ما صحة حديث : " بأن الله عز وجل إذا رضى بارك وإذا غضب لعن "


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً:

هذا ليس بحديث ولا يوجد في كتب الأحاديث ، بل ذكره أبو نعيم في الحلية وأحمد في الزهد وابن أبي شيبة في مصنفه عن وهب بن منبه المعروف بحديثه عن أخبار أهل الكتاب ، ونقل الإسرائيليات .

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :  في كعب الأحبار وفي وهب بن منبه: «سامحهما الله تعالى فيما نقلاه إلى هذه الأمة من أخبار بني إسرائيل من الأوابد والغرائب والعجائب ، مما كان ومما لم يكن ، ومما حُرِّفَ وبُدّل ونسخ ». وروى عنه الطبري أنواعاً من الإسرائيليات تكفي للتدليل على أن ثقافة وهب يهودية تلمودية.

ثانياً:

أما نص الرواية هي : (إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما يقول لبني إسرائيل : إني إذا أُطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإني إذا عُصيت غضبت ، وإذا غَضبت لعنت ، ولعنتي تبلغ السابع من الولد).

والرواية بهذا النص توضح بأنه كلام قيل لبني إسرائيل وإنه من كتبهم، والخطاب لا يخص المسلمين،  كما أنه ليس بحديث حيث لا سند له.

ثالثاً:

متن الرواية منكرة لأنها تخالف الكتاب والسنة والنصوص الشرعية الواضحة والقواعد الأصولية المعتبرة.

قال تعالى : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الزمر : 7

وهذه الآية من القواعد القرآنية التي  يستشهد بها العلماء في باب العدل والإنصاف ، لعظيم أثرها. وعدم محاسبة أحد بجريرة أحد

وقال تعالى : (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) النجم : 38ـ41

ونفس القاعدة تكرر في القرآن من باب التأكيد وتقرير منهج العدل والقسط التي قامت عليه السموات والأرض ، وإن من العدل عدم محاسبة أحد بجريرة أحد.

وقال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) المدثر: 38

أي: كل نفس مرهونة ومحبوسة عند الله تعالى يوم القيامة، بما كسبته وعملته في الدنيا. والأدلة كثيرة في هذا الباب.

وأخيراً:

ننصح الدعاة وطلبة العلم المبتدئين بالتحري عن صحة النقل والأحاديث قبل التحدث بها  للناس ، فهذا من الدين وللدين، حتى لا يُنشر البدع والخرافات والموضوع والضعيف ويضيع الصحيح من الدين .

فعن الْمُغِيرَةِ قال سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : (إِنَّ كذِبًا عليّ ليس ككذِبٍ على أحدٍ ، مَن كَذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ منَ النار) متفق عليه.

وعن عليّ قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (لا تكذِبوا عليّ، فإنه من كَذَبَ عليّ فَلْيَلِجِ النارَ) متفق عليه.

وعن أَنَسٍ قال : إِنه لَيَمْنَعُنِى أَنْ أحدّثكم حديثًا كثيرًا أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال :(مَنْ تعمَّدَ عليّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ من النار) متفق عليه.


هذا. والله أعلى وأعلم




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 01/12/2016
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com