مصر: الدعاية الانتخابية تغزو المساجد.. و"الكتلة" تدعو بـ"اعقلها وتوكل"..


الدعاية الانتخابية تغزو المساجد.. و"الكتلة" تدعو بـ"اعقلها وتوكل".. وإمام مسجد مصطفى محمود: المصريون يسيرون على نهج الرسول.. وخطيب "العزيز بالله" يصف المنافسة السياسية بالمعركة بين الحق والباطل

فى أولى خطب الجمعة، بعد انتهاء المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب، قال خطيب مسجد الاستقامة، إن من أكبر الكبائر عند الله هى شهادة الزور، لافتاً إلى ما ذكره القرآن الكريم من تحذيره من كتمان الشهادة التى يكون كاتمها آثماً عند الله، مشيراً إلى السؤال الذى طرحه الرسول (ص)، على أصحابه عندما قال لهم، ألا أنبئكم بأكبر الكبائر عند الله، الشرك بالله وعقوق الوالدين، وكان آنذاك متكئاً فجلس واعتدال وقال، ألا وقول الزور وشهادة الزور ورددها كثيرا حتى قال الصحابة ليته سكت.

وأضاف الخطيب، خلال جمعة اليوم بعنوان " شهادة الزور"، أن من أمثال شهادة الزور هو ما يفعله الإعلام الذى يعد هو السلطة الرابعة فى مصر، من خلال لبسه الحق بالباطل، الغش فى الامتحانات، ما يقوم به بعض المحامين فى الدفاع عن أناس مخطئين وظالمين، وكذلك التزوير فى الانتخابات البرلمانية والمحلية.

واستدل الخطيب ببعض القصص التى فضل فيها أهلها شهادة الحق، حتى ولو كان على أبنائهم، ومنها قصة الإمام شريح أحد القضاة المشاهير فى الإسلام مع ابنه عندما جاء ابنه الذى كان له مظلمة مع قومه فحكى لوالده القاضى ما تعرض له من ظلم من القوم، إلا أن القاضى لم يستمع لابنه فقط بل استمع إلى القوم الآخرين ونصر القوم على ابنه، لأنهم كانوا أصحاب حق، فغضب الابن قائلا، يا والدى أتنصر القوم على قومك فرد القاضى قائلا، والله أنت أحب إلى من القوم جميعاً، لكن الله عندى أحب إلىّ منك.

وفى نهاية الخطبة، أكد الخطيب أننا فى الفترة الماضية كنا نتعود على شهادة الزور فى تزوير الانتخابات، إلا أن الآن نعيش انتخابات حرة ديمقراطية، فلذلك يجب على كل من له حق التصويت الذهاب إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بصوته من باب الآية القرآنية، "يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأَمِينُ"، فى اختيار المرشح، موضحاً حتى وإن طال وقوفك فى الطابور بالساعات فاحتسب ذلك فى سبيل الله.

فيما قال الدكتور محمد عبده، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، وخطيب مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، إن المصريين أبهروا العامل بانتخاباتهم، كما أبهروه بثورتهم التى قضت على الظلم والفساد، لافتاً إلى أن الانقلاب الذى أحدثه الرسول الكريم، صلى الله وعليه وسلم، فى العالم بدعوته يسير المصريون على نهجه الآن.

ودعا عبده خلال خطبة الجمعة جموع المصريين بضرورة العمل على الخروج من تلك المرحلة والانتقال إلى مرحلة الاستقرار، من خلال برلمان منتخب يقوم بتأسيس الدستور، وحكومة منتخبة ورئيس جمهورية جديد، لافتاً إلى أن المصريون قادرون على قلب العالم بثورتهم.

وأكد أنه يجب أن يكون الشعب رقيباً على البرلمان والحكومة والمجلس العسكرى، فى كافة القرارات، وحذر قائلا،"إذا غفل الشعب عن مراقة الأجهزة التنفيذية سيأتى ذلك بفرعون جديد، وهو ما لا نقبله الآن، لافتاً إلى أن مصر ستكون دولة آمنة تصان فيها الحقوق والحرمات، داعيا إلى ضرورة التمسك بثنائية الميدان والبرلمان.

من جانبه، أكد ممدوح جابر، خطيب مسجد العزيز بالله بحدائق الزيتون، فى خطبة اليوم، أن مصر الآن على طريق تطبيق الشريعة، واصفاً المنافسة السياسية الآن بالمعركة بين الحق والباطل، وأن الإسلاميين لن يتهاونوا فى تطبيق السياسة الشرعية، واصفاً العلمانيين والليبراليين بقوم "شعيب" الذين يمثلهم اليوم الإسلاميون، حيث يدعون قومهم لما فيه خير لدنياهم وآخرتهم.

فيما رأى الشيخ حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية بالسويس، أن الانتخابات البرلمانية أظهرت من خلال نتائجها الأولى أن شعب مصر المسلم ما زال متمسكاً بعقيدته، وقد أبهر العالم عندما أقبل على الانتخابات البرلمانية بتلك الكثافة التى لم تحدث منذ أكثر من 60 عاماًَ، قائلا، إن الشعب المصرى يريد إعطاء صوته للاتجاه الإسلامى دون غيره من اتجاه علمانى أو ليبرالى أو اشتراكى وغيره من الائتلافات، لأنه يريد الإسلام والاستقرار والتمسك بالوحدة.

وقال سلامة، عقب خطبة الجمعة بمسجد النور بالعباسية، إن ميدان التحرير هو الهرم الرابع الذى حرر العدوان قديما وسيحررنا من العصابة التى كانت تحكمنا دون سيادة على القانون ودون حرية وإبادة لكرامة المصريين، قائلا، "نريد ميدان التحرير الذى حرر الشعب من الطغاة والفاسدين، وليس ميدانا للفهلوة والكبرياء"، ولابد أن نكون على هدف واحد لتحقيق مطالب ثورة 25 يناير.

وأضاف سلامة، أن النظام البائد لا يزال على قيد الحياة، ولكن سقط أمام الشعب فى الانتخابات الجارية، فانسحبوا وهم أكثر خزيا وعارا ولكنهم لن يتركونا إلا إذا تفرقنا، داعياً أن يكون جميع الإخوة يداً واحدة على العصابة والأعداء وجميع المتربصين، داعياً المصريين من جديد إلى العمل ورفع شعار مصر أولا لاستقرار البلاد وإعادة الأمن والأمان والرخاء التى خربها النظام السابق والحفاظ على ثورة 25 يناير.

وقال الشيخ سعيد حماد، الداعية السلفى، إن إرهاصات الخلافة الإسلامية على منهج النبوة قد ظهرت وخرج مارد الإسلام من القمم، ولن يعود إليه ثانية حتى يبدأ فى تطبيق شرع الله وسنة النبى محمد، صلى الله وعليه وسلم، لافتا إلى أن زمن صلاح الدين الأيوبى وسيف الدين قطز سوف يعود مرة أخرى ليكمل الإسلام رسالته ويضىء العالم بحضارته.

وأوضح حماد، خلال خطبة الجمعة فى مسجد الرحمة بالهرم، أن جهود الدعوة السلفية تحركت إلى معظم بلاد العالم واتجهت إلى ليبيا والكونغو وملاوى وبنين لنشر الإسلام وتمكنت من خلال مناخ الحرية بعد ثورة 25 يناير أن تهدى الكثير من أبناء تلك الدول إلى الإسلام، على الرغم من أنها كانت دعوات فردية قائلا: "ما بال الأمة لو تحركنا بالعشرات إلى تلك الدول وعاد الأزهر إلى مكانته فسوف تدخل أفريقيا كلها الإسلام".

وأشار حماد إلى أن أمة الإسلام سيكون منها أئمة تقود الناس إلى الخير، رغم أنف أوباما وساركوزى وكل الدول الغربية، مؤكداً أن مصر سوف تقود العالم خلال الفترة المقبلة، ولن تفلح المؤامرات التى ينظمها البعض ضد الإسلام ورسالته.

وفى الجيزة، تحولت ساحات الميادين المواجهة للمساجد عقب صلاة الجمعة اليوم إلى ساحة للمبارزة بين التحالفات والتكتلات الانتخابية والقوى السياسية التى تخوض انتخابات الجولة الثانية التى سيتم البدء فيها يوم الثلاثاء القادم بالجيزة وعدد من المحافظات الأخرى.

وعمد أئمة المساجد أثناء خطبة الجمعة إلى مطالبة الناس بالخروج فى المرحلة الثانية من التصويت لأن الصوت أمانة يجب أن يدلى به كل شخص، وعقب الانتهاء من الصلاة فى ميدان مصطفى محمود، اصطف العشرات من أنصار المرشحين المستقلين وأنصار أحزاب قائمة الكتلة المصرية والحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين يوزعون الدعاية الانتخابية على المصلين عقب خروجهم من الصلاة.

فى حين فرض حزب النور السلفى بسطته على الميدان المحيط بمسجد الاستقامة بالجيزة، وقاموا بتوزيع دعايتهم الانتخابية أمام المسجد، فى ظل تواجد أنصار باقى الأحزاب والمرشحين المستقلين.

وقد عمدت دعاية الكتلة المصرية إلى استخدام كلام الرسول (ص) فى مقدمة الدعاية لقائمتها بدوائر الجيزة، حيث وضعت قوله، "اعقلها وتوكل"، يأتى ذلك فى ظل إعلان الكنيسة عن دعمها لقوائم الكتلة المصرية واشتراك حزب المصريين الأحرار، والذى كان رجل الأعمال نجيب ساويرس هو أحد الداعين إليه، وهو ما دفع الإسلاميين إلى استخدام تلك النقاط لدعوة الناس لعدم الإدلاء بأصواتهم لصالح مرشحى الكتلة.

وكان حضور دعاية قائمة ائتلاف شباب الثورة مستقلة ضعيفا، وكذلك مرشحى ائتلاف شباب الثورة، وهو ما أرجعه خالد تليمة أحد المرشحين من الائتلاف على مقعد الفردى إلى ضعف الإمكانيات المادية لديهم، وهو ما عانى منه شباب الثورة كثيرا فى المرحلة الأولى وأدى إلى حصولهم على عدد محدود جدا من المقاعد فيها.

وقال الشيخ حسن الشافعى، مستشار شيخ الأزهر، فى خطبة اليوم بجامع الأزهر، إن مصر تعيش الآن فترة فاصلة، واتخذنا طريقا يصل بنا إلى بر الأمان، مضيفا علينا أن نمضى فى هذا الطريق، محذرا أن نجعل العصر البائد هو أملنا الوحيد، ولابد أن نترك الفاسدين إلى القضاء.

وأضاف الشافعى، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أنه لابد على المصريين أن يتجهوا لبناء المجتمع وبناء المؤسسات الديمقراطية وعمل دستور تمهيدا للوصول إلى الحكم المدنى، مشيرا إلى أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، اتجه إلى بناء الاقتصاد بعد الفتح مباشرة ودخول المدينة بأن أنشأ سوقا وكان يشرف عليه بنفسه، مؤكدا أن الأيام التى تشهدها مصر حاليا تشبه تلك الأيام.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 09/12/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com