كيف يحاسب الله ملايين البشر و من لغات عديدة لم يدركوا الرسالات السماوية ؟؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أما عن سؤالك الأول وهو كيف يحاسب الله ملايين البشر من لغات عديدة ؟
أولا:
أريد أن أُؤصل لك مسائل رداً على هذا السؤال بأن هناك فرق بين الذي يشك في قدرة الله سبحانه وتعالى وبين الخائف من قدرة الله عليه ، فالأول كافر بلا خلاف والثاني واجب بلا خلاف
والدليل الأول : قول سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن
لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) البقرة : 260
فسؤال إبراهيم عليه السلام ليس من قبيل الشك لأنه لو كان ذلك لكفر ولكنه من قبيل الانتقال من علم اليقين إلي عين اليقين بالرؤية المباشرة‏ .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( نحن أحق بالشك من إبراهيم‏,‏ إذ قال رب أرني كيف تحيي الموتي‏,‏ قال أولم تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي ‏) رواه البخاري.
والدليل الثاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن رجلاً كان قبلكم رغسه الله مالاً، فقال لبنيه لما حُضر: أي
أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني لم أعمل خيراً قط، فإذا متُ فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذرُّوني في يومٍ عاصف، ففعلوا، فجمعه الله عز وجل،
فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته ) رواه البخاري
ثانياً :
إن الذي يعلم قدرة الله عز وجل لا يطرأ عليه هذا السؤال لأن الله عز وجل قدرته ليس لها حدود فهو الذي خلق الأشياء كلها من العدم فكان الله عز وجل
قبل كل شيء وليس معه شيء ، فيعلم كل شيء وقادر على كل شيء فكل ما يدور في بالك فالله بخلاف ذلك ، لأنه ليس كمثله شيء ، فهو يعلم ما كان
وما يكون ومالا يكون لو كان كيف يكون ، ويعلم ما يخطر في نفس كل مخلوق وما لا يخطر في نفس كل مخلوق ولو خطر كيف يكون إذا خطر. فهو
الذي خلق اللغات واللهجات والاجناس والالسن ، فهل يختلط عليه شيء ، فلو دعوا الناس جميعا ربهم ، في صعيداً واحد يطلبون منه سبحانه وتعالى
كلاً حاجته ، ما اختلط عليه الدعاء ولا الطلبات ولا اللغات ولا اللهجات .
وفي الحديث : (يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا
كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ) رواه مسلم
فأمره بعد الكاف والنون وإذا أراد لشيء أن يقول له كن فيكون ، اسمع ماذا قال تعالى مخبراً عن قدرته وذاته المقدسة
قال تعالى : (مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) لقمان : 28
وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ ) الروم : 27
وقال تعالى : (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) الروم : 11
وقال تعالى : (قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) يسن : 78 - 79
وقال تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ * وَمِنْ ءاياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ ءاياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ ءاياتِهِ خَلْقُ السَّمَأوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ) الروم : 19 – 22
وقال تعالى : (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) لقمان: 16
وقال تعالى : (وَمِنْ ءاياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَأوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ) الروم : 24 – 25
ثالثا :
أما قولك : (انحسرت الرسالات السماوية قي جزيرة العرب و بلاد الشام ولم تصل الى القارات الأخرى ) .
فهذا ادعاء ليس له أساس من الصحة ، فالذي يقرأ التاريخ ويتابع قصص الأمم يعلم أن دعوة الإسلام وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها ، عن طريق الصحابة الكرام رضي الله عنهم إما بالدعوة إلى الله ، أو بالفتوحات والغزوات ، أو حتى بالسمع أن هناك رسالة ودين يسمى الإسلام . وقد علمنا أن هناك من الصحابة من دفن في أذربيجان وغيرها من الدول البعيدة عنا الأن. ثم إن الذي يتدبر الكون من حوله ألا يعلم بأن لهذا الكون رب خالقه ويدبره ، وعندما سئل الأعرابي بم عرفت ربك؟ فقال: البعرة تدل على البعير وآثار الخطا تدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، كيف لا تدل على العلي الكبير. ولكن رحمة الله بنا أنزل إلينا الكتب وارسل إلينا الرسل لتكون لنا دليل ونذير.
قال تعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )الأسراء : 9
هذا والله أعلم
وأصلى وأسلم على محمد
صلى الله عليه وسلم


كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 24/01/2013
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com