لماذا أثارت المحرقة اليهودية توترا بين إسرائيل وبولندا؟


يتكرر استخدام عبارة "معسكرات الموت البولندية" في وسائل الإعلام العالمية، وغالبا ما يكون في سياق الاختزال الصحفي. حتى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما استخدمها عام 2012 خلال خطاب تكريم بطل الحرب البولندي، جان كارسكي. ويعتقد العديد من البولنديين أن مستخدمي هذا المصطلح يرون أن البولنديين هم الذين بنوا المعسكرات و أداروها.

وبينما تعترف الحكومة في بولندا بارتكاب بعض البولنديين أعمال الابتزاز ضد اليهود ليحصلوا على المكافآت، لكنها حريصة على الترويج لتاريخ بولندا بوصفها ضحية، ليس فقط للنازيين بل وللسوفييت أيضاً.

وتفتخر الحكومة البولندية بأن الكثيرين من البولنديين قد كٌرّموا في إسرائيل لإنقاذهم اليهود خلال الحرب العالمية الثانية أكثر من مواطني أي دولة أخرى في أوروبا. لكن العلاقات بين البولنديين واليهود كانت معقدة خلال الحرب العالمية الثانية.

ويقول المؤرخون إن أفراداً أبلغوا عن جيرانهم اليهود للألمان بل وشاركوا في قتلهم أيضاً، من خلال أعمال مثل الإعلام عن أماكن اختباء اليهود للحصول على المكافآت والمشاركة المباشرة في أعمال قتل.

ماذا حدث في الحرب العالمية الثانية؟

احتلت ألمانيا النازية بولندا، وقتلت في تلك الفترة الملايين من مواطنيها، ومن بينهم ثلاثة ملايين يهودي بولندي. أما إجمالي قتلى اليهود في تلك الجرائم والمعروفة بالهولوكوست فهو ستة ملايين يهودي.

على ماذا ينص القانون؟

ينص القانون الجديد على أن" إن كل من يتهم علناً بأن الأمة البولندية، أو الدولة البولندية، مسؤولة أو متواطئة في الجرائم النازية التي ارتكبها الرايخ الألماني الثالث، يتعرض لغرامة مالية أو عقوبة اسجن تصل إلى ثلاث سنوات، ولكن لا يوجه للشخص أي اتهام إذا كان فعله جزء من الأنشطة الفنية أو العلمية".

وقد صوت البرلمانيون البولنديون في ليلة السادس من فبراير/شباط 2018 على هذا القانون وأيده 57 نائبا مقابل 23 نائب رفضوه ومتنع اثنان عن التصويت.

وقد رفضت بولندا منذ فترة طويلة على استخدام عبارات مثل "معسكرات الموت البولندية"، التي تشير إلى أن الدولة البولندية تتحمل بطريقة ما المسؤولية عن المعسكرات التي بنيت حينها مثل "أوشفيتز"، وأن تلك المعسكرات بنتها وأدارتها ألمانيا النازية بعد غزو بولندا في عام 1939.

ما هو رد الفعل الإسرائيلي؟

وأعربت إسرائيل عن غضبها من القانون الذي وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه محاولة لإعادة كتابة التاريخ ونكران المحرقة، وشجبه النواب من مختلف القوى السياسية في اسرائيل.

ماذا عن بولندا؟

أما السياسيون البولنديون فقد أعربوا عن استيائهم إزاء الرد الإسرائيلي، وقال ستانيسلاف كارسسوفسكي رئيس مجلس الشيوخ: "نحن مستاؤون جدا ومتفاجئون، بأن ينظر إلى نضالنا من أجل الحقيقة، وكرامة البولنديين بشكل خاطئ". وقال نائب وزير العدل ماركين وارتشول إن "بولندا دولة ديمقراطية تحترم حرية النقاش العام والبحث العلمي والحق في الانتقاد".

وقال رئيس الوزراء ماتيوس موراويكي إن بولندا ملتزمة بمكافحة الأكاذيب حول المحرقة. وأن المعسكرات التي قتل فيها ملايين اليهود لم تكن بولندية، وهذه الحقيقة تحتاج الى الحماية.

كان رد فعل وسائل الإعلام على القانون أكثر تبايناً. وقال كاتب عمود في صحيفة "رزكوسبوسبوليتا" المحافظة بدلا من تسوية الأزمة، أصبحنا اكثر سوءا".

وقد وقع حوالى 100 من الفنانين البولنديين والسياسيين والصحفيين رسالة مفتوحة تدعو إلى إلغاء القانون، قائلين إننا ذهبنا بعيدا لإظهار بولندا على أنها "الدولة الوحيدة التي لا تشوب تاريخها شائبة في أوروبا".



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 10/02/2018
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com
Print MicrosoftInternetExplorer4