النمسا أدارت ظهرها للاجئين


كانت النمسا من أوائل الدول الأوروبية التي مدت  سجادتها ترحيبا باللاجئين عند وصول موجة الفارين من الفقر والحروب إلى أرض القارة, لكنها هذه الأيام تقلب لهم ظهر المجن, ويعمل البرلمان النمساوي حاليا على تمرير قانون يجرد الذي يُرفض طلب لجوئه من حق الحصول على مصروف جيب ومأوى وطعام, مما يدفع به عمليا إلى قارعة الطريق.

والأكثر من ذلك أن وزير داخلية الدولة الأوروبية -الأعلى دخلا نسبة لعدد السكان- لا يتردد في استعراض أعداد اللاجئين الذين تم طردهم.

ثمانية عراقيين
ولم يتأخر الجهاز القضائي في هذه الدولة بدوره عن اللحاق بالركب، فقام الخميس الماضي بإصدار أحكام على ثمانية عراقيين بالسجن لمدد وصلت إلى 13عاما بعد إدانتهم باغتصاب سيدة ألمانية جماعيا ليلة رأس السنة قبل أكثر من عام.

ويعلق أندرياس ريشنباخ -وهو محامي أحد العراقيين المدانين- على الموضوع قائلا إن العقوبات المشددة هي تنبيه للمهاجرين بأن "مثل هذا السلوك لن يتم التسامح معه، إذا اختاروا المجيء إلى النمسا".

بيد أن المواقف الداعمة للمهاجرين التي دفعت ذات يوم آلاف النمساويين للتطوع وتقديم الطعام والمأوى لطالبي اللجوء ما زالت تسمع بين حين وآخر، لكنها إلى مزيد من التناقص.

وتقول مارلس بوش في هذا الصدد "علينا الاستمرار في سياسة الترحيب بأولئك الذين لا مكان لديهم ليذهبوا إليه، فنحن في النمسا لدينا الكثير لنتشارك به مع الآخرين".

ويفيد استطلاع أجراه المعهد الملكي البريطاني للشؤون الخارجية في عشر دول أوروبية بأن 65% من كل ألف نمساوي لا يرحبون بالمهاجرين من الدول الإسلامية, والدولة الوحيدة التي تفوقت على النمسا كانتبولندا بنسبة 711%, لكن الفارق بينهما أن مشاعر العداء ضد المهاجرين في بولندا تغذيها الحكومة، على  عكس ما يحدث في  النمسا.

وكان المستشار النمساوي فيرنر فايمان حث مواطنيه في شتاء عام 2015 على التعامل بسخاء مع المهاجرين، رغم مساعي حكومته لتأمين حدود البلاد, لكنه أُجبر على التخلي العام الماضي عن سياساته في موضوع الهجرة عندما أدت إلى تهديد الائتلاف الحكومي الهش الذي كان يقوده.

ولم يكن أمام خلفه كريستيان كيرن إلا خيار الإبقاء على التصلب في موضوع المهاجرين, خشية من حزب الحرية المنتمي إلى أقصى اليمين, الذي يزعم أن المهاجرين يقفون وراء هذا النوع من الجرائم التي أدين منفذوها الخميس الماضي.

كما أن حزب الشعب الوسطي -الشريك في الائتلاف الحكومي- يقف بدوره داعما لاتخاذ مواقف أكثر تشددا تجاه المهاجرين, ويدافع القيادي في الحزب وزير الخارجية سيباستيان كورتز عن فكرة إقامة مخيمات للاجئين في شمال أفريقيا، حيث ينظر في طلبات اللجوء هناك.

إيجار إلزامي
وحرمت الحكومة الذين رفضت طلبات لجوئهم من منحة مقدارها أربعون يوروا، إضافة إلى المأوى والطعام, لكن وزير الداخلية ولفغانغ سوبوتكا أضاف إلزام الذين تُرفض طلباتهم بدفع إيجار مراكز اللجوء التي يقيمون فيها إلى حين ترحيلهم بالقوة.

غير أن أعضاء في حزب كيرن الاشتراكي الديمقراطي اتفقوا مع هيئات حقوقية على اعتبار أن هذه الإجراءات من شأنها زيادة الفقر بالنسبة لآلاف طالبي اللجوء، وقد تقود أحيانا إلى زيادة نسب الجرائم،
وحذر كريستوفر بنتر -من مفوضية شؤون اللاجئين- من أن بعض الأسر التي تضم أطفالا أو مرضى يمكن أن تنتهي حالهم إلى الشارع جراء هذه السياسة.

لكن سوبوتكا تساءل في تصريحات للصحفيين: "من الذي يخالف القانون: أنا أم أولئك الذين لا يريدون المغادرة؟" وزاد "مسؤوليتي أن يُنفذ القانون".



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 06/03/2017
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com