أسباب انضمام المسلمين الأوروبيين لداعش وسبل مواجهة المشكلة


قال السفير أكبر أحمد - رئيس الدراسات الإسلامية في الجامعة الأمريكية -: إن أرقام المسلمين الأوروبيين المنضمين لتنظيم "داعش" الإرهابي مقلقة. راصدًا قول مفوض شرطة العاصمة في لندن مؤخرًا بأن خمسة مواطنين بريطانيين ينضمون لداعش كل أسبوع، في إشارة إلى أن عددهم تجاوز الآلاف.

وأوضح أكبر – في مقال له أورده موقع "هافنجتون بوست" الإخباري الأمريكي, اليوم الاثنين – أنه على الرغم من تغطية شاملة للتنظيم في وسائل الإعلام, يدور التساؤل حول أسباب انضمام المسلمين الأوروبيين لداعش، الأمر الذي لا يزال لغزًا.

وأكد أن معظم التقييمات تركز على دور أيديولوجية "الجهاد" و"التطرف" في تحفيز هؤلاء المجندين, وأن تلك التقييمات تميل إلى تبسيط وتقليل العوامل المعقدة التي تؤثر على المجتمعات المسلمة الأوروبية, داخليًّا وخارجيًّا.

وأوضح أكبر أنه أدان مرارًا وعلنًا الأفعال الشنيعة التي يرتكبها التنظيم الإرهابي، مشيرًا إلى أن من أجل إلحاق الهزيمة بالإرهاب, لا بد أن نفهم العوامل الكامنة وراء تحفيز المسلمين الأوروبيين الذين يؤيدون ذلك.

ولفت إلى أن المسلمين الأوروبيين الذين أطلقوا للمحاربة في صفوف داعش, عادة ما ينتمون إلى الجيل الثاني أو الثالث من مجتمعات المهاجرين من الشرق الأوسط أو جنوب آسيا, ويمكن لهذه الأجيال أن يكونوا قابلين للاستقطاب والتجنيد لأنهم وصلوا عند نقطة من فقدان ثقافة أجدادهم، فضلًا عن شعورهم بأنهم غير مرغوبين وأن بلادهم لا تستوعبهم بشكل كامل, على الرغم من كونهم مواطنين حتى الآن.

وأشار إلى أن العديد من الجاليات المسلمة في أوروبا، خلافًا للولايات المتحدة, أنشئت من خلال الاتفاقات المبرمة بين الدولة المضيفة والدول الإسلامية لتوفير الأيدي العاملة لتعويض النقص في أعقاب الحرب العالمية الثانية, وهكذا, على سبيل المثال, وجدت أعداد كبيرة من الباكستانيين طريقها إلى المملكة المتحدة, وأيضًا توجه الأتراك إلى ألمانيا, والمغاربة إلى بلجيكا.

وأشار السفير إلى أن هؤلاء المهاجرين وأحفادهم يواجهون مشاكل هيكلية كبيرة في الاندماج في المجتمع, طبقًا لنشأتهم في المناطق الضعيفة اقتصاديًّا دون الحصول على فرص التعليم والعمل.

ونوه إلى فشل القيادة الدينية في المجتمع الإسلامي لتوفير التوجيه للشباب.. راصدًا صعوبة العثور على القيادة الدينية اللازمة، في الوقت الذي يحتاجونه لمناقشة مشاكلهم, إن لم يكن الأمر مستحيلًا, فضلًا عن صعوبة التحدث إلى الإمام المحلي في المسجد حيث إنهم غير قادرين على التحدث باللغة الأوروبية المحلية بطلاقة, ولذلك عندما يقترب الشباب المسلمون من الحديث عن مشاكلهم الاجتماعية التي تواجه الشباب الأوروبي مثل الكحول والمخدرات والجنس والبلطجة يجدون الصعوبة في النصح على نحو فعال, ولذلك يصعب على الأئمة الحاليين إعطاء صورة واضحة بشأن تعريف الجهاد نفسه.

وأشار أكبر إلى وجود عوامل خارجية قوية على قدم المساواة في تحفيز الشباب المسلمين للانضمام لداعش, وأن أهم هذه العناصر هو "الإسلاموفوبيا" التي نمت بشكل مطرد منذ أحداث 11/9, وأن ذلك وضع الشباب المسلم في بيئة وضعتهم دائمًا في موقف دفاعي, راصدًا تهكم وسائل الإعلام على الدين الإسلامي في أعقاب حادثة البرجين.

كما أشار إلى أن مزيجًا من هذه العوامل يفسر لماذا هذا العدد الكبير من الشباب المسلم على استعداد لتقديم التضحية الكبرى والانضمام لداعش.

ورأى أن الخوف من الإسلام يدفع الشباب, الذين قد يكونون بالفعل غاضبين وساخطين على الوضع الاجتماعي نظرًا للمشاكل الهيكلية التي ناقشناها أعلاه, بعيدًا عن المجتمع والمزيد من شعورهم بالاغتراب, فإنه بات من الممكن أن يقعوا فريسة لأولئك الذين يدافعون عن القتال في الشرق الأوسط أو فكرة وجود الكثير من المشاكل في أوروبا وهناك "دولة إسلامية" واعدة بحياة أفضل.

وطرح الكاتب فكرته عما يجب عمله، مشيرًا إلى أن الحكومات الأوروبية لها دور أساسي في حل تلك المعضلة, حيث بإمكانها أن توفر مبادرات محددة تهدف إلى تهدئة مخاوف الشباب المسلم, ودمجها في البرامج المختلفة, وتوفير فرص العمل, مع ضمان القانون والحفاظ على النظام, ويتعين على الحكومات أن تتخذ كل فرصة لاحترام وتكريم المجتمع المسلم بشكل أكبر.

وأضاف أنه يجب على الحكومات ألا تنسى أبدًا أن هؤلاء هم مواطنون كاملو الأهلية, وتحتاج الحكومات الأوروبية أيضًا إلى العمل بشكل وثيق مع الزعماء المسلمين في المجتمعات المحلية لخلق الثقة.

وشدد على أنه لا يمكن حل هذه المشكلة دون النظر في جميع العوامل المذكورة أعلاه, ويجب أن تصبح الحلول طويلة الأمد وشمولية بشكل أكثر, وعلى كل من قادة الجالية المسلمة والحكومات الأوروبية أن تبدأ في وضع سبل لحل المشكلة معًا.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 25/11/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com