حكم قول اللهم بحق العهد المعهود والميثاق المأخوذ



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولا:
بارك الله فيك
فهذا صحيح كما قلت بأنه عيد الغدير عند الروافض ومن المعظمات عندهم .
وقبل الأجابة على السؤال
أريد أن نأصل مسألة في هذا الباب وهو ليس لأحد كان ما كان له حق على الله عز وجل وأن الله له كل الحقوق على العباد ظاهرها وباطنها
وهذا بخلاف ماورد فيه نص من حديث
معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال:
(كنت رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار، فقال لي: (يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟) فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً)
فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشّر الناس؟ قال: (لا تبشروهم فيتّكلوا) متفق عليه .


ثانيا :
أما بالنسبة للسؤال
الجواب

كلمة بحق فالباء هنا على ثلاث معاني :
إما أن تكون من باب التوسل :
قال تعالى (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ) المائدة 35
وقال تعالى : (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً) (الإسراء: 57).
وعامة المفسرين و جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى ؛ لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى ، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة .
وأصل الوسيلة :
الطريق التي تقرب إلى الشيء ، وتوصل إليه وهي العمل الصالح بإجماع العلماء ؛ لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم


2 ـ أو الاستعانة
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : ((يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْكَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ)) .رواه الترمذي وقَالَ هَذَا : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ )) رواه الترمذي


3 ـ أوالقسم والحلف
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلاً يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يُحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حلف بغير فقد كفر أو أشرك)) أخرجه الترمذي في النذور والإيمان

فأن كانت من باب التوسل فلا يجوز لأن التوسل نوعين
الأول :الممنوع والمنهي
الثاني : الجائز والمباح والمشروع
أما التوسل المنهي عنه :
وهوالتوسل إلى الله بأي شئ من المخلوقين أحياء أو أموات كانوا ما كانوا أو بجاه أحدا منهم حتى لو كان النبي صلى الله عليه وسلم حيا أو ميتا أو الصالحين والأولياء أو غيرهم من أصحاب القبور والأضرحة
قال تعالى: ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ ) الزمر:43
وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) لأعراف:194
وقال تعالى : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِن دُونِي أَوْلِيَاء إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا ) الكهف 102
وقال تعالى : { ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين } يونس:106
وقال تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ) المؤمنون:117.
وقال تعالى: ( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} سورة الزمر: الآية 3


وأما التوسل الجائز والمشروع :

( أ ) هو التوسل بالله عز وجل وبأسمائه وصفاته وأفعاله:
قال تعالى ({وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} سورة الأعراف: الآية 180
ورد في الدعاء الذي وصى به النبي صلى الله عليه وسلم المهموم والمحزون:(اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به
في علم الغيب عندك ) والشاهد ما تحته خط في الحديث .
( ب ) والتوسل بكل أنواع الأيمان وأركانه :
قال تعالى : { ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار }(آل عمران:193)
ومنه الأيمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من أمر أو نهي


( ج ) التوسل بالعمل الصالح:
وقص رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا (قصة ثلاثة نفر كانوا يمشون فنزل المطر الغزير ، فلجئووا إلى غار في جبل يحتمون به ، فسقطت على باب الغار صخرة منعتهم الخروج ، فحاولوا إزاحتها فلم يقدروا ، فاجتمع رأيهم على أن يدعوا الله عز وجل بأرجى أعمالهم الصالحة التي عملوها . فتوسل أحدهم ببره لوالديه ، وتوسل الآخر بحسن رعايته واستثماره لمال أجيره ، وتوسل الآخر بتركه الزنى بعد تمكنه منه ، وكلما دعا أحدهم انفرجت الصخرة عن باب الغار قليلا ، إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج ، حتى أكمل ثالثهم دعائه فانفرجت الصخرة عن باب الغار فخرجوا يتماشون ) رواه البخاري ومسلم

( د ) التوسل بالدعاء:
وينقسم إلى قسمين
دعاء العبد لنفسه
أو طلب الدعاء من غيره


قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) البقرة: 186
وقال تعالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف: 55
وقال تعالى :(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)غافر: 60.
وقال تعالى : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) الكهف: 28
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يدخل الجنة من أمتي زمرة هي سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة القمر . فقام عكّاشة بن محصن ... قال : ادع الله لي يا رسول الله أن يجعلني منهم ، فقال : اللهم اجعله منهم .. ) رواه البخاري ومسلم

الخلاصــــــة
وعليه بأنه لا يجوز الدعاء أو طلب الوسيلة أو الواسطه أو الجاه
ألا بنص من كتاب أوسنة صحيحة
فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله فكأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ فقال: (أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)
ولذلك بينت أنواع التوسل في الدعاء وأحكامه وأقسامة حتى نحرص على المشروع منه ونجتهد فيه
ونبتعد عن الممنوع منه والمنهي عنه
حتى لا يكون في ديننا وعقيدتنا دخن وشرك .
ونسأل الله لنا ولكم العافية
هذا والله أعلم





كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 02/12/2010
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com