تغييرات جوهرية في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية


كشفت تقارير إسرائيلية جديدة عن استعدادات إضافية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أجل مواجهة ارتدادات الربيع العربي على دولة الاحتلال، عبر إحداث تغييرات جوهرية في هيكلية الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية. وأفاد تقرير جديد في صحيفة "إسرائيل ديفينس" للمحلل العسكري عمير رابابورت، بأن الربيع العربي فرض تحديات جسيمة على الاحتلال الإسرائيلي دفعته نحو إجراء تغييرات تنظيمية وهيكلية، لا ترتبط فقط بهوية الأشخاص الذين يتبوأون المناصب العليا في الأجهزة الأمنية. وأقرّ التقرير أن التطور التكنولوجي وتقنيات الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، على اختلافها تشكل بدورها عقبة كبيرة، أمام عمل الاستخبارات، ومن ضمنها جهازا "الموساد" و"الشاباك"، وليس فقط الاستخبارات العسكرية. كما تفرض تحديات حرب "سايبر" والإنترنت على الأجهزة الثلاثة، التعاون الوثيق بدلاً من المنافسة، بحيث تضطر هذه الأجهزة إلى تبادل كل معلومة، لربطها ببنك المعلومات، وخصوصاً المعلومات المرتبطة بنشاط الجماعات الجهادية السلفية في بلدان الربيع العربي. وأشار التقرير الى أن الصورة الكاملة لهذه التغييرات توضح أن العنصر الأساسي فيها، هو بالأساس ضمان تحسين عمليات جمع المعلومات، خاصة تلك المرتبطة بعمليات نقل أو شحن الأسلحة، وتحسين مستوى دقة التوقيت في الحصول عليها، مع توفير آلية تمكِن الرد الفوري والسريع واتخاذ القرار "اللازم" للتعامل مع دلالات المعلومات التي جُمعت، والابتعاد عن الطرق التقليدية في جمع المعلومات، والتي تعتمد على الأقمار الصناعية والتصوير الجوي، لصالح التسلل واختراق مقر الاتصالات وشبكة تبادل المعلومات، والنشاط الحي على شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت. وبحسب التقرير نفسه، فإن التغييرات الشخصية في قيادات الأجهزة يمكن أن تفسر مواجهة هذه التحديات؛ فنقل رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان" الجنرال كوخافي، على سبيل المثال، بعدما أعد خطة لهذه التغييرات الشاملة، من سلاح الاستخبارات إلى قيادة المنطقة الشمالية، المحاذية للحدود مع سورية ولبنان، يمكنّه من أن يكون قريباً من ساحة المواجهة، ويعزز من قدرات هذه الجبهة الشمالية. وذكر التقرير أن أهم وأوسع تغييرات هي تلك التي أدخلت على جهاز الاستخبارات العسكرية، وشملت حركة تنقل نحو 1000 ضابط، رافقتها عملية إعادة تنظيم جديدة. ونقل التقرير عن قائد رفيع المستوى في سلاح الاستخبارات العسكرية قوله إن "أجهزة الاستخبارات في أيامنا أخفقت بشكل منهجي في قراءة وتوقع التطورات التاريخية الكبرى، التي تحصل في عصر الإنترنت والشبكات الاجتماعية بسرعة هائلة، إذ إن عمليات كانت تستغرق سنوات عدة، أخذت تنتهي وتعطي ثمارها خلال أيام وأحياناً خلال ساعات". ورأى المسؤول نفسه، أنه إلى جانب هذه التداعيات والإرهاصات المرتبطة بعدم الاستقرار الإقليمي، فإن التغيير المصيري والأساسي بالنسبة لأجهزة الاستخبارات، هو ذلك المرتبط بالثورة التكنولوجية، التي قضت على طرق تقليدية لجمع المعلومات، كالتنصت على أجهزة الرادار والاتصالات وتعقب الإشارات الإلكترونية. ورصد التقرير التغييرات المهمة التي أدخلت على جهاز الاستخبارات من خلال تعيين قائد جديد لوحدة لم تكن قائمة في السابق، وهو قائد منظومة العمليات، كمسؤول عن وحدات ميدانية وعملياتية عدة، وتحديد رتبة عميد لمن يتولى هذا المنصب. ويتولى هذا القائد أيضاً مسؤولية عدد من الوحدات التابعة لسلاح الاستخبارات العسكرية، ومن ضمنها وحدة التطوير التكنولوجي. وتُضاف هذه الوحدة الجديدة، إلى وحدة رئيس قسم العمليات التي تأسست قبل أربع سنوات بمبادرة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق يئير كوخافي. كما عُيّن عميد لقيادة وحدة حرب "سايبر" (رقم 8200)، وضابط استخبارات رئيسي برتبة عميد، هو العميد إيلي بن موشيه، إضافة إلى تشكيل وحدة جديدة لجمع المعلومات بدلاً من وحدة التنصت التقليدية. وفيما قُلص عدد القوى البشرية في بقية الوحدات والأذرع الأخرى، جرى تعزيز عدد العاملين في سلاح الاستخبارات بمئات الوظائف. وتعني هذه التعديلات أن سلاح الاستخبارات العسكرية بات اليوم يتصدر الأولوية لدى قيادة الجيش وتحديداً رئيس الأركان بني غانتس ووزير الأمن موشيه يعالون، بل ويفوق أهمية وأولوية سلاح الجو، مما يعني، مرحلياً على الأقل، تغيير في مكانة هذا السلاح وفي المفهوم الأمني الجديد. تغييرات في جهازي الشاباك والموساد وأشار تقرير إسرائيل ديفنس إلى أن التغييرات لم تقتصر على جهاز الاستخبارات العسكرية وقيادات الجيش، بل طالت أيضاً جهازي "الموساد" و"الشابك"، في منحى مشابه، وهو التركيز بشكل أكبر على تطوير قدرات جمع المعلومات في عصر الإنترنت، وحرب "سايبر"، عبر استيعاب قوى بشرية كبيرة وجديدة لهذا القطاع على حساب الطرق التقليدية في جمع المعلومات، والاعتماد على الطرق الجديدة في حراسة وتأمين البنى التحتية والأهداف الاستراتيجية، وهي المهمة التي يتولاها جهاز "الشاباك". ولفت التقرير إلى "هجمات "سايبر" ضد مواقع وأهداف إيرانية مثل زرع فيروس الدودة ستوكنيت في إيران". لكن أهم تغيير هيكلي في "الموساد" هو تعزيز مكانة ودور ومهام مقر قيادة "الموساد"، ونقل الصلاحيات إليه بعدما كانت من اختصاص قيادات الأقسام بشكل منفرد، وهي عملية تواجه معارضة ولا تلقى قبولاً داخل الجهاز وبين رؤساء الأقسام.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 12/05/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com