كيري يتوقّع تحالفاً عربياً إسرائيلياً قريباً "لمواجهة التطرّف"


اتّسمت كلمة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يوم الأحد، أمام حشد من المؤيدين لإسرائيل والمهتمين بقضايا الشرق الأوسط، بصراحة فائقة غير مسبوقة. ففي كلمته التي ألقاها في منتدى "سابان" التابع لمعهد "بروكينغز" في واشنطن، في حضور عدد كبير من الإسرائيليين والمؤيدين لإسرائيل، فجّر كيري مفاجآت غير متوقعة، معلناً عن معادلات جديدة محتملة في المنطقة، تشمل تحالفاً عربياً إسرائيلياً ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وحركة "حماس"، كما تحدث عن تقارب سعودي عراقي لمواجهة التطرف. ووضع كيري حدّاً لكل ما يتعلق بسورية، مؤكداً أن "لا مستقبل لـ(الرئيس السوري بشار) الأسد، ولا قبول به كخط دفاع أخير ضد داعش، ولا يجب تخيير الشعب السوري بين داعش والأسد".

وكانت مفاجأة كيري الأولى من العيار الثقيل، حين توقّع "نشوء تحالف إقليمي جديد ضد التطرف في المنطقة، يشمل دولاً عربية مع إسرائيل جنباً إلى جنب، وقد يفتح باباً جديداً للسلام". وأضاف كيري، في لغة صريحة مفرطة وغير معهودة من وزير خارجية أميركي، أن "وجود السعوديين والإماراتيين والأردنيين والقطريين وغيرهم، في مواجهة التحدي الذي يشكله داعش هو مؤشر على وجود منظومة جديدة من احتمالات المشاركة الإقليمية في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف، قد تفتح نوافذ جديدة للجميع، بما في ذلك إسرائيل والفلسطينيين والأردن ومصر".

وتابع كيري قائلاً "في خضمّ أعمال الإرهاب، نشهد إمكانات ظهور تحالف إقليمي جديد، يجمع بين أعضائه قاسم مشترك، هو النفور من التطرف والمتطرفين". وكشف عن أن "دولاً عربية (لم يسمّها) أبلغته استعدادها لصنع السلام مع إسرائيل والتحالف معها ضد التطرف".

وقال "دعوني أخبركم ماذا أبلغوني، إنهم يقولون لي بأنهم أصبحوا مستعدين للوقوف من أجل صنع السلام مع إسرائيل، ويبلغونني كذلك اعتقادهم بأن لديهم القدرة في هذه اللحظة، لإقامة تحالف إقليمي جديد ضد حماس وداعش وأحرار الشام وبوكو حرام، إلى آخر ذلك من منظمات التطرف في المنطقة".

واعتبر كيري أنه "لا يجوز إهمال مثل هذه الفرصة التاريخية بعدم الاستفادة منها، فقد كانت من قبيل المستحيل قبل ستة أشهر فقط. الآن، أصبح واضحاً للجميع، أن هزيمة التطرف وتعزيز التعاون الإقليمي، طريقان لبناء مستقبل أفضل لمنطقة الشرق الأوسط، ومستقبل أكثر أمناً لإسرائيل وجيرانها".

وعن علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل، جزم أنه "لا ينبغي لأحد أن يشككّ للحظة بمتانة العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، وستبقى قوية كما دائماً". وأوضح أن "الخلافات بين الأميركيين والإسرائيليين تكتيكية وليست استراتيجية". وضرب كيري مثلاً على ما وصفه بـ"الخلافات التكتيكية" بالحديث عن المستوطنات، التي اعتبرها أنها "تقوّض فرص السلام وتؤدي إلى عزلة إسرائيل في المجتمع الدولي".

وتابع كيري "من المهم أن نعالج هذه الأنواع من الخلافات مباشرة وباحترام متبادل". وشدد على أن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل ومستقبلها هو "التزام حديدي"، مشيراً إلى أن "إطلاق الصواريخ أثناء حرب غزة وصل إلى مقربة من مطار بن غوريون وبدقة أكبر".

وتطرق كذلك إلى آلاف الضحايا في الجانب الفلسطيني، بينهم نساء وأطفال، لكنه حمّل حركة "
حماس" المسؤولية في سقوط هذه الأعداد الكبيرة، بسبب "خيارات الحركة الخاطئة"، حسب تعبيره. واستعرض كيري أحداث القدس المحتلة، متحدثاً عن أعمال عنف متبادلة، وخلص إلى القول بأن "الحس السليم والتحليل الاستراتيجي يقول لنا: هذا العنف لا يمكن أن يستمر".

وكما فتح الخطر الذي يمثله تنظيم "داعش" أفقاً جديداً لتحالف إقليمي عربي إسرائيلي ضد التطرف، حسب رأيه، فقد خلق هذا الخطر من وجهة نظره، "تقارباً شيعياً سنياً في المنطقة العربية، أو تقارباً سعودياً عراقياً، غير مسبوق، ومن أبرز علاماته أن السعودية قررت أن تعيد فتح سفارتها في بغداد للمرة الأولى منذ حرب الخليج، كما أبدت استعدادها لاستقبال مسؤولين عراقيين من حكومة العبادي، في تغيير ملموس يقوده أقدم وزير خارجية في العالم، هو وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل".

وعلى الصعيد السوري، ذكر كيري سورية في سياق كلمته 13 مرة، تضمنت مقاطع من الهجوم الحاد الشديد اللهجة على الأسد، قائلاً إنه "ديكتاتور طاغية لا شرعية له، بعد أن أباد ما يقارب المئتي ألف من أبناء شعبه". وأضاف أن "الولايات المتحدة ترفض القبول بالأسد كخط دفاع أخير ضد الإرهابيين في سورية، فطغيان الأسد على أبناء شعبه هو الذي أدى لبزوغ إرهاب داعش".

واعتبر أنه "عندما يتعلق الأمر بمستقبل السوريين، فلا يجب تخييرهم بين الطاغية والإرهابيين (الأسد وداعش). ونحن نفضل الخيار الثالث، المتمثل بالمعارضة السورية المعتدلة، التي تقاتل التطرف والأسد معاً". وختم كيري معتبراً أن "ما يجري في الشرق الأوسط من صراع ملحمي، يكاد لا يصدق من منطقة الساحل إلى المغرب، ومن اليمن إلى سورية، والولايات المتحدة ملزمة بالانخراط في هذا الصراع ودخلته رغماً عنها



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 09/12/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com