مسلمو كمبوديا يتذكرون سنوات الرعب والإبادة


يتطلع المسلمون في كمبوديا، الذين تعرضوا للقمع والاضطهاد في عهد "الخمير الحمر" عندما كان مجرد الصلاة يمكن أن يؤدي إلى الهلاك إلى الكشف عن حملة الإبادة التي تعرضوا لها، بعد فتح تحقيق مع متهمين بالتورط في هذه الممارسات خلال سبعينات القرن الماضي.
ويعجز زكريا بن أحمد عن نسيان سنوات الرعب التي عاشها في عهد "الخمير الحمر"، ولا يزال يتذكر كيف أن كثيرًا من المسلمين دينه لم ينجوا في نهاية السبعينات من النظام الشيوعي المتشدد المرعب الذي أعدم رجال الدين المسلمين ودمر المساجد وأحرق المصاحف وأجبر المسلمين على أكل لحم الخنزير ومنع ارتداء الحجاب.
وبحسب محضر الاتهام ضد أربعة قياديين سابقين في النظام الماركسي لا يزالون أحياء وتحاكمهم المحكمة الدولية في بنوم بنه، أن المسلمين في عهد الخمير الخمر "كانوا يستهدفون ويقتلون منهجيًا".
ويواجه القادة الأربعة في هذه المحاكمة التاريخية، تهمًا بينها ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لموت حوالى مليوني شخص جوعاً وبسبب العمل الشاق أو الإعدام. وهم متهمون بارتكاب إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
ويتذكر زكريا الذي يبلغ من العمر 61 سنة، تلك السنوات التي كان يصعب أن يجد المسلمون فيها مكانًا لأداء الصلاة: "حاول الناس إيجاد مكان للصلاة خلسة بشتى الوسائل. أحيانا أثناء قيادتهم العربات وأحياناً في الأدغال عندما كنا نطلب استخدام المراحيض وأحياناً عندما كنا نستحم".
إلا أنه – بحسب وكالة الأنباء الفرنسية- فإن أكثر ما يتذكره هو اختفاء أشخاص لم يظهروا بعد ذلك. وأضاف بهدوء في منزله المتواضع في ظل مسجد حديث في بلدة شرينج شامريس التي دمر الخمير الحمر مصلاها القديم إن "كثيرين قتلوا".
ويأمل مسلمو كمبوديا الذين يعرفون باسم "الشام" في إحقاق العدل أخيرًا للمعاملة التي لقيتها الأقليات الدينية والإتنية في عهد الخمير الحمر في الوقت الذي تجرى فيه محاكمة قادة النظام السابق الذين ما زالوا على قيد الحياة، بتهمة الإبادة أمام محكمة دولية.
وقال حكيم مسجد شرينج شامريس ساليس بن ابوتورليب: "الآن يمكننا أن نروي قصتنا". وزاد: "ندعم بالكامل المحاكمة لكشف الحقيقة ولقول ما حدث في عهد نظام بول بوت"، مؤسس نظام الخمير الحمر الذي توفي في 1998.
وتحظى المحاكمة التي تجرى وسط ضجة إعلامية كبيرة وبدأت في نهاية حزيران (يونيو) الماضي بأهمية خاصة لدى المسلمين الذين يشكل اضطهادهم بقسوة فصلاً لا يلقى اهتمامًا كبيراً من فصول "حقول الموت" في كمبوديا في معظم الأحيان.
والجرح ما زال حيًا في نفوس الشباب أيضاً الذين لم يعيشوا تلك المرحلة. وتقول ياكين ايل (24 سنة) زوجة ابن زكريا بن أحمد: "إنني سعيدة بمناقشة معاناة الشام خلال المحاكمة"، مؤكدة أنها صدمت عندما كانت طفلة صغيرة بما عاشه أقرباؤها.
وقبل بناء ملف الاتهام بالإبادة لقادة الخمير الحمر السابقين، لم تكن معاملة الأقلية المسلمة تناقش إلا نادرًا.
وقالت فارينا سو الهبير في مركز التوثيق في كمبوديا (دي سي كام) التي أعدت أبحاثًا عن فظائع الخمير الحمر "في الماضي كان الحديث عن معاناة الشام في عهد الخمير الحمر قليلاً"، وذكرت أن "معاناة الشام لم يجر التحقيق فيها كثيرًا"، مؤكدة "أنهم يريدون اعترافًا من الشعب".
ولا أحد يعرف بدقة كم مسلم مات في عهد الخمير الحمر الذي قضى على ربع سكان كمبوديا. لكن مركز التوثيق يقدر عدد الذين قتلوا على أيدي النظام بما بين مائة ألف و500 ألف من أصل 700 ألف مسلم.
ويبلغ عدد المسلمين الذين أصبحوا أحرارًا في ممارسة شعائرهم الدينية نحو نصف مليون نسمة، معظمهم من السّنة. وقالت فارينا سو: "لقد أعادوا بناء المساجد وأحيوا هويتهم الدينية والإتنية". وأضافت: "إنهم يحاولون تجاوز الصدمة لكنها عملية بطيئة".



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 18/07/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com