكأس ونرتاح قليلًا قبل أن نرفعه مرة أخرى، فيجب علينا أن نضع أعبائنا بين الحين والآخر, لنتمكن من إعادة النشاط ومواصلة حملها مرة أخرى.

تعلم فن التهوين:

عندما تعود من العمل عليك أن تضع أعباء ومشاكل العمل ولا تأخذها معك إلى البيت, لأنها ستكون بانتظارك غدًا ونستطيع حملها.

ربما قال البعض هنا: (إن من السفه أن نسخر من مآسينا) وهذا صحيح، ولكن من الحمق أيضًا أن نجعل من التوافه مآسي ونجسم التوافه, ونعلق عليها اهتمامًا كبيرًا، إن علينا أن نتعلم فن "التهوين" وأخذ الحياة ببساطة, لا أن نجعلها حياة ب "التهويل" وهذا لا يعني أن تضع يدك على خدك, وتقول: ما حيلتي؟ ولكن اعقلها وتوكل، وهناك طرق عملية كثيرة لفعل ذلك، الأمر فقط يحتاج إلى ذكاء في مواجهة ضغوط الحياة؛ بل إن كلمة ضغوط (هي مفتاح الإجابة, فالأسلوب الذي نتحدث به عن واقعنا يعكس نوع معايشتنا له.

كما أن عبارات الكلام اليومي فيها من الدلائل ما يشير إلى ما نؤمن به, وكلمة "ضغوط" تشير إلى شيء اقترب نحونا أكثر من اللازم حتى بدأ يضغط علينا ضغطًا شديدًا، في هذا السياق أذكر ما حدث معي حين تكدست الكتب في مكتبي ،كان بعض هذه الكتب لا بد من قراءته, والآخر من المهم قراءته, والبعض الآخر سوف استمتع بقراءته.

هنا بدت الكتب المكدسة أمام مكتبي, وكأنها تشكل تهديدًا ما لي, نعم لقد كانت كومة الكتب تنمو وتترعرع, وكأنها تنمو فوق رأسي أنا, ذلك أنني تخيلت أن علي أن أقرأ هذه الكتب دفعة واحدة, وليس على مدى شهور مع التأني.

نفس الأمر يحدث معي حين أجلس إلى الحاسوب لأطالع كنوز المعلومات التي يحملها الإنترنت، إنني أتخيل نفسي جالسا أمام مغارة "علي بابا" بعد تحديثها لتلائم عصر المعلومات, فجميع كنوز المعلومات هنا لا تكلفك سوى بضع نقرات على لوحة المفاتيح، لكن في نفس الوقت لا يسمح لنا الوقت بتجريب كافة احتمالات ما نبحث عنه، ومن ثم كان لا بد لنا أن نتعلم فن ادارة الوقت حتى يمكننا استثماره عبر :

ـ تقليل حجم ما نقوم بأدائه في أحد الأمور, لنزيد من الوقت المتاح لأمور أخرى.

ـ تحديد الأولويات, وإسقاط بعض المهام من جدول أعمالنا, لنكن أكثر فعالية ولنفي بمهامنا الضرورية) [حلول غير تقليدية لمشاكل الحياة اليومية، جوزيف أوكونر، ص 45-48 بتصرف].

كيف تبقى هادئًا:

تبدأ مواقف الغضب غالبًا بجدال عادي ثم ما يلبث أن يتحول إلى شجار عنيف، فكيف تبقى هادئًا لا تثيرك رياح الغضب والشجار؟

(- حاذر من التشتت والتزم الخط الرئيسي للجدال, وحتى لوكان من السهل مواصلة الجدل في نقطة فرعية فحاول الالتزام بالقضية الرئيسية.

- لا تستخدم أسلوب الاستجواب لشريك الحياة ولا تحاول الحصول على إجابات لأسئلة لا يرغب الآخر في إجابتها أو تحاول إثارة نقاط تعتقد أنها ستظهرك أنك على صواب وأن الآخر مخطىء.

- لا تبادر بالإهانات ولا التنابذ بالألقاب فهذه الأساليب ترفع من حرارة الجدل.

- تجنب السخرية والتهكم فذلك الأسلوب يوحي بالإهانة, والإهانة تكثف معنى "ما وراء الرسالة " مما يحجب كلمات "الرسالة" التي قلتها، واعلم أن السخرية تستفز الطرف الآخر, وتؤدي إلى تصعيد الإهانات المتبادلة ولا تتيح أي فرصة للتحاور الإيجابي مع ما تقوله.

- لا تمتنع عن الاعتذار وقدمه إن لزم الأمر ولكن لا تبالغ فيه، ولا تطالب الآخرين بالاعتذار من خلال الإلحاح عليهم.

- استخدم مهارة "ما وراء التواصل" وتجنب الخوض في شجارات حول الأمور التافهة المضمنة في الرسالة إذا ما كان المهم هو "ما وراء الرسالة".

- كل الاستراتيجيات السابقة يصعب اتباعها لو تملكك الغضب, ومع ذلك فإن التعبير عن الغضب قد يكون لازمًا في بعض الأحيان؛ حيث أنه يتيح للآخرين أن يعرفوا مدى اهتمامك بما تقول وكيف ستتأثر بأعمالهم وأقوالهم.

- بمجرد أن يعرف كل طرف مدى شعور الآخر بشأن الموضوع المتنازع حوله، يكون من المفيد تجنب الجدال حتى تهدأ النفوس، ثم نضع أسس التواصل حول كيفية الحديث في هذا الاختلاف.

- التحكم في النفس والحذر من استخدام الأساليب اللفظية التي تتطاير من أفواهنا حين نغضب، يمكن أن يساعد ذلك في منع الشرارات الصغيرة من الاشتعال إلى حرائق هائلة) [أنا لا أقول لك ذلك إلا لأني أحبك، ديبورا تانين، ص 121 -123 بتصرف].

وسائل للانتصار في الشجار:

إن الكثير من شركاء الحياة يختارون (سلوكًا يهدم العلاقة الزوجية بينما يقولون أنهما يحاولان صنع حياة زوجية سعيدة، وكمثال على ذلك:

- البكاء:

يستخدم البكاء كوسيلة للانتصار في شجار، أو كوسيلة للسيطرة والتحكم في الطرف الآخر، أو للحصول على الاهتمام (هي تبكي أكيد لأنني آلمتها سأتراجع عن كل شيء).

- الغضب:

يستخدم الغضب كوسيلة لإخضاع الطرف الآخر، فيقرر الزوج اختيار سلوك ما خوفًا من غضب الزوجة, وكذلك قد يستخدم لجذب الانتباه أو لإرغام الطرف الآخر على الاستماع (هو فقط يستمع لي عندما أصبح عدوانية وأرمي الأشياء، وإذا لم أفعل ذلك فهوكالصخر).

- الاكتئاب:

وهناك من يلجأ إلى الاكتئاب لا شعوريًا لجعل الطرف الآخر يشعر به؛ بل وحتى للتحكم في الطرف الآخر (أنا مكتئب الليلة لا أستطيع أن أذهب إلى العشاء عند أهلك) وهكذا ترى أن الطرف المكتئب يعوق الطرف الآخر عن المشاركة في المناسبات الاجتماعية والترفيهية, بل ويلقي عليه المسئوليات الأخرى، وإذا ما وجدت هذه السلوكيات في الزواج فإن أهداف الزواج الايجابية تختفي وتحل محلها أهداف سلبية) [حان الوقت لزواج أفضل، د.جون كارلسون ,د.دينكماير ،ص 5].

ماذا بعد:

- حاول أن تشرح وجهة نظرك ووضح الأشياء التي أسيئ فهمها، لا تطرح قضايا جديدة، اطرح فقط الموضوعات المرتبطة مباشرة بما تناقشه مع الطرف الآخر, حافظ على تركيزك على المصدر الأساسي لشكوى رفيق العمر أو سبب عدم سعادته.

- كن مرنًا في الحوار وتمتع بالحلم ورحابة الصدر وسعة الأفق ومهارة استيعابك لطبائع الآخر والعاطفية الحكيمة والصبر, بهذا لا تثيرك رياح الحياة.



كاتب المقالة : أم عبد الرحمن
تاريخ النشر : 22/03/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com