هل حد الردة لا يطبق إلا على المرتد المحارب ؟؟



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً:

هذا القول عن حد الردة يحتاج إلى تفصيل وتوضيح ، لأن الحدود عموماً حق من حقوق الله ومن خصائصه سبحانه فلا يجوز لأحد تعطيل أو اسقاط أو تخفيف حد من الحدود . وحد الردة ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة:

تعريف الردة
الرِّدَّة هي الرجوع عن الإسلام كلياً أوجزئياً بإنكار ما هو معلوم من الدين ضرورة، بنفي ما أثبته الله ورسوله، أوإثبات ما نفاه الله ورسوله، وتكون بالفعل، والترك، والنطق، والاعتقاد، والشك، جاداً كان المرتد أم هازلاً.

أدلة كفر المرتد

أما دليل الكتاب:

قال تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِيْنِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيْهَا خَالِدُوْنَ ﴾ البقرة: 217.

وقال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )المائدة : 54.

وقال تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل : 106

وأما دليل السنة:

عن أيوب عن عكرمة «أن عليا حرق قوما، فبلغ ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم

  قال: ( لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه) صحيح البخاري 

وعن معاوية بن حيدة  وعن زيد بن أسلم مرفوعا بلفظ «من غير دينه فاضربوا عنقه». أخرجه مالك في الموطأ، كتاب: الأقضية، باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام،

وصحَّ عن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال: "من بدَّل دينه فاقتلوه "

وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القسامة والمحاربين والقصاص والديات

أما الاجماع:

أجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتدين . وروى ذلك عن أبي بكر، وعثمان ، وعلى ، ومعاذ ، وأبي موسى ، وابن عباس ، وخالد ، وغيرهم ولم ينكر ذلك فكان إجماعاً. ولا فرق بين الرجال والنساء في وجوب القتل . روى ذلك عن أبي بكر ، وعلى ، والحسن ، والزهري ، والنخعي ، ومكحول ، وحماد ، ومالك ، والليث ، والاوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق . وخالفهم على ، والحسن ، وقتادة  بأن المرأة لا تقتل ولكن تسترق ، وقال أبو حنيفة : تجبر على الإسلام بالحبس والضرب

ثانيا:

حكم المرتد

وللردة عقوبتان: عقوبة أصلية وهي القتل، وعقوبة تبعية هي مصادرة مال المرتد
في الدنيا:
يُفرَّق بينه وبين زوجته، فإن تاب قبل انقضاء عدتها رجعت إليه، وإن انقضت عدتها قبل أن يتوب تبيَّن فسخ النكاح منذ ارتداده، سواء كانت ردته قبل الدخول بها أوبعد الدخول.

يُمنع من التصرف في ماله، وينفق منه على عياله، وتقضى ديونه.
لا يرث، ولا يورث، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ"، ويكون ما تركه فيئاً لبيت مال المسلمين، ومن أهل العلم من قال لورثته.
يُقتل المرتد من غير استتابة إن قُدِر عليه، إذا كانت ردته مغلظة وهي ما تكون مصحوبة بمحاربة الله، ورسوله، وأوليائه من العلماء العاملين، وعداوتهم، والمبالغة في الطعن في الدين، والتشكيك في الثوابت.

أما أن كانت مجردة ، فيستتاب صاحبها

قال شيخ الإسلام: (إن الردة على قسمين: ردة مجردة، وردة مغلظة شرع القتل على خصوصها، وكلاهما قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، والأدلة الدالة على سقوط القتل بالتوبة لا تعمُّ القسمين، بل إنما تدل على القسم الأول ـ الردة المجردة ـ كما يظهر ذلك لمن تأمل الأدلة على قبول توبة المرتد، فيبقى القسم الثاني ـ الردة المغلظة ـ وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها، ولم يأت نص ولا إجماع على سقوط القتل عنه، والقياس متعذر مع وجود الفرق الجلي، فانقطع الإلحاق، والذي يحقق هذه الطريقة أنه لم يأت في كتاب ولا سنة ولا إجماع أن كل من ارتد بأي قول أوبأي فعل كان فإنه يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه، بل الكتاب والسنة والإجماع قد فرَّق بين أنواع المرتدين) انتهي

يتولى قتله الإمامُ أومن ينوب عنه.
6ـ لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين.
يبطل عمله، نحو حجة الإسلام، وهذا مذهب مالك ومن وافقه، لقوله تعالى: "لئن أشركتَ ليحبطنَّ عملك ولتكونن من الخاسرين"، وذهب الشافعي وأحمد إلى أن: (من ارتد ثم عاد إلى الإسلام لم يحبط عمله ولا حجه الذي فرغ منه، بل إن مات على الردة فحينئذ تحبط أعماله، وقال مالك: تحبط بنفس الردة، ويظهر الخلاف في المسلم إذا حجَّ ثم ارتد ثم أسلم، فقال مالك: يلزمه الحج لأن الأول قد حبط بالردة.
أما في الآخرة:
إن تاب وصدق في توبته قبلت منه إن شاء الله تعالى، وإن لم يتب ولو قتل في الدنيا فهو من أهل النار خالداً مخلداً فيها.

ولقد أصدرت المجامع الفقهية العديد من الفتاوى في موضوع الردة، مزيلة ببيان عدم مخالفتها للحرية الدينية ، وفي الفتاوى المصرية تكررت هذه العبارة عند الحكم بقتل المرتد حدا : يقضي الحكم الشرعي بقتل المسلم الذي بدل دينه إذا أصر على ردته ولم يتب ولم يرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل، وهذا لا يتنافى مع الحرية الشخصية.

هذا. والله أعلى وأعلم




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 01/04/2016
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com