صدمة عالمية بعد "شاحنة الموت" ودعوة لتحرك دولي حقيقي


خلّف مقتل 71 لاجئا، جلّهم من السوريين، داخل شاحنة تركت على قارعة الطريق في النمسا، صدمة عالمية دفعت العديد من وسائل الإعلام الدولية إلى إطلاق ناقوس الخطر حول ضرورة إيجاد حل لقضية اللاجئين، وتغيير المقاربة الأمنية التي تعتمدها العديد من دول القارة العجوز لأنها لم تعد كافية.


واختارت العديد من الصحف الفرنسية أن تطلق على الشاحنة لقب "شاحنة العار" كما هو الحال بالنسبة لجريدة لوموند الفرنسية، التي أكدت أن الحادثة تعتبر من أسوأ الوقائع التي عرفها تاريخ الهجرة واللجوء في القارة الأوروبية، معبرة عن امتعاضها من وقوع مثل هذه الحادثة فوق أرض أوروبية "ورائحة الموت التي فاحت من العربة ما هي إلا تحذير لحكومات الدول الأوروبية، لحل قضية اللاجئين والتصدي لمجموعات الاتجار بالبشر".

صحيفة لوفيغارو الفرنسية رأت أن تطلق على الشاحنة اسم
"شاحنة الموت"، مؤكدة على أن الحادثة "هي جد بشعة وتظهر درجة خطورة أزمة اللاجئين في أوروبا"، قبل أن تنتقد سياسة القادة الأوروبيين الذين عليهم عدم الاكتفاء بإطلاق التصريحات المنددة بمثل هذه الأحداث والعمل على وضع خطة أوروبية للتعامل مع "أزمة اللاجئين".

في المقابل، اختارت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية أن تسلط الضوء على وقع هذه الحادثة على المجتمع الأوروبي، عندما أكدت أن المبادرات الإنسانية، سواء في النمسا أو ألمانيا، لمساندة اللاجئين وتقديم يد العون لهم بدأت تتضاعف بشكل كبير بعد مأساة الشاحنة، مردفة بأن المجتمع الأوروبي "لم يعد يلتفت لتصريحات حكوماته وبدأ يطلق المبادرات المدنية لمحاولة التخفيف عن اللاجئين السوريين".

إن جهتها، تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" عن الواقعة، واعتبرتها تجليا واضحا لأزمة المهاجرين "الأسوء منذ الحرب العالمية الثانية"، وفق تعبير الصحيفة الأميركية، مردفة بأن اللاجئين، خصوصا السوريين منهم، باتوا ضحية في يد عصابات الاتجار بالبشر، الذين يستعلمون القوارب والشاحنات والسيارات لتهريب اللاجئين، "الأمر الذي يجعل هذه الأزمة لا تعني الأوروبيين وحدهم، وإنما هي قضية عالمية يجب حلها بمنظور إنساني، بدل الاعتماد على المقاربة الأمنية"، وفق ما تقوله الصحيفة الأميركية، التي أعلنت أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعا لعقد قمة عالمية نهاية الشهر المقبل حول الهجرة واللاجئين.

وعبرت صحيفة "واشنطن بوست" عن امتعاضها من استمرار مسلسل الاتهامات المتبادلة بين الدول الأوروبية، حول من المسؤول عن أزمة المهاجرين، بدلا من التركيز على إيجاد حل موحد لهذا الملف الذي وصفته الصحيفة "بالحارق والعاجل"، محذرة من كون "صناعة الاتجار بالبشر أصبحت تعيش أفضل أيامها في القارة الأوروبية" وهو الأمر الذي يجب التصدي له.

صحيفة الغارديان البريطانية التي وصفت الحادثة بأنها "مأساة إنسانية بكل المقاييس"، ركزت هي الأخرى على "فشل" الدول الأوروبية في إيجاد حل لهذا الملف.

وبلغة منتقدة، عبرت الصحيفة البريطانية عن استغرابها من عدم قدرة الدول الأوروبية على إيجاد حل جماعي لهذا الملف، ولجوء كل دولة لحلول فردية "وذلك في قارة تمكنت من تكسير جميع الجدران الفاصلة بينها قبل عدة عقود، قبل أن تعود هذه الجدران بسرعة خلال العامين الماضيين".




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 30/08/2015
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com