إيطاليا: أنشطة المافيا تلوث المزارع المحيطة بمدينة نابولى


المزارع المحيطة بمدينة نابولى الإيطالية، تعانى التلوث جراء إلقاء النفايات السامة التى تتكسب عصابات مافيا "كامورا" مليارات الدولارات من وراءها، حيث تأتى هذه المخلفات بشكل رئيسى من الشمال الغنى، الذى لا يسأل تماما عن الجهة التى تنقل إليها هذه القمامة، طالما أنها خرجت من يديه، حسبما تفيد السلطات الإيطالية.

تثير هذه الملوثات السامة خوفا وغضبا واسع النطاق فى نابولي، حيث خرج عشرات الآلاف من المواطنين فى مسيرات بمختلف أرجاء المدينة الشهر الماضى، للمطالبة بمعرفة ما إذا كانوا يتناولون خضروات ملوثة منذ سنوات أم لا.

اقتحمت الشرطة مؤخرا مزرعة دومينيكو ديلا كورتى بجبل فيزوف، وزرعت إشارة تحذير فى حقول القرنبيط الخاصة بها، ومنعت أى شخص من الحصاد أو حتى دخول هذه المنطقة.

تم ضبط عشرات الحقول الأخرى بهذه الطريقة. وسخر المزارعون من فكرة أن خضرواتهم مضرة وغير صالحة للاستخدام. وتعد منتجات هذه الحقول جزءا رئيسيا من النظام الغذائى الشهير بأنه صحى فى منطقة البحر المتوسط.وقال دومينيكو ديلا كورتى "أتناول هذا القنبيط، وأعطى أطفالى وأقاربى منه.. فهل تأكلون شيئا مسمما؟ لسنا أغبياء".

و تحدث رئيس قوة الشرطة البيئية فى نابولى، الجنرال سيجرجيو كوستا، عن قائمة من المواد التى تتجاوز فيها الملوثات المستويات المسموح بها فى ثلاثة عشر بئرا داخل المزارع، وهى الزرنيخ والكادميوم والقصدير والبريليوم وغيرها من المعادن، فضلا عن رابع كلوريد الكربون والتولوين وغيرها من المواد الكيميائية المستخدمة فى المذيبات الصناعية.ولم يقدم كوستا أية نسب محددة لأن الاختبارات لا تزال جارية، لكنه لفت إلى الكميات تصل إلى مستويات خطيرة.

وتشير تقديرات المسئولين إلى أن التسريبات الناجمة عن النفايات فى أحد أسوأ المواقع سمعة، فى بلدة جوليانو الزراعية، ستظل تسمم المياه فى هذه المنطقة لنحو نصف قرن.

وأدين قيادى كبير فى عصابة كامورا، الشهر الماضى بتسميم جدول مياه فى بلدة جوليانو، بنفايات سامة، وعوقب السجن لمدة عشرين عاما.

وتأتى معظم النفايات التى تهربها كامورا من المصانع، ومحطات المعالجة والمستشفيات، حيث يتم شحنها من الشمال الإيطالى الصناعى إلى مناطق بالقرب من مدينتى نابولو وكاسيرتا.

وقال المدعى المناهض للمافيا والمقيم فى نابولى جيوفانى كونزو فى مقابلة إنه يتم دفن النفايات السامة أيضا تحت حمام للتزلج المائى فى بلدة كاستيل فولتورنو، القريبة من البحر.

وفى هذا السياق، قال كونزو "ما كانت عصابات كامورا والمافيا وندرانجيتا، لتمضى فى هذا النشاط، إلا بوجود تواطؤ بين السياسة وطبقة رجال الأعمال، وكذلك وجود رجال أعمال مستعدين لأخذ الأموال التى تأتى من كامورا".ويرأس عالم الأورام ماريو فوسكو، فريق بحث فى معدلات السرطان فى المنطقة التى تعانى من النفايات السامة.

ويشدد فوسكو، وهو من مدينة نابولي، على أنه بالرغم من أن الخطر حقيقى، فإنه ليس هناك أدلة علمية قاطعة على وجود صلة مباشرة بين النفايات السامة ومعدلات الإصابة بالسرطان فى المنطقة.

وأوضح فوسكو قائلا "حقيقة أنه لا يوجد فى المنطقة المسجلة وفى جميع البلديات أى دليل على وجود خطر أكبر من المتوسط العام، لا يعنى بالضرورة، أننا نستبعد وجود بعض الأمراض السرطانية فى مناطق أصغر، ترتبط بمشكلات محلية للغاية".

وقال رئيس قوة الشرطة البيئية فى نابولى إن الخضراوات المروية بمياه الآبار الملوثة تتجه إلى الأسواق المحلية، وليس الأسواق، التى تعتمد معايير جودة وسلامة صارمة، والتى تتعرض لحملات تفتيش، ما يقلل من إمكانية عرض أية منتجات ملوثة.

ولفت كونزو إلى تخوف آخر فى هذه المشكلة والمتمثل فى احتمال استعداد الغوغاء للحصول على أموال مقابل عملية تطهير ضخمة مستغلين فى ذلك خبرتهم الطويلة، وذلك عبر الدخول على خط العقود العامة بهذا الخصوص.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 20/12/2013
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com