هل يجوز الدعاء بالرحمة لمن حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في حياته؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولا:

من مذهب أهل السنة والجماعة عدم الشهادة لمعين بالجنة والنار، لأنهما من الأمور السمعية التى تؤخذ من الكتاب والسنة، ولا مجال فيها للاجتهاد أو العقل.

قال الإمام أحمد: (ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب، ونرجو له رحمة الله) وقال أيضاً: (ولا ننزل أحداً من أهل القبلة جنة ولا ناراً، إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة)  .
وقال الإمام الطحاوي: (ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً).

والشهادة بالجنة والنار تنقسم إلى قسمين :-

1ـ الشهادة العامة : المتعلقة بوصف ، كأن تقول : من أشرك بالله تعالى شركاً أكبر فقد كفر وخرج من الدين وهو في النار . أو الذي يدعو غير الله  ويستغيث به فهو كافر وفي النار إذا قامت عليه الحجة والدليل وأصرّ ومات على ذلك .

وإذا قيل : من حج فلم يرفث ولم يفسق ؛ ومات بعد حجه - مثلاً فأين مصيره ؟ قلنا هو في الجنة ، أو من كان آخر كلامه من الدنيا : لا إله إلا الله " فهو في الجنّة ونحو ذلك .كلٌّ هذا للوصف لا للشخص المعيّن .

2ـ الشهادة الخاصة أو المعيّنة : لشخص بذاته واسمه أنه في الجنة أو في النار ، فهذه لا تجوز إلا في حق من أخبر الله تعالى عنه ، أو رسوله أنه في الجنّة أو في النار . فمن شهد لهم الله أو رسوله بالجنة بأعيانهم فهم من أهلها قطعا كالعشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه. أما من شهد له الشّرع بالنار على التعيين فهو من أهلها كفرعون وهمان وقارون وأبي لهب ، وامرأته ، وأبي طالب ، وعمرو بن لحي ، وغيرهم . 

ثانياً:

أما التكفير عند أهل السنة فحكم شرعي يستمد قوته من مرجعية الشريعة الإسلامية، فلا يترتب حكمه إلا على أساس ميزان الشرع القائم على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.  كما أنهم لا يحكمون بمحض الهوى، وإنما يكفرون من قام الدليل الشرعي على كفره، فلا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والذنوب كما هو صنيع الخوارج، ولا يسلبون الفاسق الملي الإيمان بالكلية ولا يخلدونه في النار كما تفعله المعتزلة، وإنما معتقد أهل السنة في صاحب الكبيرة والمعصية أنه من بإيمانه فاسق بكبيرته أو مؤمن ناقص الإيمان، فلا يعطى الاسم المطلق ولا يُسلب مطلق الاسم. كما يفرقون بين الإطلاق والتعيين في إصدار حُكم التكفير، فقد يكون الفعل أو المقالة كفراً لكن الشخص المعين الذي تلبس بذلك لا يحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة الرسالية التى يكفر تاركها، وتزال عنه كل شبهة يمكن أن يعلق بها ، وانتفاء المناع . وهذه هي البينة الشرعية بعد تحقق الشروط منها: أن يكون قوله الكفر عن اختيار وتسليم، أو يكون لازم قوله الكفر وعُرض عليه فالتزمه، وأن تقوم الحجة عليه ويتبينها. وبعد كل ذلك لزم القول بكفره تعيناً.

كما أن أهل السنة والجماعة يفرقون بين من اجتهد لإصابة الحق فأخطأ فهو معذور وخطؤه مغفور، وبين من عاند بعدما تبين له الحق وبقي مُصراُ على مخالفة الأدلة والنصوص الشرعية، فشاق الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين فصفة الكفر لاصقة بفعله أو قوله، وبين من قصر في طلب الحق أو اتبع هواه وتكلم بلا علم،  فهو فاسق مذنب.

 

ثالثاً:

نستعرض البعض من أفكارها وأقولها ومنها:

1ـ جرأتها على الله تعالى: اعترضت على قول الله تعالى: ( قل هو الله أحد) وكتبت ( قل هي الله أحد) ـ تعالى الله عما تقول علواً كبيراً. وسألت مدرسها: " هل الله في اللغة مذكر أم مؤنث ؟! " ثم تحكي عن طفولتها بأنها مليئة بالمحرمات المتعلقة بالدين والجنس وأن طفولتنا نكون ملحدين، لا نصدق أبداً أن ربنا عادل ، وكانت تسأل والدتها : أين العدل، أين ربنا؟ غير موجود، ووالدتها كانت تفزع.

2ـ رأيها في شعيرة الحج: كانت تسخر من شعائر الإسلام وتقول: " الله يرحم رابعة العدوية.. لم تكن تحج أو تصلى وكانت ضد الشعائر.. وكانت تقول الله هو الحب إنما (مش الله ) أروح الكعبة وأبوس الحجر الأسود.. إيه ده.. أنا عقلي لا يسمح أن ألبس الحجاب وأطوف هذه وثنية الحج هو بقايا الوثنية .

3ـ رأيها في الحجاب: زعمت أن الحجاب مفروض للجواري والأخلاق والعذرية لا علاقة لها بالملابس ووصل به السخرية من الحجاب بأنه  " تسعيرة الجنة " وهل الإيشارب أبو جنية يدخلهن الجنة؟!! والمرأة المسلمة المحجبة التى تغطي رأسها متخلقة وعقلها مغلق.

  رأيها في الزواج: الزواج عندها " عبودية " وعقود الزواج هي "عقود احتكار" للنساء ودعت النساء للتحرر مما أسمته " القهر الذكوري الأبوي الزوجي " . وكانت تصر على تسمية نفسها " نوال زينب " نسبة إلى أمها وترفض أسم والدها. كما كانت تدعو إلى الاعتراف بالأبناء الغير شرعيين ( أبناء الزنا ) ضاربة بعرض الحائط للمنع النبوي " الولد للفراش " . ورفض كل ما هو شرعي وديني ، في دعوة صريحة للانحلال والإباحية والتحرر من كل قيم الدين والأخلاق.

5ـ رأيها في الميراث: تطالب بأن يكون نصيب المرأة من الميراث مثل نصيب الرجل ويجب أن ينسب الولد لأمه وأنها عنصرية أن ينسب لوالده.

6ـ رأيها في تعدد الزوجات: قالت أريد أن أتجوز أربع رجال ولماذا لا أتزوج أربعة.

7ـ رأيها في الختان: قالت أن الختان للمرأة عملية همجية بربرية وأيضاُ للرجل وأطلقت الدعوة لوقف عمليات الختان للذكور بدعوى أنها ضارة طبياً ولا علاقة لها بالشرائع السماوية.

8ـ دفاعها عن المرتدين: دافعت عن الكاتب الهندي " سلمان رشدي " وأمثاله من الكتاب الخارجين من ربقة الإسلام.

هذه هي بعض أفكارها وأقوالها وما تدين به من إلحاد وكفر بواح .

رابعاً:

بعد هذا التأصيل الذي كان لابد منه حتى نطابقه على إلحاد هذه الهالكة ، ومن أجل حكم شرعي دنيوي، ولا دخل لنا في مآلها الأخروي.

تندرج تحت حكمين:

الأول: إنكار المعلوم من الدين بالضرورة: والإنكار بمعنى الجحود وعدم الاعتراف وانتقاء الإقرار، والمقصود بحكم المعلوم من الدين بالضرورة ، ما كان ظاهراً متواتراً من أحكام الدين معلوماً عند الخاص والعام، ومما أجمع عليه العلماء إجماعاً قطعياً.

قال شيخ الإسلام: " والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً بالاتفاق" مجموع الفتاوى 3/267.

وقال الشافعي: " أما ما كان من نص كتاب بين، أو سنة مجتمع عليها فالعذر فيها مقطوع، ولا يسع الشك في واحد منها، ومن امتنع من قبوله أستتيب" الرسالة ص 460.

وقال ابن بطة: " فكل من ترك شيئاً من الفرائض التى فرضها الله ـ عز وجل ـ في كتابه أو أكدها رسول الله في سنته ـ على سبيل الجحود والتكذيب بها ـ فهو كافر بين الكفر لا يشك في ذلك عاقل يؤمن بالله واليوم الآخر" الإبانة 2/764.

الثاني: الاستهزاء بالدين أو بشيء من القرآن أو السنة: فهو كفر ناقل عن الملة كما قال تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة: 65ـ66.

قال شيخ الإسلام: " بين أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، يكفر به صاحبه بعد إيمانه، فدل على أنه كان عندهم إيمان ضعيف ففعلوا هذا المحرم الذي عرفوا أنه محرم، ولكن لم يظنوه كفراً وكان كفراً كفروا به، فإنهم لم يعتقدوا جوازه" الفتاوى.

وعليه:

لا يجوز الدعاء لها بالرحمة والمغفرة أو الاستغفار لها ، أو تغسيلها وتكفينها ولا الصلاة عليها ولا تدفن في مقابر المسلمين. بل نحمد الله على هلاكها

قال تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) التوبة: 113.                 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي " .رواه مسلم.

قلت: " فإذا كان امرأة ماتت في الجاهلية على دين الأوثان لم يؤذن له عليه الصلاة والسلام أن يستغفر لها وهي أمه، فكيف بغيرها ؟ فالذي مات على الكفر لا يستغفر له ولا يدعى له، لا جاحد بالدين ، ولا مستهزى به، ولا تارك الصلاة، ولا عابد القبور، ولا اليهودي، ولا النصراني، ولا الشيوعي، ولا القادياني، ولا أشباههم ممن يتعاطى ما يكفره ويخرجه من دائرة الإسلام. 

وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ ، فَقَالَ: "مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ ! قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ".
رواه البخاري ومسلم ومالك وأحمد والنسائي والبيهقي

 

هذا. والله تعالى أعلى وأعلم





كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 26/03/2021
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com
Print MicrosoftInternetExplorer4