ما هو حكم ذهاب النساء للحمامات ؟ وحكم الظهار ؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قبل الإجابة على سؤال الظهار هناك حكم في سبب الظهار ألا وهو ذهاب المرأة إلى الحمام والاغتسال فيه وهذه المسألة الحكم فيها على قولين :

القول الأول :

أن هذا الفعل من النساء لا يجوز وقد حرمه بعض الحنابلة .

فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل " أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم

وفي رواية لها رضي الله عنها أنه دخل نسوةٌ من أهل الشام عليها فقالت : ممن أنتنَّ ؟ قلن : من أهل الشام ، قالت : لعلَّكنَّ من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات ؟ قلن : نعم وروت الحديث

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره " رواه أحمد والحاكم والطبراني.

وهذا هو الأصل لأن الأحكام الخاصة بالنساء مبنية على الستر والحياء وحفظ دينها من الفتن ، والخروج لهذه الحمامات فيه كثير من الفتن والمفاسد من اجتماع وظهور عورات وخاصة في هذه الأيام وما نسمعه من حيل خبيثة من تصوير لهن عاريات وغير ذلك من الأفعال المشينة لقلة الورع والتقى.

والقول الثاني :

ما ذهب إليه ابن تيمية وابن الجوزي وغيرهما بأنه يجوز دخول الحمام لعذر. وكرهه عبد الوهاب البغدادي.

فعن عبد اللّه بن عمرو : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : "إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتاً يقال لها الحمامات فلا يدخلنَّها الرجال إلا بالأزر ، وامنعوها النساء إلا مريضةً أو نفساء " رواه أبو داود

وقد ذهب بعض أهل العلم مع العله شروط منها : أمان المكان وأمانة العاملات فيه ، وستر العورة وحفظ النظر وعدم الفتنة .

وما أراه وأميل إليه في هذه المسائلة:

هو القول الأول بالمنع درءاً للمفاسد ، فإذا كان صلاة المرأة في بيتها أولى وهي ركن عظيم من أركان الإسلام ولم يوجب الشارع سبحانه وتعالى صلاة الجماعة على المرأة في المسجد حفاظاً عليها ، فكيف بخروجها من بيتها للاستحمام ؟!وهل يوجد امرأة تؤمن بالله واليوم الأخر بعد هذان الحديثان أن تذهب للحمام وتضع ثيابها هناك أو في غير بيتها ، وتسقط رداء العفة والحياء؟!!

أما بالنسبة لظهار هذا الرجل لزوجته فهو محرم لأنه حرم ما لم يحرمه الله سبحانه وتعالى عليه .

قال تعالى : (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) المجادلة : 2

أما حكمه فهو في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المجادلة : 3 – 4

فلا يحل له ويحرم عليه أن يقرب زوجته بالوطء قبل التكفير وهذا ما عليه الإجماع ومذهب الأئمة الأربعة ، وإن واقعها قبل أن يكفر فهو آثم وعاصي وعليه كفارة واحدة والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، بخلاف مجاهد و ابن مهدي عليه كفارتان . وهذا فمن هو يستطيع على العتق أو الصيام لأن الله عز وجل ذكر فيهما " من قبل أن يتماسا " أما فمن عليه الإطعام فهل له أن يقوم بالوطء قبل الإطعام أما لا ؟ وقد سكت الله عنه ولم يذكر شرط التماس .

وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : «ما سكت الله عنه فهو عفو» ولا يمكن أن يحمل هذا المطلق على المقيد ؛ وإن كان السبب واحداً وهو الظهار؛ لأن الحكم مختلف ، وإذا اختلف الحكم فإنه لا يحمل المطلق على المقيد .فالمسائلة فيها خلاف بين أهل العلم على قولين :

القول الأول :

لا يشترط أن يقدم الكفارة ؛ لأن الله ما اشترط ذلك ، ولأَنَّهُ يجوز أن الله تعالى يسَّر في ذات الإطعام ويسَّر في كونه ليس بشرط في حلِّ الزوجة ، فيكون الشارع راعى التيسير والتسهيل.

القول الثاني:

لا يجوز أن يجامع حتى يكفِّر بالإطعام أيضاً ، واستدلوا لذلك بأن النبي عليه الصلاة والسلام قال للمظاهر « لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به » ، والله تعالى أمره بالثلاث ، فظاهر الحديث العموم ، وأنه لا يقربها حتى يكفّر بالإطعام.

أما هذا الرجل الذي يقول بعدم القدرة على الصيام ولا الإطعام فالحكم هنا على الترتيب وليس على التخير ، فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة ، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام ، فإن لم يستطيع فعلا الصيام لعدم القدرة عليه فلا يكون على الاطلاق بل هناك سبب وهو علة المرض فإما أن يكون مرض لا يرجى برؤه كان بمنزلة العاجز من كبر ، وجاز له العدول عن الصيام إلى الإطعام . ولو كان مرضه مما يرجى برؤه ، واشتدت حاجته إلى وطء امرأته كان الاختيار له أن ينتظر البرء حتى يقدر على الصيام . ولو كفر بالإطعام ولم ينتظر القدرة على الصيام اجزأه . ثم من لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم . وإن عجز عن الإطعام لا يسقط عنه ، وفي ذمته، وقضاؤه دين عليه متى استطاع ، أو تيسر له. ودليل ذلك : لما جاءت خولة تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي: (يعتق رقبة). قالت للنبي 0: ( لا يجد ). فقال النبي 0 : (فيصوم شهرين متتابعين). قالت خولة: يا رسول الله 0 (إنه شيخ كبير ، ما به من صيام ). قال النبي 0 : (فليطعم ستين مسكينًا ). قالت خولة: ما عنده شيء يتصدق به، فأتى بعرق من تمر، فقالت خولة: فإني سأعينه بعرق آخر. فقال لها النبي 0: (قد أحسنتِ ، اذهبي ، فأطعمي بهما عنه ستين مسكينًا ، وارجعي إلى ابن عمك). يقصد زوجها. رواه أبو داود.

فلو كان يمكن إسقاط كفارة الإطعام لعدم القدره عليه

، لأسقطه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أرحم الناس بالأمة .

هذا. والله أعلم



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 19/02/2013
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com