نص كلمة الزعيم الليبي إلى الشعب التونسي


وجه الزعيم الليبي معمر القذافي، مساء السبت، كلمة إلى الشعب التونسي، دعاه فيها إلى وقف الفلتان الأمني الذي تعيشه تونس، وطالب التونسيين بحل خلافاتهم في أجواء من التهدئة والأمن واقترح إجراء استفتاء حول مسألة الرئاسة.
وحذر القذافي من أن الفوضى العارمة التي تجتاح المدن التونسية ووجود العصابات الملثمة يمكن أن تفقد تونس المكانة التي وصلت إليها والنجاحات التي حققتها مثلما تبين ذلك مختلف التقارير الدولية.
وأشار القائد القذافي إلى أن السياحة التي هي القطاع الأساسي في تونس يمكن أن تتأثر بشكل كبير بما يجري.
وقال الزعيم الليبي إنه يهتم بواقع تونس لاعتبارات كثيرة، أهمها أنها بلد عربي وأن الحدود بين البلدين مفتوحة وهناك آلاف من الداخلين والمغادرين وأن وجود هذه الفوضى يمكن أن تؤثر على استقرار ليبيا.
وفيما يلي نص كلمة الزعيم الليبي التي خاطب فيها الشعب التونسي عبر شبكة إذاعات الجماهيرية المرئية الفضائية والمسموعة:
( بسم الله .
إستأذنت من إخوتي ؛ أن أوجه كلمة للشعب التونسي الشقيق ، لأن عندنا "دلاله" عليه ؛ ولأننا نحن أخوة ، ونحن فرد شعب ؛ وجيران ، وكوني رئيس القمة العربية الحالية ؛ وعميد الرؤساء العرب والأفارقة ؛ وتونس دولة عربية وإفريقية ، وكوني الرئيس الدائم حتى الآن لإتحاد المغرب العربي ؛ وتونس دولة عضو في الإتحاد المغاربي .
الذي يهمني هو الشعب التونسي ، فأنا الحقيقة متألم جدا لما يحدث في تونس .
إذا كان الذي يحدث في تونس ، هو التحول من النظام الجمهوري ، إلى النظام الجماهيري - معروف أن كان النظام الملكي ، ثم النظام الجمهوري ، ثم النظام الجماهيري ؛ الذي هو نهاية المطاف في الزحف نحو الديمقراطية بالنسبة للشعوب كلها - ؛ إذا كان تحولا من جمهورية إلى جماهيرية ؛ من نظام جمهوري إلى نظام جماهيري ، فهذا يجب أن يكون واضحا .
وهذا يعني أن الشعب ، هو الذي يتولى السلطة ؛ ولا يتولاها غيره .
السلطة تعني أن الشعب ، يتقسم إلى مؤتمرات شعبية ؛ كل الشعب ؛ كل البالغين من 18 إلى ما فوق رجالا ونساء ، يُشّكلون مؤتمرات شعبية في كل مكان ؛ ويُصّعدون لجانا شعبية : المؤتمرات تقرر ؛ واللجان الشعبية تنفذ .
هذا النظام الجماهيري ؛ دولة الجماهير ، ولا يهم بعد ذلك أن يكون هناك رئيس أو أي رمز.
إذا كان التحول الذي يجري الآن ، هو نحو هذا ، إذن يجب أن يكون واضحاً أن الشعب ؛ لا يُسلّم السلطة لأحد .
أما إذا كنا ، مازلنا داخل دائرة المرحلة الثانية ؛ وهي النظام الجمهوري ؛ من جمهورية إلى جمهورية ؛ من رئيس إلى رئيس ؛ من حكومة إلى حكومة ؛ من برلمان إلى برلمان ، فلا أعتقد أن هذا يستحق هذه التضحيات .
الحقيقة ؛ أنا متألم للذي حصل ، وكان يمكن أن يحصل بالتي هي أحسن .
حتى مع الرئيس "الزين" ، كان ممكناً أن يتم الإتفاق إذا بتتحولوا من جمهورية إلى جماهيرية ؛ من نظام جمهوري إلى نظام جماهيري ؛ وتبغون السلطة للشعب ، تستطيع الفاعليات التونسية كلها ؛ والأحزاب التونسية إن وُجدت ؛ والنقابات وما إليه ، أن تأتي حتى للرئيس "الزين" وهو موجود ، ويقولون له " نحن نريد أن نتحوّل سلميا من النظام الجمهوري إلى النظام الجماهيري ، وأن يكون وضعك أن تكون أنت على رأس هذا التنظيم ".
وهذا يتم بدون أي إشكالية .
معروف أني قائد الثورة الشعبية في العالم ؛ وأُحّرض الشعوب كلها للإستيلاء على السلطة ، لكن ليس بهذا الشكل .
تونس لا أرى أنها تحتاج حتى أن تتحول من نظام جمهوري إلى نظام جمهوري ، ولا تغيير رئيس برئيس ، ولا حكومة بحكومة ، ولا برلمان ببرلمان .
تونس وضعها ممتاز جدا .
أنا أمامي تقارير دولية ؛ وأنا أتابع المنطقة العربية من الناحية الإقتصادية والسياسية ؛ وهناك مؤتمر قمة إقتصادي عربي سيُعقد في آخر هذا الشهر في شرم الشيخ ، وأنا عاكف على دراسة الأوضاع في كل دولة عربية .
وتونس في التقارير الدولية ، دائما لها الأولوية في التنمية والإنتعاش الإقتصادي ، ويُعتبر الإقتصاد التونسي من الإقتصاديات الصاعدة .
فمثلا الفائض التجاري بين تونس وفرنسا ، هو لصالح تونس بقرابة ربع مليار ؛ وهذا يعني أن تونس تصدّر لفرنسا ، أكثر مما تستورد منها ، وهذا في حد ذاته كاف . تونس لها الأولوية ، وفي منتدى "دافوس" العالمي المشهور ، صنّف التقرير العالمي السنوي لعام 2008 - 2009 ، تونس في المرتبة الأولى مغاربيا وإفريقيا ؛ والرابعة في العالم العربي . يعني تونس إقتصادها ، صُنف رقم واحد في المغرب العربي وفي إفريقيا ؛ ورقم أربعة في العالم العربي .
وتونس تحصلت على المرتبة " 35" من " 135" ، في المؤشر العام للقدرة التنافسية للإقتصاد على الصعيد الدولي ؛ أي عندها مرتبة متقدمة جدا في التنافسية ، تسبق حتى الدول التي عندها النفط .
وإعتمد هذا التقرير الدولي في تصنيفه لهذه السنة ، جملة من العناصر تتعلق بالمؤسسات والبنية التحتية في تونس ؛ والإستقرار الإقتصادي الكلي في تونس ؛ والصحة ؛ والتعليم الإبتدائي ؛ والتعليم العالي والتكوين ؛ ونجاعة أسواق الخبرات ؛ وجدوى سوق الشغل ؛ ودرجة التقنية بالأسواق المالية والمهارة التكنولوجية "التقنية" ؛ وحجم السوق ، ومناخ الأعمال والتجديد .
وهذا جعل تونس ، تنال هذه المرتبة ، حسب تقرير منتدى "دافوس" ؛ الإقتصادي المشهور.
أمامي تقرير آخر من صندوق النقد الدولي ، " مستقبل الإقتصاد التونسي يبعث على التفاؤل ؛ تونس تمكنت من تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية بنجاعة ".
وإعتبر التقرير ، أن الآفاق المستقبلية للإقتصاد التونسي ، تبعث على التفاؤل ؛ وأن تونس سجلت معدل نمو تجاوز " 3" في المائة ، مع تخفيض متواصل في حجم ديونها المصنفة ؛ والتحكم بعجز الميزانية وبنسبة التضخم ؛ وتجاوز تداعيات الأزمة بنجاح .
ويضيف التقرير بأن الإقتصاد التونسي ، قادر على تحسين أدائه خلال العام الجاري ؛ وتحقيق معدل نمو إيجابي يتجاوز "4" في المائة ، بالرغم من الظرف الدولي الصعب ؛ وخاصة في منطقة اليورو.
يعني لا توجد أزمة إقتصادية في تونس ، وهناك الفرص المستقبلية في كل سنة ؛ للعمالة في تونس ،والتدريب المهني .. التكوين المهني في تونس ؛ راق جدا.
النسبة للصحة في تونس : الليبيون يعالجون بالآلاف في تونس ، لأن تكوين الطب التونسي تكوين فرنسي ؛ والأطباء التوانسة كأنك تعالج عند طبيب فرنسي ؛ والطبابة ناجحة جدا في تونس .
ولا أرى شيئا يستدعي القتل والحرق .
يا إخوتنا : لماذا تونس الخضراء ، حولتموها ؛ إلى تونس السوداء ؟!.
نحن كنا نفخر بتونس أنها حديقتنا الخضراء السياحية على البحر المتوسط ، في مواجهة أوروبا ؛ نحن في شمال إفريقيا نفخر بها .
والآن تحولت إلى فحمة ؛ بدل خضراء ، أصبحت سوداء .
تحطمت السياحة ، وتحطم وجه تونس الجميل ، والإخضرار إحترق .
دماء تسيل مقابل لا شيء ، كأننا نقاتل ضد قوات أجنبية داخلة لتونس ، ولا معركة بنزرت !!.
أنا يهمني الشعب التونسي ، لأنه يضحي بأولاده في كل يوم يسقطون .
يسقطون من أجل ماذا ؟ من أجل أن يصبح واحد ، رئيسا ؛ بدل زين العابدين ؟!! .
خلاص ؛ واحد أصبح رئيسا ! وواحد أصبح رئيس وزراء ! ومجموعة وزراء ! ومجموعة نواب !، وأولادكم الذين يموتون ؛ من يعيدهم لكم ؟!.
حتى لو أنهم عوضوكم ملء الأرض ، فإن هذا لا يعوّض لك إبنك الذي مات ؛ والذي يمكن أن يموت الليلة وبكره وبعد بكره .
لو تسأل أي شاب في الشارع " لماذا خرجت للشارع ، وواجهت الرصاص ؟"، لن يستطيع الإجابة كيف تم الزج به في الشارع.
تونس تعيش في رعب .
وأنا أمامي مقابلات المواطنين التونسيين ؛ حاجة عجيبة : التجار يمسكون هراوات ويقفون أمام متاجرهم ، خائفين من أن تداهم المتاجر ؛ عصابات ، والتجار أقفلوا متاجرهم لأن العصابات منتشرة ، والسجون تمت مداهمتها ؛ وتم قتل العشرات وحرقهم ؛ وخرج المجرمون للشارع بالفؤوس وبالسكاكين .
والعائلات يمكن أن تُداهم وتُذبح في دار النوم ، والمواطن في الشارع ؛ يُقتل ، وكأنها الثورة البلشفية أو الثورة الأمريكية !!.
لماذا هذا ؟ هل من أجل أن تُحّولوا زين العابدين ؟! ، ألم يقل لكم " زين العابدين " إنه " بعد ثلاث سنوات لاأحب أن أبقى رئيسا ؟".
إذن ، إصبر لمدة ثلاث سنوات ؛ ويبقى إبنك حيا .
ألا تستطيع أن تصبر ؟!.
إن إبنك يموت اليوم ، لأنك لست قادرا أن تصبر على زين العابدين ؛ ثلاث سنوات مثلا !!.
أنا لا أعرف من هم الناس الجديدة ؛ وهذا لا يهمني .
لكن نتكلم من زين العابدين وتحت ، نعرف زين العابدين ، وتونس هذه ؛ جعلوا التحول فيها حقيقيا ، فلماذا تخربونه ؟!.
تونس يحسبها الناس ، دولة سياحة ؛ ودولة متحضرة ؛ وأن السواح يكونون مطمئنين ، وإذا بها دولة ملثمين ؛ وعصابات الليل ؛ وهراوات وسكاكين ؛ وقتل وحرائق !!.
من أجل ماذا ؟! من وراء هذا ؟! من الذي غّرر بإبنك ، وقال له إخرج إلى الشارع في الليل؛ لكي يموت ؟
أنت يا مواطن يا تونسي يا شقيقي يا إبن عمي : إمسك إبنك ، هو يموت من أجل من ؟! ألكي يكون شخص آخر رئيسا ؟!. وماعلاقته لو كان أصبح رئيسا ؛ الرئيس يذهب بنفسه لقصر قرطاج إذا كان يريد الذهاب ،لا أن يذهب إبنك ليموت .
إذا كانت سلطة الشعب ؛ سلطة شعبية : مؤتمرات شعبية ؛ لجان شعبية ، أو السلطة للشعب ، نعم دونها الموت فعلا .
عندما يصل الشعب للسلطة ، ويريد أن يحكم نفسه بنفسه مباشرة : ديمقراطية شعبية مباشرة ؛ تسيير ذاتي ؛ مؤتمرات شعبية ؛ لجان شعبية ، والسلطة بيد الشعب ؛ والثروة بيد الشعب ؛ والسلاح بيد الشعب ، هذه دونها الموت ، لأن هذا هو آخر رقي في الديمقراطية ؛ آخر مرحلة ، عندما نصل إليها ؛ يجب أن لا نُفرّط فيها .
لكن مادامت هي ليست كذلك ، إبنك سيموت في الشارع ؛ وأنت ستذهب لبيتك ، ومن يعلم بك !!.
الذين مات أبناؤهم ، سيرجعون حزانى ؛ ويطلع بعدها رئيس .
رئيس برئيس ؛ جمهورية جمهورية ؛ حكومة حكومة ؛ نواب نواب ، لماذا ؟!.
لا إبنك الذي مات ؛ ولا أنت ، ستصبح وزيرا ؛ ولا رئيسا ؛ ولا نائبا .
أنت فقدت إبنك ، ولن تتحصل على أي شيء ؛ أنت يا مواطن يا تونسي .
لا حول ولا قوة إلا بالله !!.

من مازال يطمئن ، أن يذهب لتونس ؟!. !.
نحن نقول إخواننا الشعب التونسي ، شعب متحضر ، وإذا هناك قضايا تستحق التغيير ؛ فبطريقة حضارية .
الرئيس ينتخب وفقا للدستور ، يجب أن يُحترم الدستور ؛ مدة الرئيس يجب تستمر حتى نهايتها ، وفي نهايتها أعط صوتك لهذا الرئيس أو لغيره .
ولكن إذا كنت في نصف المسافة ؛ لا تريد الرئيس ، هناك طريقة أخرى ؛ هناك الإستفتاء ، مثلما حصل في فنزويلا ، وحصل في مناطق أخرى .
إعمل إستفتاء للرئيس ، " والله يا سيادة الرئيس ، نحن لا نريدك أن تبقى إلى عام 14 " ، يقول " حسنا ؛ تفضلوا ما هي الوسيلة التي تخرجوني ، لأني وفقاً للدستور لا أستطيع أن يتوقف هكذا ، أنا منتخب من الشعب ؟! ألم تنتخبوني وتصفقون لي ، و بن علي ؛ بن علي؛ بن علي ، ثم ماذا حصل ؟!، لم أُعجبكم . حسنا ، إعملوا إستفتاء مرة ثانية ".
لكن للأسف ؛ لا تطبقون الإستفتاء إلا على بلداننا التعبانة ؛ العالم الثالث .
فعندما زج "بوش" بأمريكا في الحرب ؛ وقتل آلافاً من أبناء أمريكا ؛ وخرج الأمريكان في الشوارع ، كان المفروض أنهم قالوا لماذا لا نعمل إستفتاء على الرئيس ؛ مادام عمل حربا خاسرة في أفغانستان والعراق ، بدون إذن الشعب ؟!.
لكنهم قالوا : لا ، إن الرئيس منتخب لمدة أربع سنوات ، لازم يستمر أربع سنوات .
بينما في فنزويلا ؛ وقد كانت فترة الرئيس ما زالت مستمرة ، لكنهم قالوا لا ، وقفوا في نصف الطريق ؛ وأمريكا وراءهم قالت لهم " إعملوا إستفتاء على الرئيس "!!.
حسنا ؛ نقبل بهذا الغُلب ، ونعمل إستفتاء على "زين العابدين" بالتي هي أحسن ؛ بالصناديق ؛ وبالإستفتاء " نعم أو لا " .
وفي حال قلتم "لانريد النظام الجمهوري ؛ نريد نظاما جماهيريا "، هي أيضا بالتي هي أحسن .
أنا دائما أحرّض الشعوب ، وأقول يمكن أن تستولي على السلطة بدون سلاح ؛ وبطريقة سلمية ، ولا حرق ولا قتل ولا دخان .. أقيموا المؤتمرات الشعبية واللجان الشعبية ، ويُسّير الشعب أموره
تلقائيا : السلطة في النظام الجماهيري عند المؤتمرات الشعبية ، القرار عند المؤتمرات الشعبية ، السلطة التنفيذية ؛ اللجان الشعبية : لجنة عامة ؛ لجنة نوعية ؛ لجنة محلية ، يستطيع الشعب في أي وقت عندما لا تعجبه اللجنة ، أن يغيرها .
يجتمع المؤتمر الشعبي ؛ ويقول هذه اللجنة قررت تغييرها ، فالسلطة التنفيذية في النظام الجماهيري ؛ تتغير في في المؤتمرات الشعبية ؛ وأنت تضع رجلا على رجل وتدخن وتقول " أنا لا أريد هذا الأمين ، ولا أريد هذه اللجنة ، ولا تعجبني ؛ لأنها فشلت في كذا وكذا ، غيّره ، إعمل بدلا منه واحدا آخر " .


كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 16/01/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com