حكومة سوريا الحرة.. بشرى النصر


الحمد لله، تمت أمس عملية اختيار رئيس وزراء سوريا الجديدة، سوريا الحرة، حيث صوت أعضاء الائتلاف السوري الذي يقود المعارضة على اختيار الخبير الدولي "غسان هيتو" رئيسًا للوزراء، وكانت تلك الخطوة قد تأخرت عدة أشهر لضغوط عربية ودولية، كما أن المساعدات التي تم التعهد بها للشعب السوري لم تكن كافية لتقوم حكومة وطنية بمسؤولياتها تجاه الشعب خاصة في المناطق المحررة، والتي دمر فيها نظام بشار البنية التحتية لسوريا بصورة شبه كاملة، وهو سلوك يندر أن يفعله حتى قوات الاحتلال في الدول المبتلاة بذلك، وتشكيل الحكومة الجديدة يمثل دعمًا معنويًا كبيرًا لقوى الثورة وخاصة المجاهدين على الأرض الذين وصلوا حاليًا إلى أحياء العاصمة كما حرروا بصورة شبه كاملة شمال سوريا كله والشرق ومناطق كبيرة من الجنوب والغرب، أيضًا تشكيل الحكومة الوطنية الجديدة سيتيح الفرصة للحكومات العربية والعالمية أن تقوم بتسليم سفارات سوريا إلى الحكومة الحرة الجديدة، وهي الخطوة التي من شأنها أن تنهي تمامًا كل خطوط الرجعة أمام حليفي الديكتاتور الباقيين الآن: روسيا وإيران، وكانت قطر قد قامت بالخطوة الأسبق بتسليم الائتلاف السوري سفارة بلاده في الدوحة، بينما وافقت الجامعة العربية في اجتماعها الوزاري الأخير على المبدأ وأرجأته لحين تشكيل حكومة أو هيئة تنفيذية، وأصبح الطريق الآن معبدًا أمام الخطوة المهمة والكبيرة.

الثورة السورية هي أكثر ثورات شعوب العرب تضحية وأطولها نفسًا وأعظمها خسائر في البشر والممتلكات والضحايا والمشردين واللاجئين، كما أنها الثورة التي اضطرت إلى خوض القتال بالسلاح ضد الطاغية بعد أن لم يترك لها أي فرصة أخرى للاحتجاج السلمي فكان يحصد العشرات بمدفعية وآليات جنوده وشبيحته "بلطجيته" بقلب بارد ودون أي اعتبار لأي غضب دولي، كما أن الثورة السورية تتميز بأنها نضجت واستوت على سوقها بجهاد أبنائها وقدراتهم الذاتية وسط حصار قاسٍ عليها بحرمانها من السلاح والذخيرة على مدار قرابة عامين حتى بدأ المجتمع الدولي مؤخرًا يخفف نسبيًا من هذا الحصار، وكانوا يقاتلون بما يغنمونه من أسلحة جيش بشار ومستودعات الذخيرة التي يحررونها، وكان قدر الثورة السورية أن تتنامى وسط صخب وهموم وضجيج ثورات الربيع العربي التي نجحت من قبل ودخلت مرحلة صراع بناء الدولة الجديدة والخلافات حوله فأخذت بعض الأضواء من حدثها، كما كان من قدر هذه الثورة المباركة أن تواجه تحالفًا طائفيًا بغيضًا يتمثل في نظام سياسي يقوم على عصبية الطائفة العلوية الشيعية وهيمنتها على المؤسسة الأمنية بمختلف أذرعها والجيش، ودعم طائفي من ثلاث دول تحيط بها، وهي إيران والعراق ولبنان من خلال تنظيم حزب الله الشيعي المتطرف الذي كان من بركات ثورة الشعب السوري أن كشفت الغطاء المزور الذي كان يتدثر به منسوبًا إلى المقاومة والممانعة، فظهر الآن على حقيقته المجردة والعارية كتنظيم شيعي متطرف تعمل حساباته بالكامل وفق قناعاته الطائفية، وألقى بثقله كاملًا خلف نظام قمعي دموي إجرامي يقتل عشرات الآلاف من شعبه ويوظف قدرات جيشه بما فيها الطائرات لتدمير المحافظات السورية دون أن يطلق طلقة رصاص واحدة تجاه إسرائيل التي دجل علينا طويلًا بأنه قلعة المقاومة والممانعة ضدها، فبان أنه حرب على شعبه وليس على آخرين، وأن السلاح كان يكدسه ويجهزه لذبح شعبه إذا تأوّه من التعذيب أو طالب بحريته ولم يكن سلاحًا من أجل المقاومة أبدًا، بل إنه عندما ضيق عليه الثوار الخناق سحب قواته من الجولان، على الحدود، لكي يجعلها في محيط العاصمة حماية له هو وعصابته.

وقريبًا بإذن الله، نبارك لأهلنا في سوريا انتصارهم على الطاغية وعصابته وتطهير سوريا من كل أذناب الوعي الطائفي لتعود سوريا إلى كل أبنائها حرة ديمقراطية تنعم بالأمن والأمان والحرية والكرامة وتزهر فيها من جديد حدائق الأدب والفن والشعر والثقافة والدين والمعرفة التي زينت بلاد الشام على مدار القرون الطويلة.



كاتب المقالة : جمال سلطان
تاريخ النشر : 20/03/2013
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com