ما هو حكـــم هذه الطلقة والطلاق ثلاث في الغضب ؟؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولا:

الطلقة الأولى تحسب عليك طلقة طالما طلاق بلفظة صريحة.

أما بالنسبة للطلاق في الغضب له ثلاث مراحل الغضب في أوله ثم أوسطه ثم نهايته وفيه يغلق العقل ولا يعي الرجل بما خرج منه من كلام ، والعقل منبت التكليف ، وحيث لا عقل فلا تكليف .

وهذا المقصود به حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها : (لا طلاق، ولا عتاق في إغلاق) رواه ابن ماجة وأحمد في مسنده.

ثانياً

أما حكم الطلاق ثلاث اختلف أهل العلم فيه على قولين:

القول الأول : إنه محرم ، وهو مذهب الحنفية والمالكية ، وإحدى الروايتين عن أحمد ، وقول شيخ الإسلام وابن القيم

والحنفية أنه بدعة ، فقال الكاساني في الكلام على طلاق البدعة : وأما الذي يرجع إلى العدد فهو إيقاع الثلاث أو الثنتين في طهر واحد لا جماع فيه ، سواء كان على الجمع : بأن أوقع الثالث جملة واحدة ، أو على التفاريق واحدًا ، بعد أن كان الكل في طهر واحد ، وهذا قول أصحابنا 

وإذا كانوا قد اتفقوا على الحرمة، فإنهم اختلفوا فيما إذا طلقها ثلاثاً بلفظ واحد هل يقع أم لا ؟ وإذا كان يقع فهل يقع واحدة أم ثلاثاً ؟

القول الثاني: ذهب جمهور العلماء إلى أنه يقع (واحدة إن نوى التكرار أو لم ينو شيئاً، وهي ثلاث إن نوى الثلاث وأن كل واحدة غير الأخرى وهذا عند من يرى أنه واقع) ، ويرى بعضهم عدم وقوعه. والذين رأوا وقوعه، اختلفوا: فقال بعضهم: إنه يقع ثلاثاً وقال بعضهم: يقع واحدة فقط.

 ولنا الكتاب والسنة والمعقول :

أما الكتاب : فقوله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) الطلاق: 1 . أي في أطهار عدتهن ، وهو الثلاث في ثلاثة أطهار كذا فسره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما ذكرنا فيما تقدم أمر بالتفريق ، والأمر بالتفريق يكون نهيًا ( عن الجمع ، ثم إن كان الأمر أمر إيجاب ، كان نهيًا ) عن ضده ، وهو الجمع نهي تحريم ، وإن كان أمر ندب ، كان نهيًا عن ضده ، وهو الجمع نهي ندب ، وكل ذلك حجة على المخالف ، لأن الأول يدل على التحريم ، والآخر يدل على الكراهة ، وهو لا يقول بشيء من ذلك .

قال تعالى:(الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة: 229 أي دفعتان ، ألا ترى أن من أعطى آخر درهمين ، لم يجز أن يقول أعطاه مرتين حتى يعطيه دفعتين .

وجه الاستدلال : أن هذا وإن كان ظاهر الخبر ، فإن معناه الأمر ، لأن الحمل على ظاهره يؤدي إلى الخلف في خبر من لا يحتمل خبره الخلف ، لأن الطلاق على سبيل الجمع قد يوجد ، وقد يخرج اللفظ مخرج الخبر على إرادة الأمر

 قال تعالى :( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ ) أي ليرضعن ونحو ذلك ، كذا هذا ، فصار كأنه سبحانه وتعالى قال : طلقوهن مرتين إذا أردتم الطلاق ، والأمر بالتفريق نهي عن الجمع ، لأنه ضده ، فيدل على كون الجمع حرامًا أو مكروهًا على ما بينا .

وأما السنة : فما روي عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم أنه قال : (تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمن ) نهى  صلى الله عليه وسلم  عن الطلاق ، ولا يجوز أن يكون النهي عن الطلاق لعينه ، لأنه قد بقي معتبرًا شرعًا في حق الحكم بعد النهي ، فعلم أن ههنا غيرًا حقيقيًّا ملازما للطلاق يصلح أن يكون منهيًّا عنه ، فكان النهي عنه لا عن الطلاق ، ولا يجوز أن يمنع من الشرع لمكان الحرام الملازم له ، كما في الطلاق في حالة الحيض ، والبيع وقت النداء ، والصلاة في الأرض المغصوبة ، وغير ذلك .

وقد ذكر عن عمر رضي الله عنه  أنه كان لا يؤتى برجل طلق امرأته ثلاثًا إلا أوجعه ضربًا وأجاز ذلك عليه . وذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم فيكون إجماعًا .

وأما المعقول : أن النكاح عقد مصلحة لكونه وسيلة إلى مصالح الدين والدنيا ، والطلاق إبطال له ، وإبطال المصلحة مفسدة ، وقد قال الله عز وجل : (وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ ) وهذا معنى الكراهة.

أما إذا تتابع الناس على الطلاق، وتساهلوا به، وأكثروا منه، وكان في إلزامهم به مصلحة أُلزموا به كما فعل عمر رضي الله عنه، فإن لم تكن مصلحة فلا تقع الثلاث إلا واحدة.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:(
كَانَ الطَّلاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَأبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ، طَلاقُ الثَّلاثِ وَاحِدَةً، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اسْتَعْجَلُوا فِي أمْرٍ قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أنَاةٌ، فَلَوْ أمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ! فَأمْضَاهُ عَلَيْهِمْ) . أخرجه مسلم.

وبناء عليه:

 إذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً بكلمة واحدة ، أو بكلمات متفرقات في مجلس واحد ، أو في طهر واحد ، فلا يقع إلا طلقة واحدة ؛ لأن جمع الثلاث محرم ، وغير مشروع ، فيقع طلقة واحدة ، اعتباراً بأصل الطلاق ، ويلغي الوصف المحرم

وهذا هو الراجح عندي

هذا. والله أعلى وأعلم




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 05/04/2015
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com