الحمد لله الذي جعل بعد الشدة فرجاً ، ومن الضر والضيق سعة ومخرجاً ، ولم يخل محنة من منحة ، ولا نقمة من نعمة ، ولا نكبة ورزية من موهبة وعطية ، الحمد لله الصبور الشكور ، العليم القدير الذي شملت قدرته كل مخلوق ، وجرت مشيئته في خلقه بتصريف الأمور ، وأسمعت دعوته لليوم الموعود أصحاب القبور ، قدر مقادير الخلائق وآجالهم ، وكتب آثارهم وأعمالهم ، فكل عسير عليه يسير ، وهو المولى النصير فنعم المولى ونعم النصير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من بريته وصفوته من خليقته . تحمل من مرضاته ما لم يتحمله بشر سواه ، وقام لله بالصبر والشكر حق القيام حتى بلغ رضاه . فثبت في مقام الصبر حتى لم يلحقه أحد من الصابرين ، أصلي وأسلم عليه ما دامت السموات والأرض ، وعلى آل بيته الأطهار وأصحابه الأخيار الصابرين في السراء والضراء.
أما بعد
فإني لما رأيت أبناء أمتي في هذه الدنيا متقلبين فيها بين خير وشر ، ونفع وضر ، فلم أرى لهم في أيام الرخاء أنفع من الشكر والثناء ، ولا في أيام البلاء أنجح من الصبر والدعاء ، لأن من جعل الله عمره أطول من عمر محنته فإنه يكشفها عنه بتطوله ورأفته ، فيصير ما هو فيه من الأذى ، فطوبي لمن وفق في الحالين للقيام بالواجبين.
صدق الشافعي حين قال أن الدهر يومان
الدهر يومان ذا أمن وذا خطر . والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر
أما ترى.... البحر تعلو فوقه جيف . وتستقر بأقصى قاعه الدرر
وفي السماء نجوم لا عداد لها . وليس يكسف إلا الشمس والقمر
وقال : أرى حمراً ترعى وتعلف ما تهوى. وأسداً جياعاً تظمأ الدهر لا تروى وأشراف قوم لا ينالون قوتهم . وقوما لئاما تأكل المن والسلوى ،قضاء لديان الخلائق سابق . وليس على مر القضا أحد يقوى .فمن عرف الدهر الخؤون وصرفه . تصبر للبلوى ولم يظهر الشكوى
الابتلاء سنة كونية
سنة الابتلاء سنة كونية والعلة منها ، التمحيص حتى يعلم الله المؤمنين ويعلم المنافقين ويعلم الصابرين ويكون لتمحيص الصف المسلم و تنقيته من الدَغَل و الدَخَل و الدُخلاء ، وقد يكون قصاصاً في الدنيا مما تقترفه أيدي العباد ، و جزاءً لهم بالسيئة على السيئة رفعاً للدرجات ، أو وضعاً للآصار و تكفيراً للخطايا و السيئات. والابتلاء عام على العباد لا ينجو منه أحد و لو نجى من هذا الابتلاء أحد لنجى منه الأنبياء و المرسلون ، و من تابعهم من الأولياء و الصالحين ، وما ادعى أحدٌ إيماناً بالله و رسوله إلا كان له نصيب من الابتلاء.
الابتلاء لغة: للبلاء في اللغة معان أشهرها أولاً : الإنعام ، و هو بذل النعمة للغير ، كما في قوله تعالى : ( إن هذا لهو البلاء المبين ) أي النعمة الظاهرة ؛ يقال : أبلاه الله إبلاء و بلاء إذا أنعم عليه . و قد يقال بلاه ، كما قال زهير :فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو، أي : صَنَع بهما خيرَ الصَّنِيع الذي يَبْلُو به عباده .
ثانياً : الاختبار و الامتحان بالخير أو الشر ، كما في قوله تعالى : ( و نبلوكم بالشر و الخير فتنة ) الأنبياء : 35 ، أي اختباراً و امتحاناً ،
يُقال : بلاه يبلوه إذا اختبره ، و لا يقال من الاختبار إلا بلاه يبلوه.
الابتلاءاصطلاحًا: تتطابق دلالات الابتلاءاللغوية مع معانيها الشرعية ،فمااحتوته اللغة من دلالا تتضمنته ،معاني الآيات ،قال شيخ المفسرين ،أبوجعفرالطبري: وأصل البلاء في كلام العرب: الامتحان والاختبار ،ثم يستعمل في الخيروالشر ؛لأن الامتحان والاختبارقديكون بالخيركمايكون بالشر.
الابتلاء في القرآن الكريم
قال تعالى : {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَ الأَنْفُسِ وَ الثَّمَرَاتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ } البقرة : 155 .
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } البقرة : 214 .
قال تعالى : {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } البقرة : 142 .
وقال تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَ لَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَ لَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ لا رَسُولِهِ وَ لا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } التوبة : 16 .
قال تعالى : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَ أَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } الأنفال : 28
قال تعالى : {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَ كَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } الفرقان : 20 .
وقال تعالى : (ألم،أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ ، وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } العنكبوت : 1- 3 .
وقال تعالى : {ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُـجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَ الصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } محمد : 31] .
الابتلاء في السنة النبوية
1-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: (من يُرد الله به خيرًا، يُصب منه) رواه البخاري.
معنى يُصِب منه: ، أن الله يُقدِّر عليه المصائب حتى يَبتليه بها ؛ أيصبر أم يَضجَر
2-وعن عائشة قالت: قال رسول الله : ( ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفَّر الله بها عنه ، حتى الشوكة يُشاكها ) رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام المناوي: ( ما من مصيبة ) أي : نازلة ، و( إلا كفر اللّه بها عنه) ذنوبه أي محي خطيئاته بمقابلتها ( حتى الشوكة يشاكها) أي : حتى الشوكة يشاك المسلم بتلك الشوكة أي يجرح بشوكة ،و الدليل على أنها المرة من المصدر جعلها غاية للمصائب
3-وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله قال : ( ما يصيب المسلم من هم و لا غم و لا نصب و لا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري ومسلم
قال الإمام الغزالي : قال عيسى عليه السلام : لا يكون عالماً من لم يفرح بدخول المصائب و الأمراض عليه لما يرجوه من ذلك من كفارة خطاياه .
4- وعن خبّاب بن الأرتّ قال : شكونا إلى رسول الله و هو متوسد بُردةً له في ظل الكعبة ، فقلنا : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو لنا ؟ فقال : ( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، ثم يجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، و يمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه و عَظمِه ، فما يصده ذلك عن دينه .. و الله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء حتى حضر موت لا يخاف إلا الله و الذئب على غنمه ، و لكنكم تستعجلون ) رواه البخاري .
الصبر والرضا على الابتلاء
أما الصبر على الابتلاء ، فالأصل فيه قول الله عز وجل : (اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) آل عمران : 200
وقال تعالى : (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )البقرة 156
وقال تعالى : (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} البقرة : 177.
وقال تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} آل عمران : 146،
وقال تعالى : {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} الأنفال : 46.
وقال تعالى : {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} النحل : 96
وقال تعالى : {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} الزمر : 10
وقال تعالى : {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} البقرة 155
وقال تعالى : {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} الإنسان : 12.
وقال تعالى : {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاة} البقرة : 153
1-وعن صهيب بن سنان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) رواه مسلم
2-وعنْ أنسٍ رضي اللهُ عنْهُ قال :مرالنبيُ صلى اللهُ عليْه وسلم بامْرأةٍ تبْكي عنْد قبْرٍ فقال :«اتقي الله واصْبري »فقالتْ : إليْك عني ، فإنك لمْ تُصبْ بمصيبتيولمْ تعْرفْهُ ، فقيل لها : إنه النبيُ صلى اللهُ عليْه وسلم ، فأتتْ باب النبي صلىاللهُ عليْه وسلم ، فلمْ تجدالحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين »متفق عليه.
3-وعنْ عطاء بْن أبي رباحٍ قال :قال لي ابْنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهُما ألا أريك امْرأة من أهْلالجنة ؟ فقُلت : بلى ، قال : هذه المْرأةُ السوْداءُ أتت النبي صلى اللهُ عليْهوسلم فقالتْ : إني أُصْرعُ ، وإني أتكشفُ ، فادْعُ الله تعالى لي قال :« إن شئْت صبرْت ولكالْجنةُ ، وإنْ شئْت دعوْتُ الله تعالى أنْ يُعافيك »فقالتْ : أصْبرُ ، فقالت : إني أتكشفُ ، فادْعُالله أنْ لا أتكشف ، فدعا لها . (متفق عليْه
4-وعن أنس عن النبيُ صلى اللهُ عليْه وسلم قال: (إن عظم الْجزاء مع عظم الْبلاء ، وإن الله تعالىإذا أحب قوما ابتلاهُمْ ، فمنْ رضي فلهُ الرضا ، ومنْ سخط فلهُ السُخْطُ) رواه الترمذي وقال : حديث حسن
قيل عن الصبر
فالصبر كما قيل هو تجرع المرارة من غير تعبيس ، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، وهو التباعد عن المخالفات والسكون عند تجرع غصص اللبلية ، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحة المعيشة ، وهو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب ، وهو الفناء في البلوى بلا ظهور شكوى ، وهو المقام مع البلاء بحسن الصحة ، كالمقام مع العافية ، وهو ترك الشكوى ، والاستكانة والاستعاذة بالله عز وجل ، وألا يفرق بين حال النعمة والمحنة مع سكون الخطر فيهما ، والتصبر هو السكون مع البلاء مع وجدان أثقال المحنة.
الفرج بعد الشدة
قال تعالى : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَالله لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ، وَلِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) آل عمران : 139 – 142
وقال تعالى : (قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، قُلِ اللَّـهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ ) الأنعام : 63-64
وقال تعالى : (وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ) الصافات : 76
وقال تعالى : (وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعظيم) الأنبياء : 76
وقال تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) الشرح : 5-6
مع الصالحين في كشف الكرب
لقدحدث للحسن البصري أيام الحجاج أمر جلل لكن الله يدافع عن الذين آمنوا فلقد دخل الحسن البصري على الحجاج واسط فرأى بناءه فقال:
" الحمد لله ان هؤلاء الملوك ليرون في أنفسهم عبرا، وانا لنرى فيهم عبرا، يعمد أحدهم إلى قصر فيشيده، وفرس فيتخذه ، وقد حف به ذباب طمع وفراش نار.
ثم يقول ألا فانظروا ما صنعت فقد رأينا يا عدو والله ما صنعت، فماذا يا أفسق الفاسقين، أما أهل السماء فمقتوك، وأما أهل الأرض فلعنوك، ثم خرج وهو يقول: إنما أخذ الله الميثاق على العلماء ليبيننه للناس ولا يكتمونه.
فتغيظ الحجاج عليه غيظا شديدا وقال يا أهل الشام: هذا عبيد أهل البصرة، يدخل على فيشتمني في وجهي فلا يكون له مغير ولا نكير والله لأقتلنه، فمضى أهل الشام إلى الحسن فحملوه إلى الحجاج وعرف الحسن ما قاله، فكان طول طريقه يحرك شفتيه.فلما دخل وجد السيف
النطع بين يدي الحجاج وهو متغيظ، فلما رآه الحجاج كلمه بكلام غليظ فرفق به الحسن ووعظه، فأمر الحجاج بالسيف والنطع فرفعا ولم يزل الحسن يمر في كلامه حتى دعا الحجاج بالطعام فأكلا، وبالوضوء فتوضأ، وبالغالية فغلفه بيده وصرفه مكرما.
قال صالح بن مسمار: فقيل للحسن بم كنت تحرك شفتيك؟ قال قلت: يا غياثي عند دعوتي، ويا عدتي في ملتي، ويا ربى عند كربتي، ويا صاحبيفي شدتي، ويا ولي في نعمتي، ويا إلهي وإله إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق،ويعقوب، والأسباط، وموسى، وعيسى، ويا رب النبيين كلهم أجمعين، ويا رب كهيعص، وطه، وطس، ويس، ويا رب القرآن الكريم، صل على محمد وآله الطيبين الطاهرين، وارزقني مودة عبدك الحجاج وخيره ومعروفه، واصرف عنى أذاه وشره ومكروهه ومعرته، قال صالح: فما دعونا بها في شدة إلا فرج عنا
وأخيراً
لا تحزنوا يا من اشتد عليكم الكرب والضيق والضنك من أبناء أمتى الإسلامية ، في مشارق الأرض ومغاربها ، فاعلموا بأن هناك رب لا تأخذه سنة ولا نوم ، إله عظيم قادر قوي جبار سوف يحكم بين العباد في يوم الميعاد . وهو القائل سبحانه وتعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} الزلزلة: 7 – 8 .
والقائل سبحانه وتعالى : (يٰبُنَىَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ أَوْ فِى ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ} لقمان: 16.
اللهم ! رحمتك أرجو, فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين, وأصلح ليشأني كله, لا إله إلا أنت ، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنتتجعل الحزن إذا شئت سهلاً ، اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والجبنوالبخل ، وضلع الدين ، وغلبة الرجال ، لا إله إلا الله العليم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرشالعظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم .
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين