تونس: تردد النهضة في دعم المرزوقي يربك القواعد


لماذا تتحاشى قيادة حركة النهضة التونسية ومجلس الشورى التابع لها الإعلان بوضوح عن دعم المرشح محمد المنصف المرزوقي للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية؟ هذا السؤال يطرحه الجميع في تونس هذه الأيام قبل أقل من أسبوعين على موعد المنافسة بين المرزوقي وزعيم حزب "نداء تونس" الباجي قائد السبسي، الذي تحدد في 21 ديسمبر/كانون الأول الحالي. 

ويوجد تردد ملحوظ يوحي بأن الحركة تواجه مأزقاً في داخلها، وأن هناك خلافاً حقيقياً حول علاقتها الراهنة وفي المستقبل مع حليفها المرزوقي.

ولم يعد هذا الاختلاف خافياً، سواء داخل مجلس الشورى أو في صفوف النهضويين في جميع مواقع الحركة. ولهذا عندما قرر مجلس شورى النهضة البقاء على الحياد في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، توجهت أغلبية الأعضاء والأنصار نحو مساندة قوية وعاصفة للمرزوقي. وقد عكس ذلك خيبة حقيقية في صفوف القواعد تجاه القرار الذي اتخذته قيادتها.
حتى المرزوقي والفريق المشرف على حملته لم يعجبهم القرار. لقد أدرك الرئيس الحالي بأن قيادة النهضة لم تعد ترغب في آن يستمر التحالف بينهما بعد أن تشكلت الخارطة السياسية بطريقة مختلفة. هناك لاعب جديد وقوي ظهر وفرض نفسه ولا يمكن لحركة النهضة أن تتجاهله، لذلك فإن مصالحها الحيوية تفرض عليها تعديل التكتيك وإعادة ترتيب أوراقها بشكل مختلف بعد أن تلاشى حلفاؤها السابقون. هذا الأمر لم تلتزم به القواعد، التي اختار الجزء الأكبر منها منطقاً مختلفاً تماماً. هناك من رأى في قرار القيادة مناورة، لكن المؤكد أن الجزء الأكبر من ناخبي المرزوقي في الجولة الأولى هم من أنصار النهضة.

في مقابل ذلك، انطلقت الاستعدادات بين حركتي النهضة و"نداء تونس" الخاصة بالمرحلة المقبلة. وكان تكوين مكتب البرلمان نقطة البداية.

عضو البرلمان حسين الجزيري، يقول إن حركة النهضة تواجه صعوبات لتحديد من ستدعم في الجولة الثانية، مؤكداً أن المشهد السياسي يظهر في صورة جديدة يجب أخذها بعين الاعتبار. ويلفت إلى أن "النهضة" " تلتقي في نقاط مع حزب "نداء تونس"، وجمهورها يلتقي أكثر مع المرزوقي"، لكنه يعتبر أنّ الحركة "لا تريد لنداء تونس أن يغرق لأن تونس ستغرق معه".

وهذا يعني أن قيادة النهضة تتجه نحو طي صفحة الترويكا بشكل نهائي، ونسج علاقات براغماتية مع الأطراف السياسية الصاعدة، بما في ذلك حزب الاتحاد الوطني الحر الذي يقوده رجل الأعمال سليم الرياحي. وما يخشاه بعض أنصار الحركة من أن تخطئ قيادتها في تقدير مخاطر المرحلة المقبلة، ولا سيما إذا فاز السبسي بمنصب رئاسة الجمهورية. وهذا يعتبر من المسائل التي تُثير قلق القيادة، ويجعلها مترددة وحذرة في إعلان موقف واضح من مسألة دعم أحد المرشحين.


ولكن نظراً للمعطيات، يبدو أن خيارات أنصار النهضة ستكون محصورة بين ثلاثة اتجاهات، أولها أن أغلبية أنصار الحركة الذين سبق لهم أن صوتوا لصالح المرزوقي سيتمسكون باختيارهم ويجددون مساندتهم له.

أما الجزء الآخر الذي لا يعرف حجمه حتى الآن سيلجأ إلى استعمال الورقة البيضاء، وهو ما يعني عدم الاقتناع بجدوى المرشحين. وقد تم الاعلان عن ذلك في مواقع قريبة من حركة النهضة. وهو موقف من شأنه أن يحدث بعض الضرر بالنسبة للمرشح المرزوقي.

ثالثاً، لا يستبعد أن يختار عدد قليل التصويت لصالح السبسي، وهو أمر نادر لأن الجزء الأكبر من جمهور النهضة لا يثق بحزب "نداء تونس" وبقائده




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 11/12/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com