حذر نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق مروان المعشر من تكرار سيناريو الانتفاضة الشعبية في مصر في دول أخرى إذا لم يع القادة العرب لضرورة إجراء إصلاحات سياسية حقيقية لمحاربة الفساد ونمو الاقتصاد.
وقال المعشر في مقالة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: إن مطالب التغيير الذي تجتاح العالم العربي هي تعبير عن حالة الاضطراب التي تقرحت طوال سنوات، ورأى ان الحال الراهنة لا يمكن أن تدوم، وقال إن أمام الأنظمة العربية خيار وهو: إما السير في عملية إصلاح من الأعلى، أو مراقبة هذه العملية تتم في الشوارع.
ولاحظ المعشر ان "ردود فعل القادة العرب على الأحداث الراهنة كانت مخيبة للأمل، فقد وافق الرئيس (المصري حسني) مبارك على التنحي بعد الانتخابات المقبلة، ولكن هذا متأخر جدًا بعض الشيء، وفي الأردن من غير الواضح إن كان تغيير رئيس الوزراء سيسرع الإصلاحات أم لا".
وأوضح أن "ثمة ميلاً قويًا للنظر إلى ما يريده المحتجّون من منظور اقتصادي بحت، أي أن الظروف الاقتصادية هي التي ولدت الاحتجاجات، لذا تعرض إصلاحات سريعة من خلال رفع الأجور وتخفيض أسعار السلع اليومية، لكن مثل هذا التفكير نجح في الماضي إلا أنه لا بد من إعارة اهتمام جدي لإصلاح مشاكل الحكم، وتأجيل الإصلاحات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتجاجات".
ورأى أن الوعود الشفهية بالإصلاح لن تكون كافية، "فالعرب ما عادوا يثقون بقدرات حكوماتهم على إدارة الشئون السياسية والاقتصادية بشكل أفضل"، واعتبر أنه "لا بد من العمل على تهدئة الشعب المشكك، وعلى الحكومات العربية أن تبدأ من خلال الاعتراف بالواقع ووضع بلدانها على سكة الإصلاح السياسي"، وفق ما أوردت صحيفة "القدس العربي" الصادرة في لندن.
وأشار إلى أن العالم العربي يشكو من نخبة سياسية خلقتها الأنظمة لتدعم حكمها، "قادة يشترون ولاءهم بالخدمات"، وقال إن هذه "النخبة التي تتحول إلى عظام لا تريد التخلي عن حياتها المليئة بالميزات، وتقاوم الإصلاح السياسي من تحت.. وتقاوم القادة الذي أثروهم عندما يفكرون بالإصلاح".
واعتبر ان "أسوأ ما يمكن أن يحصل للعرب وقادتهم هو أن تستمر هذه النخبة في الطلب من القادة بألا يقلقوا، ونحن لسنا تونس، وأن التغييرات التجميلية يمكن أن تصلح الوضع".
وأضاف انه "إذا أراد القادة العرب الاحتفاظ بالسلطة فعليهم الانطلاق في عمليات إصلاح سياسي حقيقية ومستدامة تدريجيًا، لأن الديمقراطية لا تتحقق بين ليلة وضحاها ولا يجب أن تنفذ الأمور بطريقة تصدم النظام".
وأكد المعشر أن على "الدول العربية، ومن بينها مصر والأردن، أن تبدأ في بناء برلمات أقوى، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بقوانين انتخابية تجعل من الانتخابات أكثر عدلاً والبرلمانات أكثر تمثيلاً وهي حاليًا لا تقوم إلا بتقديم الخدمات وعليها أن تبدأ تدريجيًا في تطبيق دور رقابي على أعمال الحكومة".
وتابع أنه "لا بد من تطبيق مزيد من التوازنات والتدقيق، فلا يجب أن يمتلك جهاز أو شخص واحد سلطة مفرطة، والسلطة التنفيذية مسيطرة جدًا في العالم العربي".
وقال إنه من خلال تطوير جناح تشريعي وتأسيس استقلالية قضائية، يمكن أن يقوم الجناحان بموازنة وتدقيق كاف في النظام، وهذا ما يساعد في محاربة الفساد. كما رأى أن التعليم في حاجة ماسة للإصلاح أيضًا.
وأكد ان هذه الإصلاحات السياسية ضرورية من أجل نمو اقتصادي متوازن، والتحرر من دون إصلاح سياسي يعني ان المواطنين لن يتمتعوا بثمار النمو الاقتصادي، وإنما تكون النخبة في مجال الأعمال هي الفائزة فقط.
وحذر من "اننا في وضع لا يمكن أن يتحقق فيه النمو المستدام من دون تغيرات سياسية"، وخلص إلى القول أن "العرب قد لا يدعون للديمقراطية كما هي معروفة في الغرب وإنما هم يطالبون بحكم أفضل للقانون، ومعاملة عادلة وفساد أقل، هذه الأمور لا يمكن أن تتحقق من دون إصلاح سياسي، وعلى القادة العرب أن يعوا انه إذا أرادوا الاحتفاظ بالسلطة فعليهم تقاسمها وإلا فإن ما يحصل في مصر لن يبقى في مصر".