انطلاق مبكر للانتخابات الرئاسية الأميركية: تيد كروز يربك الجمهوريين


يتوقع أن تشهد حملات المنافسة التمهيدية لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية سخونة مبكرة، خصوصاً داخل صفوف الحزب الجمهوري، بعدما أعلن السيناتور الجمهوري الشاب تيد كروز الذي برز سياسياً من خلال نشاطه في حركة "حزب الشاي" الأميركية المتطرفة، أمس، أنه سينافس على تمثيل الحزب الجمهوري في انتخابات 2016، ليكون بذلك أول جمهوري يعلن ترشيح نفسه رسمياً.

وسبق لكروز أن أعلن استعداده لإرسال الجيش الأميركي لخوض معارك برية مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في العراق في حال فوزه بالرئاسة. ومن المتوقع أن يسبب قرار كروز ترشيح نفسه إرباكاً لكبار المرشحين الجمهوريين المحتملين، الذين تهددهم شعبية السياسي الشاب بخسارة دعم الحزب لهم لصالحه. وكان المحامي تيد كروز قد فاجأ الجمهوريين في انتخابات 2012 التمهيدية، بتغلبه الكاسح على أحد كبار قادة الحزب الجمهوري التقليديين في ولاية تكساس وهو ديفيد ديوهيرست. وكان ينظر إلى ديوهيرست باعتباره لاعباً أساسياً في مؤسسة الحزب الجمهوري، في حين ينظر إلى كروز كعضو في الجناح المتمرد المناهض للحزب والمعارض بشدة لأي حلول وسطية.


وبعد فوزه بعضوية مجلس الشيوخ عام 2012، اتخذ كروز مواقف قوية في مجلس الشيوخ ضد مشروع الرئيس باراك أوباما للتأمين الصحي الإجباري، وتسبب في إغلاق الحكومة الفدرالية أبوابها عدّة أيام. وألقى كروز في عام 2013 خطاباً حماسياً ضدّ سياسة أوباما للرعاية الصحية، هو الأطول في تاريخ مجلس الشيوخ الأميركي، إذ دام 21 ساعة. كما يطالب كروز بإلغاء وزارة التربية والتعليم في الحكومة الفدرالية وتقليص الإنفاق الحكومي إلى أدنى حد.
 واختار كروز جامعة ليبرتي في ولاية فيرجينيا لإلقاء خطاب إعلان ترشحه. وقبيل ذلك، سارع إلى إعلان الترشيح رسمياً من على صفحته الشخصية في موقع "تويتر"، داعياً الأميركيين لدعم ترشيحه.

وتوقع معلقون أميركيون أن تكون المنافسة بين الجمهوريين ساخنة للحصول على ترشيح الحزب بسبب مشاركة كروز في هذه المنافسة. وبإعلانه الترشيح، يكون أول مرشح جمهوري رسمي. ومن المتوقع أن ينافس بقوة حاكم فلوريدا السابق جيب بوش، أبرز الوجوه في الحزب الجمهوري، وحاكم ولاية نيوجيرسي، كريس كريستي، وإن كانا لم يعلنا ترشحهما رسمياً بعد. كما ألمح عضوان آخران في مجلس الشيوخ، هما راند بول وماركو روبيو، إلى احتمال خوضهما المنافسة.
وقالت الرئيسة السابقة لحزب "الشاي"، إيمي كريمر، إن التنافس بين المرشحين الجمهوريين سوف يشهد نقلة نوعية بسبب إعلان كروز المبكر وقد يعزف الكثيرون عن الترشح خوفاً من الفشل أمامه.

وبزغت حركة "الشاي" باحتجاجات سياسية عدّة بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2008، والتي فاز فيها باراك أوباما كأول رئيس من ذوي البشرة السمراء يحكم الولايات المتحدة. وتؤيد الحركة خفض الإنفاق الحكومي، وتعارض زيادة الضرائب كما تدعو لتخفيض الديون الوطنية، ومعالجة عجز الميزانية الفدرالية، والتقيد بدستور الولايات المتحدة. وأصبح للحركة تمثيل في مجلسي النواب والشيوخ، غير أن أعضاءها لا يزالون يعتبرون أنفسهم من أعضاء الحزب الجمهوري.
ومن أهم شخصيات حركة "الشاي" الوطنية من السياسيين الجمهوريين، سارة بالين ورون بول، الذي وصف بـ"الأب الروحي" للحركة، ومايكل جونز، محلل سياسي وأحد مؤسسي الحركة.

ويبدو أن حركة "الشاي" سيكون لها تأثير بارز على توجيه السياسة الأميركية، لا سيما بعد تحقيق مرشحيها مفاجآت بتغلبهم على بعض الوجوه الجمهورية التقليدية المحبوبة في الانتخابات التمهيدية. وتدعو الحركة إلى إيقاف ما تسميه "أسلمة أميركا". لكن تيد كروز، لديه نقاط ضعف قد تستغل ضده من بينها التشكيك بخصوص أحقيته في الترشح للرئاسة، لأنه مولود في كندا من أم أميركية وأب من أصل كوبي. وكان تيد كروز قد أرغم على التخلي عن الجنسية المزدوجة العام الماضي. ودرس كروز القانون في كل من جامعة هارفارد وبرينستون، وهما من أبرز الجامعات على مستوى العالم، كما ينتمي الرجل عرقياً إلى الأقلية الأسبانية، وفي حال فوزه بالرئاسة، سيكون الحزب الجمهوري قد فاز بسبق تقديم أول رئيس أميركي من أصول أسبانية.

تجدر الإشارة إلى أن كروز أمضى الأسبوع الماضي بعض الوقت في ولاية نيو هامبشاير، وهي ولاية يعتبر الفوز بثقة ناخبيها أمراً أساسياً للمرشحين الرئاسيين، وجاءت زيارته لها كدليل على جديته في خوض المنافسة وإعداد حملات مبكرة.

ويخشى بعض قادة الحزب الجمهوري من أن يصب ترشيحهم لشخصية متشدّدة في انتخابات الرئاسة، لصالح الديمقراطيين، إذ إن الاتجاه الوسطي في المجتمع الأميركي يمكن أن يتجه نحو اليسار، إذا ما وجد أن المرشح الجمهوري قد اتجه بعيداً عنهم نحو اليمين الأكثر تطرفاً.


كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 24/03/2015
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com