التراكم الإيجابي


استكمالًا للتراكم السلبي: متى يبدأ التراكم السلبي؟

الشعور بالإحباط:

تبدأ القصة بشعور الطرف الضعيف بالإحباط في علاقته الزوجية، فهو لا يستطيع التعبير عن نفسه ولا يستطيع تحقيق أحلامه أو تحقيق ذاته أو تحقيق توقعاته في هذه العلاقة.

التحول الى الغضب:

وشيئا فشيئًا (إذا لم ينتبه الطرف الآخر) يتحول الإحباط إلى غضب، وإذا لم يجد الغضب مسارا يسلكه إلى الخارج فإنه يتحول إلى...

الحنق:

غضب غير منصرف أو مكتوم وهو ما نسميه الحنق، وهذا الحنق إما أن يتحول إلى رغبة في الانتقام والعدوان الموجه إلى الطرف الآخر أو يوجه إلى الذات في صورة اكتئاب أو رغبة في الانتحار.

الإزاحة الى طرف ثالث:

وأحيانًا يتم تحويل الانتقام (إزاحته) إلى طرف ثالث، وأكثر طرف مهيأ لهذا التحويل هم الأطفال فالأم المحبطة في علاقتها الزوجية أكثر قابلية لضرب أبنائها وإيذائهم وقد تصل في ذلك إلى درجات شديدة وخطرة من الإيذاء رغم أنه لايوجد مبرر ظاهر لذلك (وكذلك الأب المحبط المهزوم قد يتوجه بعدوانه نحو الأبناء)، أو قد يتحول العدوان لأشياء كأن تكسر الزوجة الغاضبة فازة أو نجفة أو أى شيء في البيت، وقد يفعل الزوج الغاضب مثل ذلك أو أكثر منه.

وقد يصل تحويل العدوان إلى درجة قتل الأبناء أو البنات، كما حدث مع الزوج المقهور الضعيف حين قتل ستة من بناته وأفلتت منه السابعة بسبب خلافات مزمنة بينه وبين زوجته.

وبعض الناس يعممون الغضب والعدوان فنجدهم في كل تعاملاتهم مع الناس يتسمون بالقسوة والعنف بلا مبرر واضح، وبعض الأزواج قد ينتقم بالخيانة، والبعض الآخر قد يسترد كرامته ومكانته بمزيد من النجاح والإنجاز بهدف تجاوز إيذاء الطرف المعتدي.

مظاهر العدوان في الحياة الزوجية:

وحين يصل التراكم مداه، وتفشل وسائل كتمانه؛ يبدأ في الظهور بشكل متدرج كالتالي:

1. العنف النفسي:

ويظهر في إهمال الطرف المعتدى واحتقاره وتجنبه والشماتة فيه وتمنى السوء له وانتظار الخلاص منه، والصمت العدواني تجاهه ومكايدته وعناده.

2. العنف اللفظي:

ويبدأ في صورة انتقاد مستمر للطرف الآخر أو لوم أو سخرية لاذعة أو نكات أو تعليقات جارحة ويصل في النهاية إلى السب والقذف.

3. العنف الجسدي:

مثل الدفع واللطم واللكم والركل، ولوسائل العنف الجسدى دلالات هامة فمثلًا الصفعة تعني ردًا لجرح كرامة أو شرف، بينما اللكمة تعنى رغبة في التدمير، في حين أن الركلة تعني الإهانة والاحتقار والإذلال، وقد وجد أن 20 – 50% من النساء يتعرضن للعنف بشكل منتظم في حياتهن، وعلى الجانب الآخر وجد أن 23% من الزوجات يضربن أزواجهن.

(إن استخدام العنف أسلوب لا يمت للحضارة من قريب أو بعيد وللأسف يستخدمه البعض مع زوجاتهم، وتقع الزوجة ضحية للإهانة الجسدية والمعنوية وننصح الزوجة ألا تعطي الفرصة للزوج لاستخدام هذا الإسلوب، فلا تضيق عليه الخناق بعنادها واستفزازه حتى يطير عقله ويستغني عن الأسلوب الحضاري ويبدأ في استخدام العنف) [حتى يبقى الحب، د/ محمد محمد بدري، ص 646].

ومن المفترض أو من الواجب أن نرصد مظاهر التراكم السلبي للمشاعر ونرصد بدايات ظهور العنف قبل أن تستفحل وتتحول إلى عنف جسدي ربما يصل إلى القتل، ولا يخدعنا وجود الحب فنطمئن لغياب الخطورة، فقد وجد أن 30% من النساء اللائي متن قتلًا كان ذلك بواسطة شخص محب (زوج حالى أو زوج سابق أو حبيب أو صديق).

وسائل وآليات دعم التراكم الإيجابي:

كيف نزيد من احتمالات التراكم الإيجابي في الحياة الزوجية؛ كي تستمر تلك الحياة وننعم فيها بالسعادة؟

يمكننا أن نكون رصيدًا من الارتباط الإيجابي والتراكم الإيجابي في حياتنا الزوجية، وذلك بعمل التالي:

1. توفير جو من السكينة في المنزل:

بحيث يشعر الزوجان بأنه أكثر الأماكن راحة وأمنا واستقرارًا، فهم يشتاقون إليه حين ابتعادهم عنه ويشعرون فيه بالبساطة والتلقائية والراحة.

ولا يتوفر هذا الجو إلا اذا كانت هناك سكينة نفسية بين الزوجين، فتكون الزوجة (قرة عين لزوجها ويكون الزوج قرة عين لزوجته {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.. فالزوجة هي السكن.. ومعنى السكن هو سكينة النفس والطمأنينة والاستقرار ويعني أيضًا الراحة والارتواء والسرور، وهو قيمة معنوية وليس قيمة مادية، وهو يقام على المودة والرحمة، وبغياب المودة والرحمة ينهار السكن) [متاعب الزواج د/ عادل صادق ص 182 بتصرف يسير].

2. التعبير عن مشاعر المودة والحب:

بكل الوسائل واللغات الممكنة والمتاحة (لفظية وغير لفظية )، أى بالكلمة الحلوة والنظرة الحانية واللمسة الرقيقة والحضن الدافئ والهدية المعبرة في المناسبات المختلفة، وعدم كتمان هذه المشاعر أو اعتبارها وصلت لمجرد وجودها داخل نفس الزوجين.

(إن المودة هي شعور متبادل بالحب يجعل العلاقة قائمة على الرضاء و السعادة و من خلاله يعبر كلا الزوجين عن حبه للآخر بالأقوال و الأفعال دون خجل أو تردد و يكون هذا التعبير متجددا بين لحظة و أخرى ) [لمن يريد الزواج وتزوج، فؤاد الصالح ص 212].

3. القدرة على المصارحة:

والعتاب وتصفية الخلافات في جو من التقبل، مع السماح بالتعبير عن الإحباط أو الغضب في حالة وجودهما.

4. التسامح:

والقدرة على تجاوز الزلات والأخطاء، وعلى فتح صفحات جديدة في العلاقة الزوجية، فإن استطعت أن تسامح فأنت أقوى الأقوياء، فالعفو والتسامح يورث في النفس راحة وطمأنينة ومن ثم سعادة ذاتية و حبًا للآخر.

5. الرضا:

الرضا بما يستطيع كل طرف أن يقدمه بحيث لا نكلفه مالا يطيق.

6. الاهتمام بالعلاقة الحميمة:

وتهيئة أفضل الظروف لها بحيث تمنح الطرفين أقصى درجات السعادة الممكنة.

7. قضاء لحظات سعيدة معًا:

تهيئة الظروف لارتباطات سارة من خلال قضاء لحظات سعيدة في نزهات أو رحلات تصنع رصيدًا من الذكريات الجميلة بين الزوجين.

8. استعادة الذكريات الحلوة:

محاولة استعادة الذكريات الحلوة بين الزوجين في جلسات الصفاء بينهما.

9. تسجيل اللحظات الجميلة:

مثل حفل الخطوبة والزواج والرحلات والنزهات بوسائل التسجيل الممكنة (صورًا فوتوغرافية أو فيديو أو غيرها) مع محاولة استعراضها من وقت لآخر لتنشيط ذاكرة الأوقات السعيدة والذكريات الجميلة بين الزوجين، وهذا التسجيل يمثل أرشيف للسعادة يفتحه الزوجان من وقت لآخر.

10. الاستمتاع بالجمال معًا:

استمتاع الزوجين "معًا" بلحظات تأمل للجمال أمام بحر أو مكان طبيعى، أو سماع شيء تلذ له الأذن.

11. المشاركة الإيمانية:

اشتراك الزوجين في بعض الأنشطة الروحية مثل الصلاة أو قراءة القرآن أو قيام الليل أو الحج أو العمرة، أو أعمال الخير بأشكالها المختلفة.



كاتب المقالة : أم عبد الرحمن
تاريخ النشر : 21/06/2013
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com