( قاعــدة الأصـل بــراءة الذمــة )



الأصل براءة الذمة
معنى القاعدة:



تعريف الذمة:
لغة:
العهد والكفالة، وفي الحديث: المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم.
اصطلاحاً:
وصف يصير به الشخص أهلاً للإيجاب له وعليه.
والمراد ببراءتها هنا عدم إلزامها بالتكاليف الشرعية، أو الحقوق المالية.
فتفيد القاعدة بأنَّ الذمة بريئة غير مشغولة بحق من الحقوق، فلا تُشغل براءتها بمجرد الشك العارض، بل بيقين يرفع اليقين الأول، لذا فلا تشغل الذمة بمجرد شاهد واحد بل لابد من شغلها بشاهدين، أو يعضد الشاهد ما يقويه كيمين المدعي.
وعد بعض العلماء براءة الذمة أحد أدلة أصول الفقه، وتكون مرتبتها بعد القياس.


تنبيــــــه:
الأصل براءة الذمة قبل ثبوت التكليف، أو الإشغال، وأما إذا ثبت التكليف، أو الإشغال، فالأصل عدم البراءة.
وهذه القاعدة هي احد القواعد المندرجة تحت قاعدة: «الأصل بقاء ما كان على ماكان» والتي هي مندرجة تحت القاعدة الكبرى «اليقين لايزول بالشك»، وتفيد أن الذمة خلقت بريئة من أي تكليف أو إلزام، فما لم يرد دليل على الإشغال فلا تشغل.


دليل القاعدة:
1- قوله تعالى:( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون )


ووجه الدلالة من الآية:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما استغفر لعمه أبي طالب بعد موته على الشرك، وكذلك فعل المسلمون مع أقاربهم، أنزل الله تعالى النهي عن ذلك بقوله: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) فلما ندموا على فعلهم بين لهم تعالى أنه لا مؤاخذة عليهم في ذلك؛ لأنه وقع منهم قبل بيان منعه، فنفي الإضلال، دليل على براءة الذمة، وإنما تَرِدُ المؤاخذة، بعد إشغال الذمة، كما قال سبحانه( حتى يبين لهم ما يتقون).
2-قوله: لو يعطى الناس بدعواهم؛ لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، فدل الحديث على أنَّ ذمة المدعى عليه بريئة، حيث لم يقبل في شغلها مجرد شاهد واحد، مالم يعتضد بآخر، أو يمين المدعي لأنه لولا الحكم ببراءة الذمة، لادعى الناس على بعضهم حقوقاً موهومة، فالحكم ببراءة الذمة، وعدم شغلها بالشك، يقطع مثل تلك الدعاوَى المجردة.


من فروع القاعدة:
1-إذا صلى المصلي فرضَه باجتهاد، ولم يتبين له هل صلى في الوقت، أو قبله، فلا إعادة عليه؛ لأن الأصل براءة ذمته.
2-قبول قول الوكيل في عدم التفريط فيما تلف تحت يده؛ لأن الأصل براءة ذمته .
قبول قول القاتل الغائب العقل مع يمينه، بأنه كان حال قتله مجنوناً، لا سكراناً كما يدعي أولياء القتيل؛ لأنه أعرف بنفسه، والأصل براءة ذمته.
4-إذا ضرب ثديي صغيرة، ثم ولدت فلم ينـزل لها لبن، فإن قال أهل الخبرة: إنَّ اللبن ينقطع بغير جناية، لم يجب على الجاني أرشه؛ لأن الأصل براءة ذمته .
5- إذا وقع عدد من الناس في بئر يُغرق الواقع فيه، فماتوا جميعاً، ولم يُعلم أكان موتهم بسبب وقوع بعضهم على بعض، أم بسبب الماء، فلا يضمن بعضهم بعضاً؛ لأن الأصل براءة ذمتهم.
6- قبول قول المودَع بأنه رد الوديعة إلى المودِع؛ لأنه أمين، والأصل براءة ذمته .
هذاوالله أعلم


كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 08/12/2010
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com
Print MicrosoftInternetExplorer4