المغرب: "غضبة الملك" من الحكومة تُربك الصحف المغربية


أربك موضوع "غضبة" الملك محمد السادس، الذي تناولته صحف مغربية في الأيام القليلة الأخيرة، العديد من الجرائد التي نشرت بعضُها خبرَ غضب الملك من حكومة العدالة والتنمية في آخر مجلس للوزراء ترأسه في مدينة وجدة، فيما سارعت إحدى الجرائد إلى تكذيب هذا الخبر باعتبار أن لقاء الملك مع الوزراء كان هادئا، ولم يُبْدِ الملك أي غضب اتجاه وزرائه كما نُشر في بعض وسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية.

وكانت صحف قد بادرت إلى نشر أخبار تفيد بأن الملك خاطب بحدة وزراء الحكومة الجديدة باللهجة الدارجة: "الوقت الذي يجب أن تبذلوه في العمل وإيجاد الحلول تضيعونه فشي تيحفر لشي"، في إشارة إلى تبادل الاتهامات بين وزراء حاليين في الحكومة وبين زملائهم السابقين في ملفات تتعلق بالتدبير السياسي والمالي لمصالحهم الإدارية.

وبالمقابل نشرت جريدة المساء، في عددها ليوم أمس الثلاثاء في ركن "سري للغاية"، تكذيبا لهذه الأخبار التي راجت على نطاق واسع، حيث أفادت الصحيفة ـ وفق مصدرها المُطلع ـ بأن المجلس الوزاري الذي ترأسه الملك مر في جو هادئ وودي، وبأن الملك حرص على تحية جميع الوزراء قبل أن يصل إلى وزير الدولة باها الذي صافحه وهو يقول: "وختامه مسك".

اللعب بالنار

وبادر عبد الله البقالي، رئيس تحرير جريدة العلم، في عموده اليومي إلى انتقاد "الجرائد التي عبرت عن فرحها وسرورها بخبر الغضبة الملكية من خلال النشر في الصفحات الأولى وبالعناوين العريضة"، لكونها أضحت مُطالبة بعد تكذيب "المساء" بتقديم اعتذار للقراء لنشرها خبرا دون أن تتحقق في شأنه، مُستبعدا حدوث ذلك "ليبقى الحبل على الغارب في هذه الواقعة" .

ولفت البقالي في مقاله إلى أن نشر أخبار من هذه الشاكلة في هذه الظروف الدقيقة له ما يبرره؛ ليس فقط ما يتعلق بالسعي إلى ضمان رفع المبيعات التي أضحت من أجله كثير من الجرائد مستعدة لتقديم ما يتطلب ذلك من تنازلات أخلاقية بالخصوص، ولكن المؤكد أن نشر الخبر يخدم أجندة سياسية واضحة "، على حد تعبير القيادي في حزب الاستقلال.

واستطرد البقالي بأن الأطراف، التي تحرص على ملاحقة التفاصيل اليومية للحكومة بمنهجية تصيد دقيقة جدا، تحاول الإمساك بجمرة حارقة وتلعب بالنار، مردفا بأن هذا ما لا يمكن أن يستسيغه المغاربة الذين يدركون أن جلالة الملك أشد المغاربة حرصا على احترام المؤسسات، وتقديس القانون لضمان أقصى شروط نجاح الحكومات السابقة والحالية".

احترام الذات

ومن جانبها أفادت صحيفة "الأحداث المغربية" بأن الحديث عن "تسريبات" من مجلس الوزراء الذي يترأسه الملك، يبدو بأنه يفتقر إلى الحقيقة أو الواقعية، وهي المعلومات التي تصير مع مرور الوقت متناقضة بين جريدة وأخرى ووسيلة إعلام وأخرى.

والخطير في الأمر، وفق الصحيفة ذاتها، هو أن هذه المعلومات والأخبار لا تهم الوزراء أو المسؤولين السامين، بل يتعلق الأمر بتصريحات منسوبة إلى الملك نفسه، وهي التصريحات التي يجب أن تكون محط بحث وتمحيص في المصادر، قبل نشرها خاصة إذا شابتها بعض الشكوك في صدقيَّتها، وذلك في سياق احترام الذات قبل احترام الآخر.

وشددت الصحيفة على أن مبدأ ولوج صحافة المعلومة يدخل في تناقض كامل مع نشر معلومات كاذبة أو صحيحة جزئيا، مشيرة إلى أن الصحافة لن تتطور إلى الأحسن إذا لم يبادر أعضاؤها إلى احترام سلوكياتهم وإقامة نقد ذاتي قبل أن ينتقدهم الآخرون.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 29/06/2012
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com