كفاكم جنة يا آل عناني


إن أخبار المجاهدين في سبيل الله لهي محببة للقلب مبهجة للنفس تسر لها الأسماع وتفرح لها الأمة فبقاء أخبارهم دليل على حياة هذه الأمة ووجود الروح فيها فإن الميت لا حراك له والمستسلم لا صوت له , ولكن غالبية من يتحدث عن المجاهدين يركز الكلام على المجاهدين الأولين من الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة ويهمل أو ينسى أو لا يجد أخباراً عن المجاهدين الآخرين الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والبذل فكم من مجاهد وشهيد في ربوع فلسطين وجبال أفغانستان وسهول الشيشان وأودية البوسنة كلهم سطروا صفحات مجد لهذه الأمة , وأيضاً كانوا لنا وقاية وستراً من عذاب الله وسؤاله يوم القيامة لأنهم أنابوا عن الأمة في القيام بواجب الجهاد ونصرة الدين ونحن ها هنا نذكر بموقف بعض المجاهدين الآخرين الذين طوت الأرض أجسادهم الطاهرة ولكن لم تطو أخبارهم عن ذاكرة الأمة أبداً .
عندما فتح باب التطوع للجهاد في سبيل الله بأرض فلسطين ضد الكيان الصهيوني كان الإخوان المسلمون بمصر أكثر الناس استجابة لداعي الجهاد , وكان المركز العام للإخوان ببولاق فدب فيه النشاط لتنظيم كتائب المجاهدين وكلفت باستقبال أفواج متطوعي الجهاد وتسجيل الأسماء في كشوف وخلال الأسبوع الأول تقدم أكثر من عشرة آلاف متطوع وكان الأستاذ حسن البنا رحمه الله المرشد العام للحركة قد وضع شروطاً للتطوع وهي :
1- ألا يقل للتطوع إلا الشباب غير المتزوج .
2- ألا يكون المتطوع مسئولاً عن أسرة يعولها .
3- ألا يقبل من الأسرة إلا فرد واحد .
وفي أحد الأيام جاء المجاهد 'محمد حسن عناني' وملأ استمارة التطوع وقبل تطوعه وبعد قليل جاء أخوه 'عبد الوكيل' للتطوع بأخبره المشرف بالشروط ورجاه أن يؤجل تطوعه فانصرف عبد الوكيل وهو يبكي والمشرف في أشد التأثر فلقد كان يعلم عبد الوكيل جيداً فهو إمام أحد المساجد ومشهور بحسن تلاوته وحفظه لكتاب الله .
بعد أيام جاء الأستاذ 'حسن عناني' للمرشد العام وهو في قمة الانفعال ولكن لماذا ؟؟ كان انفعاله بسبب عدم قبول بانه عبد الوكيل في صفوف المجاهدين وقال للمرشد العام بحدة 'أتمنى أن يكون لي شهيدان في الجنة' وأصر إصراراً عجيباً على انضمام ولديه 'محمد وعبد الوكيل' في صفوف المجاهدين .
وأمام هذا الإصرار وافق المرشد العام على انضمام الأخين وألحقهما بكتيبة واحدة علماً بأن الأخين يساعدان أبيهما في المعيشة فماذا جرى بعد ذلك ؟
انضم الشابان لصفوف المجاهدين ودخلا عدة معارك ضارية مع الصهاينة حتى جاءت معركة كفار ديروم سنة 1948م ويستبسل محمد وعبد الوكيل في قتال الكفار حتى يشاء العلي القدير أن يحقق أمنية الأب فيلقى محمد ثم عبد الوكيل الشهادة في نفس المعركة فتطوعا سوياً ونالا الشهادة سوياً , فماذا فعل الأب عندما علم بخبر استشهاد ولديه ؟؟ ما كان منه إلا أن جاء في اليوم التالي للمركز العام بصحبة ابنه الثالث 'عبد الله' وقدمه للمرشد العام ليلتحق بصفوف المجاهدين ليجاهد مثل أخواه , ثم توجه بالسؤال قائلاً :' كيف استشهد محمد وعبد الوكيل ؟؟؟ وهل أبليا بلاء حسناً في القتال ؟ وهل استشهدا مقبلين أم مدبرين ؟ فلم عرف كيفية استشهادهم قال :الحمد لله أن وهبنا الله شفعاء لنا يوم القيامة' . وألح على المرشد العام أن يقبل ابنه الثالث مجاهداً في سبيل الله وعندها قال له الأستاذ حسن البنا وهو يبكي 'كفاكم جنة يا آل عناني' .



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 25/10/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com