موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || 36 عاماً على "كامب ديفيد": إسرائيل لم تعد عدواً
اسم الخبر : 36 عاماً على "كامب ديفيد": إسرائيل لم تعد عدواً


اتفاقية سلام، معاهدة، أو سمّها ما شئت. لم تجلب جديداً لمصر أو للقضيّة الفلسطينية، برغم مرور 36 عاماً على توقيعها. حُرّرت سيناء، لكنّها لا تزال أسيرة بنود الاتفاقية، التي تباينت وجهات نظر الحكام المصريين إليها، بعد مقتل الرئيس المصري أنور السادات.

يرى خبراء سياسيون واستراتيجيون مصريون، أنّ الاتفاقية غيّرت استراتيجيات مصر، خارجياً وداخلياً تجاه القضايا القوميّة، لكنّ الفترة الوحيدة التي شهدت تغيراً إزاء الاحتلال الإسرائيلي، انتهت بوصول عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة وتوّليه الحكم.

وفي سياق متّصل، يقول عضو الهيئة العليا في حزب "مصر القوية"، محمد المهندس إنّ "توقيع المعاهدة غيّر مسار مصر بشكل أو بآخر، بما يتعلق بانحيازاتها القوميّة والاجتماعيّة، إذ ابتعدت مصر عن القضايا القوميّة، وقلّ اهتمام الشعب بها، واستطاع السادات حينها، أن ينتقل من الاهتمام بقضايا الفقراء إلى مرحلة ما يسمى بالانفتاح الاقتصادي، الذي انتفع به مجموعة من رجال المال والأعمال على حساب الشعب".

ويشير إلى أنّ "الاتفاقية جعلت الدولة تتقبّل فكرة التنازل عن سيادتها الكاملة في سيناء، لناحية نشر الجنود والمعدّات العسكرية، وفرض قيود معينة فيها، ما تسبّب بخسارتنا مشاريع كثيرة في سيناء، وهذا أمر في منتهى الخطورة". ويصف مرحلة "كامب ديفيد" وما بعدها بـ"الكارثية"، مضيفاً: "توجّه الدولة المصريّة ما بعد "كامب ديفيد" كان يعتبر إسرائيل حليفاً، وظلّ الحال كذلك، ما عدا فترة وحيدة وهي ما بعد ثورة 25 يناير، حين اقتحم الثوار مبنى السفارة الإسرائيليّة في القاهرة، لكن للأسف انتهت تلك الأيام، وعدنا الآن إلى الفترة التي سبقت الثورة".
ولا يتعامل النظام الحالي مع إسرائيل، وفق المهندس، على أنّها "عدو". ويلفت إلى أنّ "السيسي كان يتحدث عنها حتى قبل توليه الرئاسة، على اعتبار أنّها دولة بيننا وبينها اتفاقيّة سلام، لتعود الدولة بذلك إلى وضعها التقليدي، الذي كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك".

من المسؤوليّة إلى الوساطة


وافق الخبير السياسي في جامعة دورام البريطانية، أحمد تهامي، على أنّ "الاتفاقية غيّرت التوجّه الاستراتيجي في مصر، وربطت السياسة الخارجيّة المصريّة بالملفّ الإسرائيلي، ليصبح دور مصر كأنّه مجرّد وسيط في الصراع، وليس مسؤولاً عن القضية الفلسطينيّة".

وفي ظلّ النظام الحالي، يعتبر تهامي أنّ الوضع تغيّر، إذ "أصبحت العلاقة أشبه بتحالف استراتيجي بين مصر وإسرائيل، يواجه قوى الإسلام السياسي، سواء التي تستخدم القوة، أو حركات المقاومة"، وهذا ما يصفه بـ"تحوّل كبير وخطير".

من جهته، يوضح رئيس منتدى الحوار الاستراتيجي، عادل سليمان، أنّ "ما تمّ توقيعه عام 1978، لم يكن معاهدة بل إطاراً لاتفاق، مهّد لمعاهدة السلام التي تمّ توقيعها في 25 مارس/آذار عام 1979، وهذا الإطار أيضاً لم ينفّذ منه سوى جزء صغير، يتعلّق بمصر وإسرائيل".

ويُعرب سليمان عن اعتقاده بأنّه "في النهاية، كامب ديفيد، كانت طريقاً لإنهاء أزمة القضيّة الفلسطينيّة، وإعادة الحقوق إلى لشعب الفلسطيني، وإقرار السلام في المنطقة، لكنّ القضية تزداد تعقيداً وتتضاءل وتضيع، وكلّ الطموحات التي تمّ الترويج لها، لم يحدث منها شيء، إلا إنهاء حالة الحرب بين مصر وإسرائيل". ويتابع: "حتّى أنّ مصر، لم تستفد شيئاً من تلك المعاهدة، ولم تستفد شيئاً من حالة السلام التي عاشتها".

ويشير سليمان إلى أنّ "الجميع في مصر، ما قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني، وما بعدها، وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، والنظام الحالي، كلّهم كان يعلن احترامه وتمسّكه بهذه المعاهدة، ولم يقل أحد إنّه سيلغي هذه المعاهدة، لكنّ الفرق الوحيد بين كل نظام هو مستوى التعامل".

ويتابع: "مبارك كان يتعامل مع إسرائيل بمستوى معين، فالمعاهدة لم تقل له مثلاً أن يبيع الغاز لإسرائيل، وفي عهد مرسي اختلف مستوى التعامل قليلاً، لكنّه لم ينقض المعاهدة وظلّ التنسيق الأمني قائماً بين البلدين، وما زالت القوى المتعدّدة الجنسيات موجودة في سيناء، ثم جاء السيسي ولم يتغيّر شيء أيضاً، وكل ما اختلف هو مستوى العلاقات"

تاريخ الاضافة: 19/09/2014
طباعة