فيروس كورونا يعطل حج الإيزيدين


أكثر من مرّة، أدّى مراد مراسم الحج إلى معبد لالش، أقدس المزارات الدينية لدى الإيزيديين. "كنتُ أتبع الخطوات التي تعلّمتها من والدتي، فأستحمّ، وأرتدي الملابس النظيفة احتراماً لقدسية المزار"، يخبرنا عبر "تويتر".

هذا العام، لن يزور النازح العراقي الشاب لالش، خلال عيد الجماعية، أو موسم الحج لدى أتباع الديانة الإيزيدية، والذي ينطلق في 6 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، ويستمرّ حتى 13 منه.

يمثّل هذا العيد أبرز المناسبات الدينية الإيزيدية، إذ يتوجه الحجاج لزيارة ضريح الشخصية الدينية البارزة في تاريخهم، عدي بن مسافر (توفي عام 1162)، الواقع في لالش، شرق دهوك في كردستان العراق.

يقول مراد: "في كل مرة زرت لالش خلال عيد الجماعية كنت اشعر بفرحة لا متناهية من بداية المراسيم حتى نهايتها، وترافقني الراحة النفسية، على وقع أصوات الموسيقى الروحية التي تصل إلى أذني كلّ زائر".هذا العام، حال وباء كورونا دون إحياء الطقوس الجماعية السنويّة، إلى جانب وفاة خرتو حاجي إسماعيل، وهو بابا شيخ الإيزيديين في العراق والعالم، أي المرجع الديني الأعلى لأتباع الديانة، مطلع الشهر الحالي.

رحل بابا شيخ عن عمر ناهز 87 عاماً، وقد عرف بتأثيره الكبير على المجتمع الإيزيدي خلال السنوات التي تلت الإبادة الجماعية في جبل سنجار (أو شنكال كما يلفظها الإيزيديون)، عام 2014.

يصف المغرّد الإيزيدي مونتي ابراهيم بابا شيخ بأنّه كان "متواضعاً ومحبّاً، ويتمتع بشخصية قلّ مثيلها". ويضيف: "أهمّ قرار اتخذه بعد الإبادة، كان اقراره بحقّ كلّ إيزيدية تعود من أيدي داعش، بالاحتضان وسط أهلها. وكان يعاملها كأنّها لم تذهب مختطفة، ما سهّل دمجهنّ في المجتمع، وزواجهنّ من أيزيديين، على خلاف ما كان يحدث في السابق".

ويحكي الناشط والصحافي إبراهيم الإيزيدي عن تأثير بابا شيخ في قضية الناجيات، إذ "كان يسكب على رؤوسهنّ مياهاً من عين الماء المقدّسة "كانيا سبي" (العين البيضاء) في معبد لالش، كي لا يشعرن بالإحباط وتصفو نفوسهنّ".

لدى الإيزيدين عدّة أعياد على مدار السنة، تدلّ على ارتباطهم الوثيق بالطبيعية. أبرز هذه الأعياد الأربعاء الأحمر أو "سري سال" في أبريل/ نيسان، ويحتفل خلاله بموسم الخصب وتجدّد الطبيعة، وعيد "جمايا شيخادي" أو الجماعية، وهو أقدس أعيادهم، ويحتفلون به بانتصاف السنة، وبداية الخريف، ويمثّل استعداداً لفصل الشتاء والمطر.يقول مونتي إبراهيم: "تعدّ لالش أقدس مكان على الأرض بالنسبة للإيزيديين، وفيها أضرحة الصالحين الإيزيديين و"العين البيضاء" حيث يعمّد الأطفال. خلال السنوات الماضية، كان يزور لالش خلال موسم الحج الممتدّ على 7 أيام، نحو 35 ألف شخص يومياً".

انقطع الإيزيديون عن أداء طقوسهم بعد الإبادة على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2014، لفترة قصيرة، وينقطعون هذا العام أيضاً بسبب الوباء.

تمتدّ الطقوس لسبعة أيام، ولكلّ يوم منها تقاليد وصلوات مختلفة، أبرزها ما يعرف بطقس السما، ويؤدّي كلّ مساء. ومن الطقوس أيضاً تعميد البريات وهي أقمشة طويلة تغطس بالماء المقدس، وتعلّق على مدخل المزار. كذلك، طقس القاباغ ويعني أخذ عجل من باب المعبد الرئيسي إلى مزار الشيخ شيشمس.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 10/10/2020
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com