مصر: حرب جنرالات قبيل الانتخابات البرلمانية


تخوض مجموعة من الشخصيات العسكرية المصرية السابقة معارك سياسة فرعية في ما بينها قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة، في محاولة لرسم خريطة تحالفات حزبية جديدة بهدف السيطرة على أغلبية البرلمان، بعدما عادت لتتصدّر المشهد السياسي إلى جانب "فلول" النظام السابق.

وكشف إعلان رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، سامي عنان، عن إنشائه حزباً سياسياً تحت اسم "مصر العروبة"، حقيقة الصراع بين "جنرالات العسكر" على الكعكة السياسية في مصر، في ظل تقدم عدد غير قليل من العسكريين القدامى إلى صدارة المشهد السياسي. وقد أثار الأمر استياء بعض الأحزاب المدنية والقوى الثورية، التي حذرت من استمرار عسكرة الحياة الحزبية فى مصر.

وغداة تداول بعض التسريبات عن انضمام عنان إلى الجبهة التي يسعى إلى تشكيلها رئيس الاستخبارات العامة الأسبق، مراد موافي، بالتعاون مع السياسي البارز، عمرو موسى، أصدر المكتب الإعلامي لموافي، بياناً نفى فيه انضمام عنان لجبهته أو حدوث أي لقاء بينهما.

بدوره، سارع عنان إلى صدار بيان، يوم السبت، نفى فيه صحة انضمامه لجبهة موافي أو أي جبهة أخرى، معلناً تأسيسه لحزبه السياسي الخاص. وأشار إلى أنه "سيكون مظلة لتحالف جديد مضاد تحت الاسم نفسه: "مصر العروبة"، يضم قوى سياسية وحزبية متنوعة".

وكان لافتاً أن عنان توجه بالشكر، في نهاية بيانه، إلى موسى وجهوده السياسية، وتجاهل ذكر موافي تماماً، ما يعكس خلفيات الصراع بينهما. وأشار عنان إلى التواصل مع القاعدة المؤيدة له في كافة المحافظات للانضمام للحزب، والتشاور مع بعض القوى والأحزاب السياسية التي لها وجود في الشارع، لتلبية مطالب الشعب وحل مشاكلهم.
ثم كانت المفاجأة أمس الأحد بإعلان مراد موافي نفسه انسحابه من التحالف الانتخابي الذي يشكله عمرو موسى ، بعد بيان مقتضب حمل فيه على ممارسات بعض الأحزاب داخل التحالف. وطلب مدير المخابرات السابق من عمرو موسى ما أسماه"إعادة النظر في صيغة التكتل على أسس جديدة تخدم المصلحة الوطنية"
انشقاق الوفد

وكان رئيس حزب الوفد، رجل الأعمال السيد البدوي، قد أعلن انشقاقه عن تحالف موسى، وعدم مشاركته في أي تحالف غير "الوفد المصري" الذي يضم أحزاب: الوفد، المصري الديموقراطي والإصلاح والتنمية.

وتجري اتصالات مكثفة حالياً، بين كل من موسى والبدوي، ورئيس الحزب المصري الديموقراطي، محمد أبو الغار، بهدف احتواء أزمة البيان الذي أصدره حزب الوفد، يوم السبت، بشأن تدشينه تحالف الوفد المصري، والوصول إلى صيغة مشتركة تجمع التحالفين لاحقاً، من أجل حصد الغالبية البرلمانية، وتشكيل الحكومة المقبلة.

حزب السادات

ووسط هذه الأجواء، أعلن رئيس حزب السادات الديموقراطي، عفّت السادات، عن اتفاق الحزب مع عدد من القوى السياسية وممثلي النقابات على تدشين تحالف انتخابي جديد يحمل اسم الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، لخوض انتخابات مجلس النواب.

وحول القوى السياسية المكوّنة للتحالف، قال السادات إن "هناك اجتماعات بشكل يومي مع ممثلي النقابات العمالية ونقابات الفلاحين، إضافةً إلى كتلة نواب الشعب، وتيار الاستقلال (اللذين أسسهما رموز الحزب الوطني المنحل)، وحملة مستقبل وطن (الممولة من رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة)، وعدد كبير من الشخصيات العامة، لإعداد برنامج انتخابي قوي سياسياً واقتصادياً".

كما أعلنت جبهة "دعم الرئيس"، التي تضم أحـزاب تيار الاستقلال، ومجموعة من الحملات الشعبية الداعمة للسيسي، عن الوثيقة السياسية لتحالفها الانتخابي. وتتبنى شعار اللاءات الثلاث: "لا للإخوان، لا للمتأسلمين، لا للفاسدين"، علماً أن الغالبية الساحقة من رموز تيار الاستقلال هي من القيادات السابقة للحزب الوطني الحاكم في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وبحسب المتحدث باسم الجبهة، عبد النبي عبد الستار، فإن التحالف سيشكل مجمعاً انتخابياً لتلقي ترشيحات أعضاء التحالف، الذين يصل عددهم إلى نحو 50 حزباً وحركة وائتلاف، أبرزهم أحزاب السادات ومصر العربي الاشتراكي وفرسان مصر، والناصري، على أن يخوض التحالف الانتخابات على كافة مقاعد مجلس النواب.

حزب شفيق

في هذه الأثناء، كشف عضو الهيئة العليا لحزب الحركة الوطنية، ياسر قورة، عن نيته القيام بزيارة لمؤسس الحزب، العسكري السابق أحمد شفيق، الذي شغل منصب آخر رئيس حكومة في عهد مبارك، في محل إقامته في دولة الإمارات، لبحث موقف الحزب من التحالفات الانتخابية.

وكان تحالف موسى قد أسقط حزب شفيق من حساباته. ولم يدع ممثليه للاجتماعات التحضيرية للتحالف، نظراً لكون حزب "الحركة الوطنية" يضم عدداً كبيراً من قيادات الحزب الوطني المعروفة في الشارع.

عسكرة الأحزاب

وحول خريطة التحالفات الانتخابية الجديدة، قال المتحدث الرسمي باسم حزب الوسط، بلال السيد، لـ"العربي الجديد"، إن "إنشاء عنان لحزب سياسي جديد، يعدّ من قبيل المعارك الفرعية بين الجنرالات بعضهم مع البعض، التي ستظهر الصراعات الموجودة في الدولة العميقة". وأشار إلى أن "دخول جنرالات الجيش السابقين بهذه الكثافة إلى الحياة الحزبية في مصر، والمعارك بينهم، ستؤدي إلى تجريف الحياة السياسية المدنية، وحصر السياسة في الأحزاب التابعة للعسكريين".

من جهته، تساءل عضو المكتب السياسي لحركة شباب 6 أبريل، محمد كمال، "هل عقمت مصر في أن تأتي بأحزاب مدنية حتى يشكل رئيس أركان الجيش والاستخبارات السابقين حزباً سياسياً؟". وأوضح أن "هذه الأحزاب ستعتمد فى كوادرها وقياداتها بشكل كبير على العسكريين، وهذا يعدّ إفقاراً للحياة السياسية، وعسكرة للأحزاب السياسية، بعد عسكرة المناصب التي حدثت فى مصر طوال الـ60 عاماً الماضية".

أما نائب مدير "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، وحيد عبد المجيد، فرأى أن "تحالف موسى، لن يكتب له النجاح"، مؤكداً أن "هناك مئات المشاكل أمام التحالفات في الانتخابات النيابية المقبلة".

وأشار عبد المجيد إلى أن "التحالفات الانتخابية في مصر لا تقام على أسس سياسية، ولكن على أساس المصالح والعلاقات، والحصول على أكبر غنيمة من مقاعد البرلمان"، مشدداً على أن "المشهد الحالي مرتبك للغاية في مصر".




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 16/06/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com