بسبب ثورات الربيع العربي واشنطن بترول من احتياطيها الاستراتيجي تضطر لسحب ‏


في تطور مرتبط بتداعيات ثورات الربيع العربي‏,‏ قررت الإدارة الأمريكية أمس سحب‏30‏ مليون برميل بترول من الاحتياطي المخصص للطواريء‏,‏ لتعويض النقص الناتج عن الاضطرابات الراهنة في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا‏,‏ وخاصة ليبيا‏.‏

وذكرت شبكة سي.بي.اس الإخبارية الأمريكية أن هذه اكبر كمية يتم سحبها من الاحتياطي الاستراتيجي من البترول الامريكي, إلا أن المسئولين في البيت الابيض رفضوا التكهن بمدي تأثير مثل هذه الخطوة علي أسعار البترول في العالم.
وأشارت الشبكة إلي أن هذه الكمية سوف تخصص لزيادة المعروض من البترول في فصل الصيف الذي يشهد زيادة في استهلاك قائدي السيارات للبنزبن.
وقال وزير الطاقة الامريكي ستيفن تشو إن الإقدام علي هذه الخطوة جاء لمواجهة النقص الراهن في البترول الخام بسبب الاوضاع الراهنة في ليبيا ودول اخري في الشرق الاوسط وتأثير ذلك علي مسيرة الانتعاش الاقتصادي في العالم بوجه عام.
وأثار توقيت هذه الخطوة انتقادات حادة من جانب مشرعين جمهوريين ومنظمات رجال الاعمال الذين اتهموا الرئيس باراك اوباما باستغلال الاحتياطي الاستراتيجي للبلاد لاغراض سياسية.
كما انتقد رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس الشيوخ الامريكي السيناتور جيف بنجمان توقيت هذه الخطوة, وقال: ان السحب من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي كان يمكن أن يكون ملائما من حيث التوقيت لو كانت الادارة الامريكية قد اتخذت مثل هذه القرار في بداية اندلاع الازمة في ليبيا في اوائل العام الجاري.
ومع ذلك, أعرب بنجمان عن أمله في ان تسفر هذه الخطوة عن المساعدة في تهدئة الاوضاع في اسواق البترول, وأن تعيد اسعاره الي الانخفاض الي المستويات المأمولة من جانب اغلب خبراء البترول.
وجاء قرار السحب من الاحتياطي الاستراتيجي للبترول مصداقا سريعا لنبوءة رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بن بيرنانكي في وقت متأخر من مساء أمس الأول, حيث كان قد أكد أن التكاليف الباهظة للوقود الناتجة عن الربيع العربي من المرجح أن يكون لها تأثير سلبي علي نمو الاقتصاد الأمريكي هذا العام.
وأوضح بيرنانكي أن الحرب المشتعلة في ليبيا حاليا, وتزامنها مع تغيير النظام الحاكم في مصر بسقوط الرئيس السابق حسني مبارك وما تبع ذلك من اضطرابات داخلية, إضافة إلي التوترات في مناطق أخري من الشرق الأوسط, جميعها كانت أسبابا قادت إلي ارتفاع سعر البترول في البورصات العالمية, حيث سجل البترول ارتفاعا أمس في الأسواق الآسيوية فوق سعر91 دولارا للبرميل.
وأضاف المسئول الأمريكي أن هذه التكاليف المرتفعة للحصول علي الطاقة سوف تقتطع ما نسبته حوالي0.4% من الأرباح المتوقعة للنمو الأمريكي لمدة عام كامل, كما توقع بيرنانكي بأن التضخم علي مستوي العام سوف يتراوح بين3,2% و5,2%, و أن المستوي البطالة سيتراوح بين8.6% و8.9%.
من جانب آخر, وعلي الرغم من هذه التداعيات, وكذلك الخسائر التي لحقت بعدد من القطاعات الاقتصادية أبرزها قطاع السياحة في أعقاب توالي ثورات الربيع العربي, كشفت دراسة اقتصادية متخصصة أمس عن أن الشركات العالمية تنظر بإيجابية إلي مستقبل الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط بعد نحو ستة أشهر من اندلاع هذه الثورات.
وأوضحت الدراسة الصادرة في إطار تقرير مؤسسة جرانت ثورنتون الدولية للأعمال عن أن نحو22% فقط من الشركات الخاصة في العالم تري أن الاضطرابات التي صاحبت ربيع الثورات العربية كان لها أثر سلبي علي أعمالها, مشيرة إلي أن أمريكا الشمالية تحظي بالنسبة الأعلي من هذه الشركات, حيث تحدثت ربع الشركات العاملة فيها-26%- عن أثر سلبي طال استثماراتها في المنطقة.
يذكر أن تقرير جرانت ثورنتون الدولية للأعمال آي بي آر يوفر بشكل سنوي معلومات شاملة حول توقعات واستقراءات أكثر من11 ألف شركة في39 دولة حول العالم, ويعتمد هذا التقرير علي خبرة19 عاما من جمع البيانات عن التوجهات الاقتصادية لغالبية الدول الأوروبية المشمولة, وتسعة أعوام للعديد من الدول غير الأوروبية.
وعن الجانب الإيجابي للربيع العربي, قالت الدراسة إنه بينما رأت10% من الشركات العالمية أنها أصبحت الآن أقل ميلا للاستثمار في الشرق الأوسط, كانت الاقتصادات الكبري أكثر إيجابية في رؤيتها لواقع الاستثمار في المنطقة, حيث رأت6% فقط من شركات أمريكا الشمالية ودول مجموعة السبع أنها أقل ميلا للاستثمار فيها.
من جانبه, قال أد نوسباوم المدير التنفيذي في جرانت ثورنتون الدولية معلقا علي الدراسة أن تركيا علي سبيل المثال تضررت بشكل كبير حسبما أشارت إليه36% من شركاتها التي تحدثت عن الأثر السلبي الذي طالها باعتبار أن الشرق الأوسط هي منطقة تصدير أساسية بالنسبة لها.
وأوضح نوسباوم, أنه رغم هذه التداعيات المباشرة فإن المشهد يبدو علي الأمد الطويل أكثر تفاؤلا.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 25/06/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com