موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || معاهدة السلام بين مصر و"إسرائيل" ... إلى أين؟
اسم المقالة : معاهدة السلام بين مصر و"إسرائيل" ... إلى أين؟
كاتب المقالة : آب جيروسليم/ توداي زمان ترجمة: رشا عبد المنعم

... الهجوم على الحدود المصرية الخميس الماضي والتي أسفر عن مقتل ما يقرب من ستة جنود مصريين - وضع معاهدة السلام (كامب ديفيد) بين مصر و"إسرائيل" بين شقي الرحى، إلى أين سيؤدي هذا الهجوم؟ قدمت "إسرائيل" اعتذارًا نادرًا ما يحدث من الدولة الصهيونية التي لا تعتذر، فقد تنازلت هذه المرة وقدمت اعتذارًا للسفير المصري في "إسرائيل" عن مقتل الجنود المصريين على الحدود المصرية بعدما هددت مصر بسحب سفيرها من تل أبيب.

هجوم الخميس فجَّر أزمةً جديدةً من العنف "الإسرائيلي" الفلسطيني، فجاءت الغارات الجوية "الإسرائيلية" على قطاع غزة ردًّا على الهجمات الفلسطينية التي وقعت في إيلات وهو ما توعد به وزير الدفاع الصهيوني "ايهود باراك" بأن الرد سيكون عنيفًا على قطاع غزة، وهو ما نراه يحدث حتى الآن وسقوط ما يزيد عن 20 شهيدًا فلسطينيًّا.

"إسرائيل" تأسف لما حدث على الحدود المصرية، وتعتذر عن مقتل الجنود المصريين أثناء مطاردة العناصر المسلحة التي نفذت الهجوم جنوب "إسرائيل" كان هذا هو الاعتذار التي قدمه وزير الدفاع الصهيوني بعد التهديد المصري بسحب السفير المصري من "إسرائيل"... ولكن هذا الاعتذار لم يكن كافيًا للشعب المصري الذي نراه اليوم معتصمًا أمام السفارة "الإسرائيلية" بالقاهرة يطالب بطرد السفير "الإسرائيلي" من مصر وسحب السفير المصري من تل أبيب ردًّا على مقتل الجنود المصريين من قبل جنود الاحتلال "الإسرائيلي".

ولكن كان رد فعل الحكومة المصرية أكثر دبلوماسيةً مما يريده الشعب، فرحبت بالاعتذار التي قدمته "إسرائيل"، ووفقًا للوضع الحالي في مصر وامتلاك الجيش المصري حماية البلاد داخليًّا وخارجيًّا وسحب السفراء سيؤدي بدوره إلى أزمةٍ دبلوماسيةٍ بين البلدين ولن يحتمل الجيش المصري الاهتمام بالجهتين الداخلية والخارجية حاليًا، ولكن رغم هذا الترحيب من الحكومة إلا انها لا تعتبر هذا الاعتذار كافيًا، وأكدت أن مصر تجدد التزامها بالمعاهدة حتى الآن...

الاعتذار "الإسرائيلي" هو تحرك سريع من "إسرائيل" كمحاولة منها لاحتواء الأضرار التي أخلفت خللاً في العلاقات المصرية و"الإسرائيلية"، وكان التهديد المصري إجراءًا دبلوماسيًّا وضع "إسرائيل" في موقف لا تحسد عليه وهو ما دفعها إلى الاعتذار عن دخول "إسرائيل" الحدود المصرية وقتل مصريين وهو ما يعد انتهاكًا لمعاهدة السلام بين البلدين.

والجدير بالملاحظة أنه قبل الاشتباكات التي وقعت يوم الخميس منذ أن ظهرت قوة الشعب المصري على فعل ما يريد وهو ما بدا في الثورة المصرية التي أزاحت الستار عن المشاعر الفياضة المناهضة للدولة الصهيونية، وكشفت هذه الثورة مدى رفض الشعب المصري لمعاهدة السلام(كامب ديفيد) بين مصر و"إسرائيل"، وهو ما زاد قلق "إسرائيل" بشأن عدم الاستقرار  في مصر بعد مبارك.

ورغم أن المجلس العسكري المصري أعرب عن التزامه بكافة المعاهدات بين البلدين  ولا سيما معاهدة السلام، إلا أن "إسرائيل" تتابع الوضع في مصر عن كثب بحثًا عن أية إشارات حول استجابة المجلس العسكري لهذه المشاعر المناهضة لـ"إسرائيل"، وتخوفها من أن ينأوا بأنفسهم عن الدولة الصهيونية.

ما حدث في مصر هو انتقال من الفوضى والجمود إلى الديمقراطية، فاليوم بعد الثورة المصرية نجد الجماعات الإسلامية تحت حكم مبارك مقيدةً بإحكام... ولكن اليوم بعد مبارك أصبح لهم دور أكثر قوةً في مصر الحديثة، وهو ما يفزع الكيان الصهيوني.

وكان الشعب المصري يرى في مبارك الابن المدلل لـ"إسرائيل"، وكانت اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي إلى "إسرائيل" هي السبب الأساسي الذي جعل الشعب يتأكد من حماية مبارك لـ"إسرائيل"، وكانت من الأسباب الأساسية لقيام الثورة المصرية والإطاحة بالنظام السابق.

"إسرائيل" كانت ترى "مبارك" شخصًا موثوقًا به وحليفًا قويًّا لها؛ فهو كان أكثر التزامًا بمعاهدة السلام أكثر من "إسرائيل"، فكان نظام مبارك هو اللاعب الأساسي  في خيبة الأمل التي أصابت الشعب العربي والشعب الفلسطيني بسبب عدم التمكن من التوصل لاتفاق المصالحة بين الفصيلين الفلسطينيين .

ونجد هناك تضاربًا في الأقاويل حول كيفية مقتل الجنود المصريين؛ فمصر قالت: إن الجنود المصريين قُتلوا عن طريق الغارات الجوية "الإسرائيلية"، أما عن "إسرائيل" فقد كانت أقاويلها متضاربةً، وأحد هذه الأقاويل تروي أن الجنود المصريين قُتلوا أثناء تبادل إطلاق النار بين جنود الاحتلال الصهيوني والمسلحين الفلسطينيين على طول الحدود مع مصر.

اليوم نشاهد القضايا العربية "الإسرائيلية" أصبحت أكثر ترابطًا مما كانت عليه في السابق. فمصر منذ عقود وهي تتوسط للسلام بين فلسطين و"إسرائيل"، وفي السنوات الأخيرة كانت مصر تتوسط للمصالحة بين فتح وحماس.

و"إسرائيل" اليوم ترتعد من التصعيد المتزايد للنشاط الإسلامي المتشدد في سيناء منذ سقوط مبارك، مؤخرًا نقلت القوات المسلحة المصرية عددًا كبيرًا من قواتها إلى سيناء كجزءٍ من عملية عسكرية ضد مسلحين تابعين للقاعدة الذين تزايد عددهم ونشاطهم مؤخرًا في سيناء بعد تنحي مبارك.

تاريخ الاضافة: 15/09/2011
طباعة