أقر البرلمان مساء الأربعاء، مشروع قانون الانتخاب، بدون بنود خلافية كانت موضع انتقاد من قبل النواب حول مصير النواب الذين يغيرون انتماءاتهم السياسية، وكذلك شروط ترشح الوزراء للانتخابات النيابية.
هذا القرار جاء بعد صراع داخل البرلمان خلال النقاشات -التى بدأت فى أكتوبر الماضى، حول هذا البند الذى أقرته الحكومة- اعترضت الأكثرية الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة على البند الذى ينص على إقالة أى نائب يغير خلال ولاية البرلمان حزبه السياسى لينضم إلى حزب آخر.
وقد صوتت جبهة التحرير الوطنى والتجمع الوطنى الديمقراطى -الذى يتزعمه رئيس الحكومة- أحمد أويحيى لإلغاء هذا البند. وفى المقابل، صوت نواب حزب العمال ونواب حزب الإصلاح وحزب النهضة (إسلاميان) مع إبقاء هذا البند.
ومن المقرر أن تقر الحكومة الجزائرية حزمة الإصلاحات قبل نهاية يناير القادم، أى مع انتهاء دورة الخريف البرلمانية، التى ستكون آخر دورة للبرلمان الحالى قبل الانتخابات التشريعية المقررة فى ربيع 2012 والتى ستكون بوبابة لصراع جديد حول الرئاسة خاصة مع الأنباء المستمرة عن مرض بوتفليقة.
ورغم أن الانتخابات الرئاسية فى الجزائر محدد لها عام 2014، إلا أن مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فتح باب التكهنات والتوقعات حول قائد مرحلة ما بعد بوتفليقة، وتدور رحى تلك التوقعات بالأساس حول سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر للرئيس الجزائرى، فى ظل حديث عن ثمة صفقة بينه وبين الإدارة الأمريكية لتمكينه من كرسى الحكم، إلا أن رفضا شعبيا يسود الشارع الجزائرى الذى أعلن منذ البداية رفضه فكرة التوريث.
وكشفت تصريحات أدلى بها عميل الاستخبارات الجزائرية السابق كريم مولاى لموقع "قدس برس" عن تلك الموجة من التكهنات، حينما قال إن هناك تحالفا بين الإدارة الأمريكية والسعيد بوتفليقة، بدأ تنفيذ بنوده على الأرض لتحديد معالم المرحلة المقبلة، خاصة بعدما قال الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إن حالته الصحية ليست على ما يرام، وأن الأنباء متضاربة عن سفره للعلاج فى أحد الدول الأوروبية ليست من بينها فرنسا.
وبالرغم من أن السعيد بوتفليقة لا يحظى بدعم من الشعب الجزائرى ودائما ما يقترن اسمه بانتشار الفساد فى الحكم، وربما اعتبر البعض أنه يهدد حكم أخيه إلا أنه يعرف بأنه رجل الظل فى الحكومة الجزائرية وأنه المحرك الأساسى للعديد من الأمور فى البلاد، لكنه سيواجه تحدى حقيقى من الشارع الجزائرى الذى يرفض فكرة توريث الحكم.
وإذا خرجنا من نطاق مسألة التوريث نجد أن هناك بعض الشخصيات التى قد تسعى للوصول إلى كرسى الحكم فى الجزائر بعد بوتفليقة، ويأتى على رأسهم عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى، الذى وصف بأنه الذراع اليمنى للرئيس بوتفليقة، وسعى بلخادم خلال الفترة الماضية وبمجرد الإعلان عن إجراء إصلاحات سياسية فى الجزائر لإبداء مرونة فى دعوته للإصلاح، كما أنه أظهر تراجع فى دعمه لبوتفليقة حينما قال إن الحديث عن ترشح بوتفليقة لفترة رئاسية جديدة سابق لأوانه.
ويأتى إلى جانب بلخادم رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذى وصف فى بعض المواقع الجزائرية بأنه مرشح المؤسسة العسكرية والضباط الجدد مع جزء كبير من رجال المخابرات، مؤكدين أنه يحظى بدعم قوى منهم يجعله المرشح المنافس للسعيد بوتفليقة، كما أن أويحيى لم ينف نيته للترشح للرئاسة، حيث قال فى تصريحات صحفية سابقة حينما سئل عن نيته للترشح، بالتذكير بتعليق الرئيس الفرنسى الأسبق، فاليرى جيسكار ديستان، الذى أجاب عن ذات الموضوع. قائلا إن ترشحه للرئاسة عام 1974 كان مجرد "التقاء إنسان مع قدره".
وقال أويحيى إن مثل هذا الرد الذى أتى من مسيحى سيكون له مغزى أكبر عندما يصدر من مسلم، مشيرا إلى أن المسلم فى المجتمعات العربية المسلمة شديد الارتباط بمفهوم "المكتوب أو القدر"، هذا بالإضافة إلى أنه قال فيما قبل فى تعليق على بقاء بوتفليقة فى الحكم أن "لا أحد يمكنه البقاء فى رئاسة الجمهورية مدى الحياة".
وإلى جانبهم يظهر الأخضر الإبراهيمى الدبلوماسى والأممى المخضرم والذى كثر الحديث عن ترشحه للحكم بعد بوتفليقة، وهو أكثر الشخصيات التى يحظى باحترام وتقدير من قبل الشعب الجزائرى، وبالرغم من إعلانه عدم نيته للترشح للحكم إلا أن البعض اعتبر أنه واحد من المنافسين على الحكم فى الجزائر.
ومن جهة أخرى يحاول الإسلاميون فى الجزائر الدخول فى منطقة الصراع على السلطة، وبالرغم من أن الدستور الجزائرى يمنع وصولهم إلى الحكم، إلا أن الحديث عن تعديلات دستورية مرتقبة أو دستور جديد يسمح لهم بمشاركة سياسية أوسع يجدد الأمل لديهم، ويتضح ذلك فى تصريحات ابو جرة السلطانى رئيس حركة مجتمع السلم الجزائرية المحسوبة على حركة الإخوان المسلمين التى دعا فيها إلى تشكيل تحالف سياسى واسع بين الأحزاب من أجل إنجاح الإصلاحات السياسية التى أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ عدة شهور.