مؤامرة فصل أبيي عن السودان


 ثمة مخاوف في الشارع السوداني ينطوى عليها الاتفاق الأخير بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الذي قضى بسحب الجيش السوداني من منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، ونشر قوات إثيوبية فيها على أن تكون المنطقة منزوعة السلاح..

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو هل لهذه المخاوف والمحاذير ما يبررها؟! ويمكن أن نضيف سؤالاً آخر من الخاسر ومن الرابح الشمال أم الجنوب إزاء هذه الخطوة؟ وللإجابة على السؤالين اعلاه يمكن الإشارة إلى جملة من المعطيات، وذلك على النحو التالي:

1 - علاقة الحركة الشعبية مع إثيوبيا تبدو وطيدة أكثر من العلاقة ما بين أديس أبابا والخرطوم، وإثيوبيا تعتبر أن الجنوب أقرب اليها من شمال السودان.

2 - الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا من أبرز الدول التي ألقت بثقلها في هذا الاتفاق، ودعت مبكراً وبشدة لانسحاب الجيش السوداني من أبيي، ومارست ضغوطاً واضحة من خلال إبراز ورقة «التطبيع» ونحوها.

3 - الدول الثلاث أعلاه أدانت بشدة دخول الجيش السوداني أبيي أكثر من استنكارها «كمين الجيش الشعبي».

4 - اللاعب الخفي «اسرائيل» الذي صفق لاتفاق نيفاشا من خلف الكواليس قبل «6» أعوام، عاد الآن وصفق سراً لاتفاق سحب الجيش السوداني من أبيي.

5 - العلاقة الوثيقة بين أمريكا وإثيوبيا من ناحية وبين إسرائيل وإثيوبيا من ناحية أخرى مقابل العداء السافر، بين إسرائيل والسودان وبين الأخير وأمريكا، يعزز المخاوف التي سبقت الإشارة إليها.

6 - استمرار كثير من التعقيدات في ملف أبيي مثل ترسيم الحدود، والخلاف حول من يحق له الاستفتاء في المنطقة، يغذي تلك المخاوف والمحاذير المشار إليها.

النفوذ الأمريكي والإسرائيلي

وتأسيساً على ما سبق يمكن القول إن القوات الإثيوبية لن تكون محايدة بأي حال من الأحوال وفقا للمعطيات آنفة الذكر، وهي معطيات يمكن أن تؤثر على حيادية إثيوبيا، فضلاً عن تأثير النفوذ الاسرائيلى والامريكي على مراكز صناعة القرار في اديس ابابا والاتحاد الإفريقي.

السيناريو الأسوأ

في وقت سابق وقبل اتفاق أديس أبابا وقبل تصاعد الأحداث في أبيي، أشرنا إلى أن الوسطاء الأفارقة استدرجوا المؤتمر الوطني عن طريق إقناعه باستبدال القوات الزامبية بكتيبة إثيوبية حديثة التسليح تستطيع حماية المدنيين في أبيي، وكان وقتها قد صرح لوكا بيونق بأنه تم الاتفاق مع الوطني على هذه الخطوة، وألمح في الوقت نفسه إلى أن هذا الاجراء يمهد الطريق لتطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لحماية المدنيين «التدخل العسكري الدولي»، وكان الحديث وقتها عن انتهاء مدة قوات «اليونيمس» وإصرار الحكومة السودانية على رحيلها بعد التاسع من يوليو.

رغم أنفنا!!

ويشار إلى أنه كان هناك اتجاه دولي لتمديد بقاء «يونيمس» في السودان إلى ما بعد التاسع من يوليو، على أن يتم هذا الإجراء رغم أنف الخرطوم، حيث صرحت مسؤولة بالأمم المتحدة بأن قرار التمديد بيد مجلس الأمن الدولي وليس الحكومة السودانية، وهي تصريحات جاءت رداً على تصريحات وزير الخارجية الذي أكد أن قرار التمديد قرار سوداني خالص وليس لأية جهة أخرى فرض هذه الخطوة، وفي هذه الأثناء جاءت فكرة استبدال القوات الزامبية «الضعيفة» بالقوات الإثيوبية «الحديثة» التي تستطيع فرض سيطرتها وحماية المدنيين تحت الفصل السابع إذا ما تقرر ذلك بواسطة مجلس الأمن.

الدور الإثيوبي الخفي

وطبقاً لما سبق يمكن الإشارة إلى أن خطوة نشر قوات إثيوبية التي جاءت بعد ضغوط واضحة على الخرطوم، ترمي إلى تحقيق أهداف معينة تخدم استراتيجية وأجندة القوى الكبرى التي سبقت الإشارة إليها ويمكن لإثيوبيا أن تلعب بعض الادوار في هذا الجانب.

كما يمكن للحركة الشعبية ان تلعب ذات الادوار في اطار تحقيق اهداف ومصالح مشتركة ليس من بينها مصلحة واحدة لشمال السودان، إذن وبناءً على ما سبق فإن هذه الخطوة تحقق مكاسب للقوى الكبرى على الأصعدة الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية، ومكاسب للحركة الشعبية ولو مؤقتاً بمقدار التعاطف الأمريكي الغربي الذي يبدو جلياً الآن وفي السابق، وعليه يمكن القول إن الخاسر الوحيد في اتفاق جعل أبيي منزوعة السلاح هو شمال السودان، وهي خطوة لوضع المنطقة تحت الوصاية الدولية وإضعاف النفوذ العسكري السوداني في أبيي.





كاتب المقالة : منقول
تاريخ النشر : 24/06/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com