مسائل للنســـــاء ( 8 ) حكم قيادة المرأة للسيارة


http://photos.azyya.com/store/up2/0812091123211zOv.gif
مسائل للنســـــاء

(8)

حكم قيادة المرأة للسيارة

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

أولاً:

القول الأول من قال بالتحريم

ذهب فريق من أهل العلم بتحريم قيادة المرأة للسيارة ، ومنهم الشيخ/ ابن باز وشيخنا / ابن عثيمين رحمهما الله كما ورد في كتاب الفتاوى الشرعية في المسائل العصرية من فتاوي علماء البلد الحرام


ودليلهم:

قاعدة : " ما أفضى إلى محرم فهو محرم " . ودليلها: قوله تعالى: }وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ{ الأنعام: 108. وقاعدة: "  درء المفسدة مقدم على جلب المصالح " . ودليلها: قوله تعالى: }يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا{ البقرة: 219.


وبناءً على ما تقدم فإن قيادة المرأة للسيارة ينتج عنها مفاسد كثيرة منها:ـ

1ـ نزع الحياء منها ، والحياء من الإيمان كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأه وتحتمي به من التعرض إلى الفتنة ، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها . 

 2ـ أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت خير لها  قال تعالى:}وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{  الأحزاب: 33. وقول النبي صلى الله عليه وسلم " وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ " ، وعشاق القيادة يرون فيها متعة ، ولذلك تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة .

3ـ أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده لأنها وحدها في سيارتها متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار ، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل .
وإذا كان أكثر الناس يعانون من هذا في بعض الشباب فما بالك بالشابات إذا خرجت حيث شاءت يميناً وشمالاً في عرض البلد وطوله.

4ـ أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب بسيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملاً من المرأة .

5ـ أنها سبب للفتنة في مواقع عديدة ، مثال ذلك : الوقوف عند إشارات الطريق ، وفي الوقوف عند محطات البنزين ، وفي الوقوف عند نقط التفتيش ، وفي الوقوف عند رجل المرور عند تحرير مخالفة أو حادث ،
وفي الوقوف لتعبئة إطار السيارة بالهواء، وفي وقوفها عند خلل يقع في السيارة أثناء الطريق فتحتاج المرأة إلى إسعافها ،
فماذا تكون حالها حينئذ ؟ ربما تصادف رجل سافل يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها ،لا سيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .

6ـ كثرة ازدحام السيارات في الشوارع وكثرة الحوادث، لأن المرأة بطبيعتها أقل من الرجل حزماً وأقصر نظراً وأعجز قدرة، فإذا داهمها الخطر عجزت عن التصرف.

7ـ أنها سبب لإرهاق النفقة فإن المرأة بطبيعتها نفسها تحب أن تكمل نفسها بما يتعلق بها من لباس وغيره ، ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء كلما ظهر زيّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد ، وإن كان أسوأ مما عندها ؟ ألا ترى في غرفتها ماذا تعلق في جدرانها من الزخرفة ؟ ألا ترى إلى ماصتها وإلى غيرها من أدوات حاجياتها ؟ وعلى قياس ذلك – بل لعله أولى منه – السيارة التي تقودها ، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد .


ثانياً:

عندما عرضت هذه المسألة على هيئة كبار العلماء حديثاً، اختلفوا فيها إلى فريقين، فريق قال بالتحريم والآخر قال بالإباحة وكان من دليل من أباحها ، بأن المسألة ليس فيها نص قطعي بالتحريم، بل هي من الأمور المختلف فيها. ثم عرض الأمر على ولي الأمر، الذي رأي بأن من المصلحة لرعيته أن يختار رأي الإباحة.


تأصيل المسألة

هذ المسألة من المسائل الخلافية بين أهل العلم، وليس من مسائل الإجماع التي فيها قولاً واحداً حتى لا يجوز مخالفة هذا القول ، بل هي من مسائل الاجتهاد والنظر. فمن الممكن أن يفتى بها في زمن من الأزمان وفي مكان من الأماكن بالتحريم ، وممكن أي يفتى بها في زمن آخر ومكان آخر بالإباحة ، ثم لا يمكن أن يحكم فيها بحكم عام على سائر النساء في الأقطار العربية ، أو على كل النساء في البلد الواحد. وعليه وجب التأصيل والتفصيل في هذه المسألة.


أما التفصيل

فالحكم فيها يرجع إلى كل مجتمع على حده وعلى كل أسرة ووضع المرأة في هذه الأسرة، هل هي امرأة عاملة وليس عندها محرم يوصلها إلى عملها ؟ وهل هي تحتاج إلى هذا العمل والخروج له ؟ ، وهل هي تخرج من البيت للعمل بالضوابط الشرعية؟ ثم ينظر إلى حال هذه المرأة أيضاً هل هي امرأة متدينة ؟ وخروجها بالسيارة للضرورة من عمل أو حضور دروس أو توصيل أفراد الأسرة لقضاء حاجاتهم أم لا؟ كل هذه الأمور يجب أن تكون في حسبان من يريد أن يصدر حكم في المسألة ، وعليه إن كانت السيارة سبب من أسباب تفسخ المرأة وفتنتها وذريعة للتفريط في دينها وحيائها وتبرجها ، فلا يجوز لها القيادة ، أما إن كان استعمال السيارة من باب الضرورة الملحة والمصلحة لها ولأسرتها وأهل بيتها وتُعنها على حياتها ودينها فلا حرج من قيادتها مع الضوابط الشرعية في اللباس والحوار مع الغير.

قال تعالى: }وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{ القصص: 23ـ25.


والشاهد من الآيات:

خروج ابنتا شعيب عليه السلام للضرورة، لعدم وجود عائل يسقي لهن، وعدم اختلاطهن والتزامهن بالضوابط الشرعية في التعامل مع من حولهن ، وآدب الحوار عل قدر الحاجة مع موسى عليه السلام. وإِنْ قِيلَ كَيْف سَاغَ لِنَبِيِّ اللَّه الَّذِي هُوَ شُعَيْب عَلَيْهِ الَسَلَّام أَنْ يَرْضَى لِابْنَتَيْهِ بِسَقْيِ الْمَاشِيَة؟ نقِولَ لَهُ: لَيْسَ ذَلِكَ بِمَحْظُورٍ وَالدِّين لَا يَأْبَاهُ، وَأَمَّا الْمُرُوءَة فَالنَّاس مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَالْعَادَة مُتَبَايِنَة فِيهِ، وَأَحْوَال الْعَرَب فِيهِ خِلَاف أَحْوَال الْعَجَم، وَمَذْهَب أَهْل الْبَدْو غَيْر مَذْهَب الْحَضَر، خُصُوصًا إِذَا كَانَتْ الْحَالَة حَالَة ضَرُورَة.


وهذا ما أذهب إليه.

والله أعلى وأعلم




كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 03/10/2017
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com