استمرت صحف عربية في مناقشة سقوط كابل في أيدي حركة طالبان وسط انتقادات كثيرة للإدارة الأمريكية.
وعكست مقالات الكتاب ارتفاع نبرة المعاداة للسياسة الأمريكية في المنطقة، وذهب البعض إلى القول إن "أمريكا لم تعد شرطي العالم"، وإن الهيمنة الأمريكية على العالم دخلت مرحلة "الشيخوخة".
يذهب جميل مطر في صحيفة الأيام الفلسطينية إلى أن "النموذج الأمريكي في مهب الريح" وأن "أمريكا، الامبراطورية بكل معانى هذه الكلمة، دخلت طريق الانحدار".
يقول مطر إن قرار الانسحاب "ناجح وله ما يبرره، أما التنفيذ ففاشل وليس هناك ما يبرره إلا واقع الانحدار الأمريكي بصفة عامة. تنفيذ الخروج من فيتنام كان فاشلاً وتنفيذ العقوبات على دول كثيرة فاشل والسياسات تجاه الشرق الأوسط وتجاه أوروبا أثمرت فشلاً في ذيل فشل".ويضيف الكاتب: "قرارات جيدة صدرت في شأن الدفاع عن الديمقراطية فشلت عن تنفيذها. أمريكا نفسها تئن تحت فشل معالجة المسألة العنصرية وتحت القلق على مصير الديمقراطية في أمريكا نفسها".ويوجه محمد مفتي في صحيفة عكاظ السعودية اللوم للإدارة الأمريكية، ويقول إن "المتتبع لسياسة الحكومة الأمريكية يدرك تماماً بأنها لا تعرف إلا لغة المصالح، وكل التصريحات التي يدلي بها ساستها ليست أكثر من وعود كاذبة وشعارات براقة، وقد دأبت الحكومات الأمريكية على استخدام حلفائها واستنزافهم لآخر قطرة ثم تقديمهم بعد ذلك لقمة سائغة لخصومهم".
ويتحدث محمد السعيد إدريس في الصحيفة ذاتها عن الفشل الأمريكي في أفغانستان، قائلاً: "لم يأبه الرئيس الأمريكي بمشاهد الآلاف من الصبيان والفتيان والرجال الأفغان وهم يحاولون تسلق إحدى الطائرات الأمريكية في مطار كابل أملاً في الهروب من مصير غامض. وهكذا تترك أمريكا كل شيء أو اللا شيء وتنسحب".
ويرى إدريس أن هذا القرار سيؤثر على "ثقة حلفاء واشنطن في زعامتها. وحتماً سيعاود الأوروبيون مراجعة تحالفهم الأطلسي مع الولايات المتحدة ويعودون لإعطاء أولوية لتأسيس الهوية الأمنية الأوروبية المستقلة بعيداً عن حلف شمال الأطلسي وتأسيس مشروع سياسي أوروبي مستقل".
ويضيف الكاتب: "الخطر نفسه يمتد إلى حلفاء أمريكا الكبار في آسيا: اليابان، وأستراليا، وكوريا الجنوبية وكلها تداعيات تؤكد أن الولايات المتحدة باتت مطالبة بدفع أثمان مرحلة ما بعد الانسحاب من أفغانستان".
ويتفق عمر عياصرة مع هذا الرأي، ويقول في صحيفة السبيل الأردنية: "من يراقب ما جرى في مطار كابل يدرك تماما أن أمريكا لم تعد شرطي العالم، وأن ثمة تغيرات سيكون لها وقعها بعد هذا الحدث الكبير".
ويشير مشاري الذايدي في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية إلى أن "يوم كابل" هو مشهد السقوط الأمريكي.
ويقول: "الذين سقطوا من السماء الأفغانية، من أرجل الطائرات العسكرية الأمريكية، هم عنوان المأساة الأمريكية 'البايدنية '. صور ومناظر مطار كابل، تجاوزت في بشاعتها ورعبها وقرفها، صوراً عديدة صارت أيقونات للحروب، مثل صورة فتاة النابالم الفيتنامية الشهيرة (كيم فوك) في حرب 1972 الأمريكية أيضاً".
ويضيف الزايدي: "لن يغفر التاريخ ولن تنسَ الذاكرة العالمية مشاهد البؤس واليأس والجبن واللؤم التي جرت على أرض مطار كابل ... وربما اختصر تاريخ هذه الإدارة بيوم كابل".
ويرى محمد فرج في صحيفة الميادين اللبنانية أن هذا الهروب الأمريكي من أفغانستان يشير إلى سقطتها في المنطقة وإلى ظهور بدائل لها.
يقول فرج: "ما لحق بالولايات المتحدة الأمريكية من هزيمة في أفغانستان هو الانهيار الكامل لجبل الجليد، مشاهد الطائرة الأمريكية المحمّلة بالجنود لا تجد وجهة لها إلا واشنطن، فأفغانستان كانت المحطة الأخيرة بعد تفكيك خواصر الدعم في أوزبكستان وقرغيزيا".
ويضيف الكاتب: "في نظرة الجنود من الجو، تظهر جغرافيا إيران الهادئة، وممرات الصين القادمة، وثبات القوة البرية الروسية في مجالها الحيوي، ولسان حالهم يقول: "قلب العالم ليس أمريكيا".
ويتحدث أسامة أبو ارشيد في صحيفة العربي الجديد اللندنية عن "أعراض الشيخوخة الأمريكية"، ويقول: "تعاني الولايات المتحدة اليوم من عجز في القدرة على تطوير رؤية ومشروع طموحين لمكانتها العالمية، وكذلك من غياب طراز من القيادات التاريخية في الحزبين الحاكمين. إنها دورة الزمان التي خضعت لها إمبراطوريات سابقة، وتسبّبت في شيخوختها ثمَّ انهيارها".
ويضيف أبو ارشيد: "في العقدين الأخيرين، كل شيء في أمريكا مسيّس بطريقة فظّة لا تراعي، في أحيانٍ كثيرة، مصالح البلاد".
وينتقد سامح المحاريق في صحيفة القدس العربي اللندنية الولايات المتحدة، معتبرًا أن "للفشل الأمريكي عناوين كثيرة، أهمها داخليًا، فمرة أخرى يخرج الأمريكيون من غير تحقيق أي أهداف بعيدة المدى، والسياسة الخارجية الأمريكية أصبحت عبئا على أمريكا المحملة بمشكلاتها الداخلية، خاصة بعد فترة رئاسة ترامب الصاخبة".
ويقول المحاريق: "ما فعلته طالبان يؤثر بصورة بالغة في السطوة الأمريكية. الحروب الأمريكية لا يمكن حسمها من الجو وبالقوة الصاروخية، فالأرض واسعة ومليئة بالتفاصيل، وأي انتصار أمريكي سيبقى هشًا في جميع الأحوال، لأنه لا يسعى إلى تحقيق أي تغيير جذري، ولا ينصرف إلى البحث عن حلول وتسويات للمشكلات القائمة".
ويضيف الكاتب: "وفي أفغانستان استعرضت أمريكا قوتها في التدمير، بينما كانت البلاد تحتاج عملية بناء، وهو أمر لا يتقنه الأمريكيون ولا يهتمون به، ولا يوجد أصلاً في ثقافتهم الانتهازية (اضرب واهرب Hit and Run)".