ما هو حكم تهنئة المسلمين للنصارى بعيد القيامة ؟



< جواب الفتوى >

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 

لا خلاف بين أهل العلم سلفاً وخلفاً بأنه لا يجوز ولا يحل وهو محرم بالاتفاق على المسلم أن يقوم بتهنئة أهل الكتاب من اليهود والنصارى بأعيادهم التي تخص عقائدهم الباطلة أو حضورها، ولم يقل بخلاف هذا أحد من العلماء العاملين الربانيين

والتهنئة من المسلمين للنصارى في هذا اليوم الذي يسمى عندهم (بعيدالقيامة  ) فيهإقرار على أن ما يعتقدونه حق مع أنه باطل ومحض افتراء على الله عز وجل وقدح في جناب التوحيد وعقيدة المسلمين.

فهم يعتقدون في هذا اليوم أن عيسى عليه السلام الملقب عندهم (بيسوع) هو (الإله أو ابن الإله) على خلاف بينهم بأنه صلب وقتل على الصليب وقبر وبعد دفنه بثلاثة أيام قام من قبره من بين الأموات إلى السماء وجلس على يمين أبيه .وبهذه العقيدة الباطلة في عيسى الرسول عليه السلام والتي تخالف عقيدتنا فيها كفر بالله عز وجل وتكذيب بكلامه سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.

قال تعالى:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُق مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير )المائدة : 17

وقال تعالى:(لَقَدْ كَفَرَالَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ)المائدة: 72

وقال تعالى:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِث ُثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )المائدة:73

وقال تعالى:(وَقَوْلِهِمْ   إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا   قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا   فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ   عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاع الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ   إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) النساء: 157ـ158

وبعد هذه الأدلة على عقيدتهم الباطلة، عُلم من الكتاب والسنة وإجماع الأمة، أنه لا خلاف على عدم جواز مشاركة المسلمين لأعياد أهل الكتاب من اليهود والنصارى سواء.

قال تعالى :(وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاما) الفرقان  :72

قال القرطبي : الزور:كل باطل زور وزخرف، وأعظمه الشرك وتعظيم الأنداد وبه فسر الضحاك وابن زيد وابن عباس وفي رواية عن ابن عباس أنه:" أعياد المشركين ".

وورد عن مجاهد والضحاك والربيع بن أنس وبكر الخلال وشيخ الإسلام ، تفسير الز " وربأعياد المشركين "

وقال تعالى:(وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) النساء: 140

ولا شك بأن في عيدهم منكرات لا يقرها الإسلام ومشاركة المسلم فيها إقرار لها والمقر كالفاعل سواء

وقال تعالى :(وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ( البقرة:145

قال ابن كثير:فيه تهديد ووعيد شديد للأمة عن اتباع طرائق اليهود والنصارى ، بعد ما عَلِموا من القرآن والسنة ،عياذا بالله من ذلك ، فإن الخطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، والأمر لأمته. وقد استدل كثير من الفقهاء بقوله ) حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) حيث أفرد الملة على أن الكفر كله ملة واحدة كقوله تعالى(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين) الكافرون:6

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر ،وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ،قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟) متفق عليه.

قال النووي : السنن بفتح السين والنون وهو الطريق والمراد بالشبر الذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم ، والمراد بالموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر ، وفي هذا معجزة ظاهرة للنبي عليه الصلاة والسلام ، فقد وقع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام. 

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال:(  من صنع نيروزهم ومهرجانهم ، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك ولم يتب حشرمعهم يوم القيامة)أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ،وصحح إسناده شيخ الإسلام، شرح منظومة الإيمان للمسيوفي

وقال:(مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء) انتهى كلامه

وقال الذهبي : معلقا على هذاالأثر "وهذا القول منه يقتضي أن فعل ذلك من الكبائر ، وفعل اليسير من  من ذلك يجر إلى الكثير.

فينبغي للمسلم أن يسد هذا الباب أصلا ورأسا ، وينفر أهله وصغاره من فعله فإن الخير عادة، وتجنب البدع عبادة، وعن سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال : قال عمر(لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم) رواه البيهقي بإسناد صحيح

وعليه فلا يجوز للمسلم الموحد أن يهنئهم في أعيادهم الدينية العقائدية التي تخالف عقائدنا ، أو يشاركهم فيها، وهذا بخلاف ما أُمرنا به من حسن التعامل معهم في الأمور الدنيوية ، وأما من فعل ذلك وهو بالحكم جاهل فعليه أن يتوب إلى الله من هذا الفعل ويجدد إيمانه وتوحيده

هذا. والله أعلى وأعلم






كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 09/04/2018
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com