الـردود الثـريـة على وثيقة المرأة الأممية ( 1 )


الحمدُ لله الذي شرع لنا سُنن الهدى ، وفَضَّلَنا بهذا الدِّين على سائِر الورى ، وحقق لنا به مصالح الدنيا والآخرة .
وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له ما في السموات وما في الأرض ، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ، ويجزي الذي أحسنوا بالحسنى. وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله ، نبي الرحمة والهدى ، والرسول المجتبى ، والقدوة المُثْلى ، أكمل الناس خلقًا ، وأتقاهم لربِّه سرًّا وجهرًا ، وأرعاهم لحُقُوق العباد ظاهرًا وباطنًا صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه مناراتِ الهُدى ، ومصابيح الدُّجى ، ومَن سار على نَهْجِهم واقتفى.

أمَّا بعـــــــــدُ
لقد وصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء خيراً في مناسبات عديدة ، وكذلك في خطبة الوداع ، كما أنه حذر هذه الأمة عند موته بأبي هو وأمي أيضاً من فتنة النساء ،
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : ( اتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) رواه أحمد .  ولأنه لا ينطق عن الهوى فإن ما حذرنا منه قد وقع من الفتن بالنساء وغيرهن الكثير بهذه الأمة ، وقيد الشيطان لهن من يدعوهن إلى الفتن ، فكانت الدعوات كثيرة ، تحت مسميات عديدة ، وكان ممن دعى إليها وخاصة في مصر والعالم العربي ، " محمد على باشا" الذي كان سبباً من أسباب نقل فتن الغرب إلى الشرق وإخراج المرأة من بيتها بحجة الحرية والانفتاح والمشاركة في المجتمع ، ثم على يد "رفاعة الطهطاوي" ، الذي أقام في باريس واعظاً وإماماً ولكنه عاد وقد ادعى " بأن السفور والاختلاط ليس داعياً إلى الفساد  وقد اقتدى بالفرنسيين حتى في إنشاء المسارح والمراقص"  ثم "قاسم أمين" "الذي قال بأن سبب انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة ، والتمثيل والموسيقي والتصوير" ثم إبتلاء الأمة بنساء داعيات للفسق والفجور والتبرج والسفور تحت مسمى تحرير المرأة ، أمثال ، "صفية زغلول " و "هدى شعراوي " و " درية شفيق " ثم تتابعت المؤتمرات والمؤامرات على  المرأة المسلمة لتغريبها عن دينها لهدم المجتمعات الإسلامية ونقض الأعراف العربية ، ، بدءاً بمؤتمر مكسيكو عام 1975 إلى هذا المؤتمر الفاضح الذي ترعاه الأمم المتحدة في صورة وثائق وصكوك  وقوانين تخالف ديننا الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا الشريفة العفيفة . والهدف معروف والغاية مفهومة ، هو تغريب المرأة المسلمة وإبعادها عن دينها وهدم الأسر المسلمة والمجتمعات العربية المتحفظة
المرأة قبل الإسلام :
كانت المرأة في الجاهلية تباع وتشترى كالمتاع وليس لها شأن ولا وزن ولا سهم ولا ترث بل كانت تورث مع المال والمتاع، وعند ولادتها يلحق بها وبأهلها العار . وقد وصف لنا القرآن الكريم أبلغ وصف . قال تعالى : (( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)) النحل:59،58.  بل كانوا يدفنوها وهي حية بعد ولادتها  قال تعالى : (وَإِذَا الْمَوْءُودَة سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْب قُتِلَتْ) التكوير: 8
وأما شأنها في باقي الشرائع والحضارات القديمة فحدث ولا حرج ، فليس لها ذكر ومقام وهي أذى و ليس من جنس الإنسان بل مثلها كالحيوان . وأما وضعها الأن في الشعوب الأوربية التي تدعي بأنها متحضرة ، لا حول لها ولا قوة ، فالمرأة هي التي تقوم على نفسها وشأنها وتعمل وتكد حتى تجد الكساء والمسكن والدواء ، تزاحم الرجل في ميدان العمل لتكسب لقمة عيشها بسعيها. وتجد متطلبات حياتها لتدفع تأمين لحياتها إذا أصابها مكروه أو مرض أو عجز ولا يسأل عنها ابن ولا زوج ولا أهل ، فالكل مشغول بحاله ومشاكله ، وهذا هو التفكك المجتمعي والأسري ، فلا يربطهم رابطة من  دين ولا نسب ولا قرابة  ، بل يربطهم المصالح الدنيوية الزائلة .
المرأة بعد الإسلام:
جاء الإسلام فأعز المرأة ورفع من شأنها وقدرها فأصبحت الأم والعمة والخالة التي توقر ، والزوجة والبنت التي تصان  . فهي اللؤلؤة المكنونة والجوهرة المصونة. يقوم على رعايتها ومصالحها وشأنها أخوها أو أبوها أو زوجها ، أنزل فيها ربها  سورة باسمها فيها حقها وحقوقها وهي سورة ( النساء ) ثم بين حجابها وزوجها وطلاقها وحملها وباقي أحكامها في سور أخرى منها ( النور والأحزاب والتحريم والطلاق ) فهل يوجد في شريعة غير شريعة الإسلام سبق مثل سبقها، أو قدر مثل قدرها أو تقدير مثل تقديرها ؟! .
نصوص الوثيقة المشئومة:
لقد بحثت طويلاً حتى أحصل على نسخة من تلك الوثيقة المزعومة ، فحصلت على نسخة لم أجد فيها بعض النصوص التي نشرتها بعد المواقع والجمعيات المنددة بهذه الوثيقة ، ولا أعلم هل قصدوا ألا ينشركل ما فيها  من النصوص؟!!. ولكن الذي أعتقده ويجب أن يعتقده كل مسلم ومسلمة ، ولا ريب فيه ، أن الأمم المتحدة والجمعيات النسائية الماسونية في أوروبا والدول الغربية لا يأتي منها خير ، فهم يتحركون بخبث ودهاء بأن للمرأة قضية تحتاج إلى نقاش وتستدعي الانتصار لها ، أو الدفاع عنها ‘ ولذلك يكثرون الطنطنة في وسائل الإعلام المختلفة ، على هذا الوتر بأن المرأة في مجتمعاتنا تعاني ما تعاني ، وأنها مظلومة ، وشِق معطّل ، ورئة مهملة ، ولا تنال حقوقها كاملة ، وأن الرجل قد استأثر دونها بكل شيء ، فأهدافهم واضحة ومعروفة ومعلومة ، هو العمل على إفساد المرأة المسلمة وإخراجها عن وضعها المستقيم ودينها القويم. ولكن سوف أسرد بعض هذه النصوص ، وأقوم بالرد عليه من الناحية الشرعية .
استبدال القوامة بالشراكة ، والاقتسام التام للأدوار داخل الأسرة بين الرجل والمرأة ( الإنفاق + رعاية الأطفال + الشئون المنزلية ) .
قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء: 34
أي : الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) أي : لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة; ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال وكذلك الملك الأعظم، لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري ، وكذا منصب القضاء وغير ذلك . 
( بما فضل الله بعضهم على بعض ) يعني : فضل الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ، وقيل : بالشهادة ، لقوله تعالى : " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " البقرة: 282  وقيل : بالجهاد ، وقيل : بالعبادات من الجمعة والجماعة ، وقيل : هو أن الرجل ينكح أربعا ولا يحل للمرأة إلا زوج واحد ، وقيل : بأن الطلاق بيده ، وقيل : بالميراث ، وقيل : بالدية ، وقيل : بالنبوة .
(وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) أي: من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهنَّ في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهذا واجب على الرجل في حق المرأة ولا يمكن إسقاطه إلا برضى منها.
التساوي التام في تشريعات الزواج ( مثل إلغاء كل من: التعدد والعدة ، والولاية ، والمهر ، وإنفاق الرجل على الأسرة ، والسماح للمسلمة بالزواج بغير المسلم ) .
أما التعدد والولاية والمهر وإنفاق الرجل على الأسرة ، لقد تم الرد عليه في النص الذي سبق .
وأما العدة : فكيف لا تعتد المرأة المطلقة ، سواء كان طلاق راجعي (بينونة صغرى ) حتى يراجع الزوج والزوجة نفسيهما للعدول عن الطلاق حتى
لا تهدم الأسرة ويضيع الأولاد . أو غير راجعي ( بينونة كبرى ) ، أو عدة (وفاة الزوج) ، وفي هذا ضياع للأنساب  لاختلاط ماء الرجال برحم المرأة ، وهدم للمحارم وحدود الله.
قال تعالى : ( يا أيها النبي إذا طلّقتم النساء فطلّقوهن لعِدّتهن وأحصوا العدّة) الطلاق: 1
وأنواعها العدة أربعة :
 وهي الطلاق ، والفسخ ، والوفاة ، وانتقال الملك . [ والملك ] والوفاة مذكوران في القرآن ، والفسخ محمول على الطلاق ; لأنه في معناه ، أو هو هو . والاستبراء مذكور في السنة ، وليس بعدة ; لأنه حيضة واحدة ، وسميت مدة الاستبراء عدة لأنها مدة ذات عدد تعتبر بحل وتحريم .
المطلقة التي دخل بها زوجها:
 قال تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء)البقرة: 228
والمطلقة التي لا تحيض أو يئست من المحيض:
قال تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ)الطلاق: 4
أما المطلقة الحامل:  قال تعالى: (وأولاتُ الأحمال أجلُهن أن يضعنَ حَملهنّ) الطلاق 4
أما عِدّة المتوفى عنها زوجُها:
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) البقرة 234
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلّ لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تُحِدّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا) متفق عليه.
أما نكاح المرأة المسلمة لغير المسلم :
فهذا يعتبر ردة عن دين الإسلام إذا علمت المرأة المسلمة الحكم فيه ، وهو المعلوم من الدين بالضرورة ، وفيه نصوص واضحة وقاطعة وثوبتية الدلالة ، وكذلك فيه مخالفة للإجماع .
قال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة:221].
وقال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سبيلاً) [النساء:141].
وعن أنس ، قال : (خطب أبو طلحة أم سليم ، فقالت : إنه لا ينبغي أن أتزوج مشركا ! أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان ، وأنكم لو أشعلتم فيها نارا لاحترقت ؟ قال :فانصرف وفي قلبه ذلك ، ثم أتاها وقال : الذي عرضت علي قد قبلت .قال : فما كان لها مهر إلا الإسلام)  رواه النسائي وغيره.
التساوي في الإرث بين النساء والرجال:
وهذا يخالف ثابت من ثوابت الدين ، لأن المعلوم أنه لا أحد يستطيع أن يتدخل في تعديل الإرث كان ما كان سواء حاكم أو قاضي أو عالم ، لأن الذي تكفل بتوزيعه هو الحاكم العادل ملك الملوك الذي يقول للشيء كن فيكون ، فهل نتأله على الله وننازعه في حكمه وملكه. وقد حدد مقدار ما ترث المرأة.

قال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) النساء: 11
وقال تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ) النساء: 12
وقال تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) النساء: 12
وقال تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) النساء: 176
وللحديث بقية
  للرد على باقي بنود 
الوثيقة الأممية



كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 29/03/2013
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com