ودأب الرؤساء الأميركيون على تقديم وعود انتخابية وخطط مفصلة بالتعهدات التي يعتزمون إنجازها خلال المئة يوم الأولى من فتراتهم الرئاسية، وينسب ذلك "التقليد الرئاسي" إلى عهد الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت الذي حكم الولايات المتحدة عام 1933، حيث تسلم السلطة في وقت تمر فيه بلاده بأزمة اقتصادية عميقة، فسارع إلى الطلب من حكومته وضع خطة عاجلة للمئة يوم الأولى لمواجهة تلك الأزمة، وهو ما نجح فيه.
ومع الوقت، أصبحت الإنجازات والإخفاقات خلال المئوية الأولى من حكم أي رئيس أميركي ذات دلالة كبيرة، ومعيارا نسبيا لمعرفة الصورة الإجمالية التي ستسير عليها الأمور خلال فترة حكمه، وتقوم في نهايتها وسائل الإعلام ومراكز قياس الرأي بتحليل نسب النجاح والإخفاق في إنجازات الرئيس ومساءلة الرأي العام واستطلاع آرائهم حول تلك الفترة.
وعود ترمب
سارع ترمب -كغيره من الرؤساء الأميركيين- بتقديم وعود وتعهدات لإنجازها خلال هذه المرحلة، وتضمنت هذه الوعود تصعيدا ضد الصين والمكسيك بتسمية الصين دولة "تتلاعب بالعملة"، وزيادة 45% في رسوم الواردات الصينية، وزيادة 35% في رسوم الواردات المكسيكية.
وتضمنت أيضا -على صعيد الاتفاقيات والمواثيق- إعادة التفاوض، أو على الأرجح الانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، ومراجعة الاتفاق النووي مع إيران، واتفاقية باريس للتغير المناخي.
وفي موضوع الهجرة، تعهد ترمب ببدء عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين واللاجئين بالولايات المتحدة، ممن يصفهم بالمهاجرين غير القانونيين، وحظر دخول المهاجرين من مناطق معينة، وتشكيل لجنة خاصة لفحص قضية البريد الإلكتروني لكلينتون تمهيدا لمحاكمتها، ومحاكمة 11 امرأة اتهمنه بالاعتداء والتحرش.
كما تعهد بالعمل على محو أخطاء سلفه الرئيس باراك أوباما، خاصة ما تعلق منها بنظام التأمين الصحي الذي وصفه بالكارثة، وتعهد بالإسراع في إلغائه واستبداله بنظام جديد.
إنجازات وإخفاقات
استبق الرئيس ترمب الجدل الدائر بشأن حصيلة الشهور الثلاثة الأولى من ولايته بالقول -في تغريدة له على توتير- إنه "ليس مهماً ما أنجزته وفق معيار المئة يوم السخيف، وهو بأي حال كثير، كالمحكمة العليا، وسائل الإعلام ستنسفه".
وبغض النظر عن مستوى أداء الرئيس خلال شهوره الثلاثة الأولى من حكمه، فقد بدأ عهده بتعيين إدارة أثارت الكثير من اللغط، حيث اتهم بعض أركانها بالعلاقة مع روسيا، وأدت تلك الاتهامات إلى تقديم مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين استقالته بعد أربعة أيام من كشف الصحافة عن "تضليله" إدارة الرئيس دونالد ترمب بشأن اتصالات أجراها مع روسيا قبل تولي الإدارة الجديدة مهامها.
وأصدر ترمب العديد من القرارات المثيرة للجدل، وفشل -حتى هذه الفترة- في تمرير العديد من أهم وأبرز هذه القرارات؛ ففي العشرين من يناير/كانون الثاني 2017 وقع قرارا تنفيذيا بإلغاء واستبدال نظام التأمين الصحي المعروف باسم "أوباما كير"، لكنه فشل في تمريره وإقناع أغلبية الجمهوريين في الكونغرس بالتصويت له (27 مارس/آذار 2017).
كما وقع ترمب في 28 مارس/آذار 2017 قرارا تنفيذيا بإلغاء القوانين الخاصة بالحد من التغير المناخي التي اتخذها سلفه باراك أوباما.
وفي 25 يناير/كانون الثاني 2017 وقع قرارا تنفيذيا ببناء جدار عازل مع المكسيك، لكن إشكالية تمويل هذا الجدار تبدو عويصة؛ فالمكسيك ما زالت ترفض تمويله، وارتفاع تكلفة بنائه تمنع دافع الضرائب الأميركي من دعم بنائه.