(أهمية فقة المعاملات في الشريعة الغراء)


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى

الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الطيبين والتابعين من

بعدهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعــد

مقدمة

أهتم الإسلام بكل شئ من جوانب حياة المسلم وخاصة فقه

المعاملات والبيع والشراء وهذا يحدث في كثير من الأحيان

في الأسواق وهذا المكان هو شر البقاع على وجه الأرض

ولذلك تعمه الأداب في التعاملات . وفيه أيضا نقل ملكية

السلع من البائع إلى المشتري . وهذا كله محط رعاية ونظر

حتى يجري الحق بين الطرفين في انتقال الملكية . ونظرا

لأهمية الدور الذي يلعبه أو يقوم به السوق والآثار

الاقتصادية الناتجة عنه سواء في شكل تخصيص الموارد

الاقتصادية أو في هيكل توزيع الدخل القومي بين الأفراد فقد

كان منار اهتمام الفكر الاقتصادي الإسلامي والمعاصر.

أهمية فقة المعاملات

يقول يحيى بن عمر: " ولو أن أهل السوق اجتمعوا أن لا يبيعوا إلا بنا يريدون مما قد تراضوا عليه مما فيه المضرة على الناس وأفسدوا السوق كان إخراجهم من السوق حقا على الوالي، فإنه إن فعل ذلك معهم رجعوا عما طمحت إليه أنفسه من كثرة الربح ورضوا من الربح بما يقابله نفعه، ولا يدخلون به المضرةعلى عامة الناس " أحكام السوق

وكان سيدنا علي رضي الله عنه يجيء إلى البزازين فيقول: " يا معشر التجار لا تنقصوا من ذراعكم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تكذبوا في شريتكم وبياعتكم فمن فعل شيئا مما نهي عنه عوقب على ذلك بحبس أو ضرب بعد ما يؤخذ لصاحبه الحق" . وكان يأتي إلى اصحاب الحبوب فيقول: " لا تبخسوا مكاييلكم وأوزانكم ولا تغشوها " الاحتساب للإمام الناصر . 

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدخل السوق وينادي على التجار " لا يبع في سوقنا إلا من تفقه في الدين "

وكان أيضاً رضي الله عنه " للمحافظة على استقرار السوق

وضمان سلامة الحركة فيه منع حاطب بن أبي بلتعة أن يبيع

بسعر خلاف سعر السوق ، فقد مر بسوق المصلى وبين يديه

غرارتان فيهما زبيب فسأله عمر عن سعرها، فسَعَّر له مُدَيّن

لكل درهم، فقال له عمر: قد حُدِّثْتُ بعيرٍ مقبلةٍ من الطائف

تحمل زبيباً وهم يعتبرون سعركَ، فإما أن ترفع السعر أو أن

تدخل زبيبك البيت تفبيعه كيف شئت، فلما رجع عمر حاسب

نفسه، ثم أتى حاطباً في داره فقال: إن الذي قلت لك ليس

بمعرفة مني ولا قضاء، وإنما هو شيء أردت به الخير لأهل

البلد " الحسبة لابن تيمية .


الشريعة وحرية التعاملات

إن الحرية قاعدة أصيلة في النظام الإسلامي، وهي اصل في

النظام الاقتصادي يحقق الحرية الاقتصادية في محالاتها

المختلفة، كحرية العمل والإنتاح والتعاقد وكذلك حرية السوق

التي تارس فيها هذه الحريات وذلك يعني كفالة اسباب

المنافسة الحرة ودعم شروط هذه المنافسة، إلا أن هذه

الحرية لا يتعني الانفلات بل هي مقيدة بعدم تعارضها مع

حرية الآخرين، وذلك لأن الشارع الحكيم ضمن تحقيقها في

ظل قواعد العدالة والطهارة، فحرم الخبائث من السلع وكذلك

حرم أكل المال بالباطل، بالربا والاحتكار والغرر والغش

والتطفيف وكل أنواع التغرير، وفي ذلك تحقيق لمضلحة ا

لجماعة ومصلحة الفرد في آن واحد . ولقد صمم الإسلام

واقعا مثاليا في إدارة السوق وأحاطه بشريعة تضمن تحقيق

هذه السوق الكاملة فأغلق الطري على أكل المال بالباطل وسد

المنافذ المؤدية لذلك، وألغى كل ما من شأنه أن يخل بعلم

المشتري أو صفة السلعة، وبذلك يمكن ان يستجيب المؤمن

لنداء الإيمان في تجارته فيطمئن على الكسب الحلال له

ولأسرته.

وعن ابن عباس قال: " تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه وسلم يعني:

 ( يأيها الناسُ كُلُوا مِمَّا فيِ الأرضِ حللاً طيباً ) البقرة: 168.

فقام سعد بن أبي وقاص فقال : يارسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال: يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه فميا يتقبل منه أربعين يوما، وأيّما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به" المعجم الأوسط للطبراني ، والترغيب والترهيب.

وقال أيضا: " لا يكسب عبد مالاًحراماً فيتصدق به فيقبل منه ولا ينفق منه فيبارك له فيه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله تعالى لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث " رواه أحمد

ورَوَى مُسْلِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(دِينَار أَنْفَقْته فِي سَبِيل اللَّه وَدِينَار أَنْفَقْته فِي رَقَبَة وَدِينَار تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى مِسْكِين وَدِينَار أَنْفَقْته عَلَى أَهْلك أَعْظَمهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْته عَلَى أَهْلك )

 . وَرُوِيَ عَنْ سَلَّام قَالَ , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَفْضَل دِينَار يُنْفِقهُ الرَّجُل دِينَار يُنْفِقهُ عَلَى عِيَاله وَدِينَار يُنْفِقهُ الرَّجُل عَلَى دَابَّته فِي سَبِيل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَدِينَار يُنْفِقهُ عَلَى أَصْحَابه فِي سَبِيل اللَّه ). قَالَ أَبُو قِلَابَة : وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ [ ثُمَّ ] قَالَ أَبُو قِلَابَة : وَأَيّ رَجُل أَعْظَم أَجْرًا مِنْ رَجُل يُنْفِق عَلَى عِيَال صِغَار يُعِفُّهُمْ أَوْ يَنْفَعهُمْ اللَّه بِهِ وَيُغْنِيهِمْ . 


الخلاصة

وبعد العرض المهم والبسيط السابق في أهمية فقة المعاملات

وأنه من الأبواب التي يجب على كل مسلم غيور يبتغي الحلال

سواء كان بائعاً أو مشترياً أن يفقهه ويتعلمه حتى لا يقع في

الحرام، فعزمت النيه على شرح أهم المعاملات والبيوع

المتداولة بين الناس الأن في صورة سلسلة لعل الله أن يرزقنا

وإياكم العلم والمال الحلال.

والله المستعان

 والحمد لله على كل حال

وأخر دعوانا

 أن الحمد لله رب العالمين


 




كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 10/05/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com