"هيومن رايتس" تكشف النقاب عن موقع 27 مركز اعتقال وتعذيب فى سوريا


قالت هيومن رايتس ووتش فى تقرير أصدرته أمس، الثلاثاء، إن عدداً من المعتقلين السابقين والمنشقين تمكنوا من تحديد المواقع، والجهات المسئولة، وأساليب التعذيب المستخدمة، وفى كثير من الأحيان أسماء القادة المسئولين عن 27 مركزاً من مراكز الاعتقال التى تديرها المخابرات السورية.. يشير النمط الممنهج من إساءة المعاملة والتعذيب الذى وثقته هيومن رايتس ووتش بوضوح إلى اتباع الدولة لسياسة التعذيب وإساءة المعاملة، مما يمثل جريمة ضد الإنسانية.

يستند التقرير المكون من 78 صفحة، إلى أكثر من 200 مقابلة أجرتها هيومن رايتس ووتش، منذ بداية المظاهرات المناهضة للحكومة فى سوريا فى مارس، كما يشتمل التقرير على خرائط تحدد مواقع مقار الاحتجاز، وشهادات مسجلة فى مقاطع فيديو من معتقلين سابقين، ورسوم توضيحية (رسم إسكتش) لأساليب التعذيب التى وصفها أشخاص عديدون ممن شاهدوا التعذيب أو تعرضوا له فى تلك المقار.

قال أوليه سولفانغ، باحث قسم الطوارئ فى هيومن رايتس ووتش: "تدير أجهزة المخابرات شبكة مراكز تعذيب متناثرة فى كافة أنحاء سوريا، ونحن حين ننشر مواقعها ونصف أساليب التعذيب ونحدد هوية المسئولين عنها، فإننا نرسل إلى هؤلاء المسئولين إخطاراً، بأن عليهم تحمل مسئولية هذه الجرائم البشعة".

كما وجهت هيومن رايتس ووتش، نداءً إلى مجلس الأمن، بإحالة الوضع فى سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتبنى عقوبات محددة الهدف بحق المسئولين المتورطين فى الانتهاكات بأدلة مقنعة، مشيرًا إلى أن المراكز المذكورة فى التقرير هى تلك التى اتفق عدة شهود على موقعها، وقدموا وصفاً تفصيلياً للتعذيب فيها، والأرجح أن يكون العدد الفعلى لمراكز التعذيب، التى تستخدمها أجهزة المخابرات أكثر من ذلك بكثير.

وقال أغلب الشهود الذين أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلاتها معهم، إنهم خضعوا للتعذيب أو شاهدوا تعذيب آخرين أثناء اعتقالهم، حيث استخدم المحققون والحراس والضباط أشكالاً متعددة من أساليب التعذيب، تشمل الضرب لمدد طويلة، وفى كثير من الأحيان باستخدام أدوات كالعصى والأسلاك، وتثبيت المعتقلين فى أوضاع مجهدة ومؤلمة لمدد طويلة واستخدام الكهرباء، والإحراق بالحامض (الأسيد)، والاعتداء والإذلال الجنسى، وانتزاع الأظافر، والإعدام الوهمى، كما وثقت هيومن رايتس ووتش فى المجمل أكثر من 20 طريقة مختلفة للتعذيب تستخدمها أجهزة الأمن والمخابرات.

وفى معظم الحالات، كان المحتجزون السابقون يخضعون لأكثر من شكل من أشكال التعذيب، فقد وصف محتجز عمره 31 عاماً كان محتجزاً فى محافظة إدلب فى يونيو لـ هيومن رايتس ووتش كيف عذبته أجهزة المخابرات فى سجن إدلب المركزى قائلا: "أرغمونى على خلع ثيابى، ثم بدأوا فى اعتصار أصابعى بالكماشة، ووضعوا الدبابيس فى أصابعى وصدرى وأذنيّ، لم يكن مسموحاً لى أن أنزعها إلا إذا تكلمت، كانت دبابيس الأذن هى الأكثر إيلاماً، واستخدموا سلكين موصولين ببطارية سيارة لصعقى كهربائياً، كما استخدموا آلة الصعق الكهربائى على أعضائى التناسلية مرتين، كنت أظن أننى لن أرى عائلتى مرة أخرى، عذبونى بهذه الطريقة 3 مرات على مدار 3 أيام.

ورغم أن معظم ضحايا التعذيب الذين أجرت هيومن رايتس ووتش معهم المقابلات كانوا رجالاً تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة، إلا أن صفوف الضحايا كانت تضم أيضاً الأطفال والنساء وكبار السن.

تبين أبحاث هيومن رايتس ووتش أن أبشع حالات التعذيب كانت تحدث فى مراكز الاعتقال التى تديرها أجهزة المخابرات الرئيسية الأربعة فى البلاد، والتى يتم الإشارة إليها إجمالاً بـ"المخابرات" ( شعبة المخابرات العسكرية وإدارة الأمن السياسى وإدارة المخابرات العامة وإدارة المخابرات الجوية)، حيث يحتفظ كل جهاز من هذه الأجهزة الأربعة بمقرات مركزية فى دمشق، علاوة على فروع إقليمية ومحلية وعلى مستوى المدن فى أنحاء البلاد، وفى كل واحد من هذه الفروع تقريباً توجد مراكز اعتقال متباينة الأحجام.

وقام كافة الشهود الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش، بوصف ظروف اعتقال تمثل فى ذاتها ضرباً من ضروب إساءة المعاملة، بل التعذيب فى بعض الحالات ـ كالاكتظاظ الشديد، وعدم كفاية الطعام، والحرمان الروتينى من المساعدة الطبية الضرورية، وهناك نموذج مصور لزنزانة مكتظة - وفقا لوصف أحد المعتقلين السابقين - توضح كيف أن الظروف فيها لا ترقى للمعايير القانونية الدولية.

ويتحمل الأفراد الذين نفذوا جرائم ضد الإنسانية أو أمروا بها المسئولية الجنائية الفردية بموجب القانون الدولى، كما يتحملها الرؤساء الذين ارتكب تابعوهم جرائم، وكانوا على علم بها، أو يجب عليهم أن يعلموا بها وأخفقوا فى منعها أو المعاقبة عليها، وتنطبق هذه المسئولية القيادية ليس فقط على المسئولين المشرفين على مراكز الاعتقال، بل أيضاً على رؤساء أجهزة المخابرات وأعضاء الحكومة، ورأس الدولة الرئيس بشار الأسد.

ولأن سوريا لم تصدق على نظام روما الأساسى المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية، فإن المحكمة لا يكون لها اختصاص، إلا إذا قام مجلس الأمن بتبنى قرار يحيل الوضع فى سوريا إلى المحكمة، وسبق لروسيا والصين أن عرقلتا جهود مجلس الأمن للضغط من أجل المحاسبة.

وقال أوليه سولفانغ: "إن نطاق تلك السلسلة من مراكز التعذيب مرعب حقاً، ولا ينبغى لروسيا أن تبسط يدها لحماية الأشخاص المسئولين عن هذا الأمر".

وفيما يلى جدول بمراكز الاعتقال، حيث تم توثيق التعذيب، إضافة إلى مواقعها والهيئات التى تديرها وأسماء قادتها.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 04/07/2012
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com