"الجارديان" توضح ما جناه الغرب على نفسه بحرب العراق


سلطت صحيفة جارديان البريطانية الضوء على التصريحات التي أدلى بها توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق وأقر فيها جزئيا بأن تنظيم الدولة لم يكن لينشأ من دون حرب العراق التي قادتها أميركا وبريطانيا.

وقالت الصحيفة: إن توني بلير يرفض حتى الآن الربط بين حرب العراق ونشوء تنظيم الدولة، مصراً على نفس التصريحات التي قالها قبيل الحرب وهي أن إرسال قوات غربية إلى العراق سيحرم "الجهاديين" من ساحة قتال، وسيمنع صدام حسين من استخدامهم كأداة في مواجهته مع الغرب.

وأشارت الصحيفة أن الـ 12 عاماً الماضية منذ بدء حرب العراق أثبتت خطأ هاذين الزعمين، ففي غضون ستة أشهر من دخول القوات البريطانية العراق، أرسلت بعض الوحدات فيها لضواحي غرب بغداد لقتال جهاديين سيطروا على مدينة الرمادي، وحينها كانوا مجموعة من الأجانب والعراقيين الذين عاشوا على سخط السنة على الغزو الغربي لبلادهم.

ولفتت الصحيفة إلى أن تلك المجموعة تحولت إلى «تنظيم القاعدة في العراق» ثم تطورت إلى تنظيم الدولة في العراق ثم إلى تنظيم الدولة في العراق والشام بحلول منتصف 2013.

وقالت الصحيفة: إن مظالم «تنظيم الدولة» كانت ثابتة على مدار كل تحولاتها من القاعدة إلى ما هي عليه الآن، وفي صلب تلك المظالم: الاعتقاد بأن غزو العراق دمر نظاماً إقليمياً، وأقصى حكما سنيا قويا، ونصب طائفة شيعية غريمة على ذاك الحكم.

وأوضحت الصحيفة أن الشعور بالخسارة كان عميقاً، لدرجة أن كثيراً من السنة نما لديهم اعتقاد متحمس بأن الولايات المتحدة وبريطانيا لا بد وأنهما يعرفون جيداً ما يفعلون.

وأشارت الصحيفة إلى أن سنة الشرق الأوسط نما إليهم اعتقاد أن قرار بلير بالمشاركة في حرب جورج بوش كانت البداية لتموضع تاريخي نحو إيران واسترداد النفوذ الفارسي: هؤلاء السنة عرضوا قائمة من التطورات كأمثلة على ذلك: منها استئصال أتباع حزب البعث، الذي هدف إلى القضاء على نفوذ صدام حسين، لكنه صار أداة قمع ضد السنة، وأيضاً من بين تلك التطورات تنصيب زعماء عراقيين ينحدرون من خلفيات شيعية عنصرية.

ولعل أكثر ما يتصل بمظالم السنة وصعود تنظيم الدولة هو نظام السجن الذي أداره الأميركيون، والذي بدأ بانتهاكات غزيرة في سجن أبوغريب، إذ روى جهاديون سنة أن السجون الأميركية كانت أحد أكثر أدوات التنظيم فعالية لديهم.

وكان قائدة في تنظيم الدولة قد حكى للصحيفة أنه لولا سجن بعقوبة في جنوب العراق الذي سجن فيه معظم كبار قادة التنظيم في وقت معين، لما كان هناك تنظيم الدولة اليوم، «لقد صنع سجن بعقوبة كل شيء، فهو من بني عقيدتنا».

وأشارت الصحيفة أن مع غرق العراق في الفوضى مطلع 2005، تصلب المواقف الطائفية بشكل ثابت، ورغم أن الجهاديين السنة تعرضوا لضربة كبيرة عام 2006، إلا أنهم لم يهزموا كلية. وفي السنوات التي تلت عام 2011، عندما غادرت القوات الأميركية، واندلع الربيع العربي، تمكن تنظيم الدولة من استغلال المظالم التي لم تحل منذ دخول الأميركيين والبريطانيين شمال العراق عام 2003.

وأشارت جارديان إلى أن دعوة الحشد لدى الجهاديين، والتي تقول إن العدوان الأميركي-البريطاني سبب كل ذلك، لا تزال تلقى صدى واسع النطاق يتجاوز حدود العراق.

ولفتت إلى أن الشعور بالخسارة وامتهان الكرامة والظلم من ناحية، والمساهمة في استعادة الأمجاد المفقودة من ناحية أخرى هم أمضى أسلحة تنظيم الدولة، الذي يشيد علانية بحرب العراق باعتبارها سبب وجوده.

وختمت الصحيفة بالقول: إن حرب العراق لا تزال عنصر توحيد في الوقت الراهن كما كانت عليه من قبل، وما زاد من جاذبية هذا العنصر هو الأحداث التي تدور في سوريا ولبنان حيث يصعد الدور الإيراني عسكرياً وسياسياً، وما كان لهذا أن يحدث لولا حرب العراق.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 27/10/2015
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com