وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ ( 2 ) الولاء والبراء


حكم تهنئة النصارى بعيد القيامة
وبعد هذا العرض المُوجز عن أصل يوم عيد القيامة وماهو وما اختلفوا فيه ورد وإبطال القرآن الكريم الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) لهذه العقيدة الباطلة في نبي من أولي العزم (جعله إله أو ابن إله ثم صلب ثم دفن في قبر وقام من قبره بعد ثلاثة أيام ويجلس الأن على يمين أبيه في السماء ليفصل بين العباد في يوم الدينونه ) فهل يحق لمسلم موحد عاقل من عامة الناس فضلاً عن (عالم أو شيخ أو داعية) أن يذهب إليهم في بيوتهم أو كنائسهم ليجالسهم ويصافحهم ويهانئهم على صَلب المسيح عليه السلام وقيامته من قبره؟ والجواب متروك لهؤلاء ممن باعوا دينهم وعقيدتهم بعرضٍ من الدنيا قليل يوم أن يَقفوا بين يدي الديان ويَسألهم عن إيمانهم في الله وعقيدتهم فيه سبحانه وتعالى وفي القرآن الكريم والسنة الشريفة .
سئل الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
ما حكم تهنئة الكفّار بأعيادهم؟ وكيف نرد عليهم إذا هنؤنا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً مما ذُكر بغير قصد؟ وإنما فعله إما مجاملة، أو حياءً، أو إحراجاً، أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟
الجواب:
تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق. كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله – في كتابه "أحكام أهل الذمة" حيث قال: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الكُفْرِ فَهُوَ مِنَ المُحَرَّمَاتِ. وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ تُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَلِيبِ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه.
قلت:
أولا:
من فعل ذلك إما أن تبرأ من عقيدة المسلمين في عيسى عليه السلام أو رد صريح القرآن وكذب ربنا الكريم المتعال أو إما أنه آمن بعقيدة التثليث والصلب والفداء والرفع من القبر بعد الموت إلى السماء. وليس وراء ذلك إلا أن يكون جاهلاً.
ثانياً:
أين هذا المسلم الفاعل لمثل هذا من عقيدة الولاء والبراء التي هي قاعدة من قواعد الدين وأصل من أصول الإيمان والعقيدة، فلا يصح إيمان شخص بدونهما، فيجب على المرء المسلم أن يوالي في الله ويحب في الله ويعادي في الله، فيوالي أولياء الله ويحبهم، ويعادي أعداء الله ويتبرأ منهم ويبغضهم.
الولاء والبراء من القرآن الكريم
قال تعالى: ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي
قُلُوبِهِمُ الإيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة:22
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً ) النساء:144
وقال تعالى: ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِير)آل عمران:28
وقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون) آل عمران: 118
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )المائدة:51
قال حذيفة بن اليمان : فليحذر أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يدري، لقول الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ .
وقال تعالى: ( ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ) المائدة :80

وقال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) هود:113.
وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ، وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
الزخرف: 26 ،27 ، 28
وقال تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة) الممتحنة: 1
وقال تعالى: (﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) الممتحنه: 4
الولاء والبراء من السنة النبوية
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله أتدري أي عرى الإسلام أوثق ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : الولاية
في الله والحب في الله والبغض في الله ، يا عبد الله أتدري أي الناس أعلم ؟ قال : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أعلم الناس أعلمهم بالحق إذا اختلف الناس وإن كان مقصرا في العلم وإن كان يزحف على إسته زحفا " رواه الطيالسي في مسنده والطبراني في الكبيروالأوسط والبيهقي في شعب الإيمان.
وعن البراء بن عازب قال كنَّا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أتدرون أي عرى الإيمان أوثق ؟ قلنا : الصلاة قال الصلاة حسنة وليست بذلك ، قلنا : الصيام فقال مثل ذلك ، حتى ذكرنا الجهاد فقال مثل ذلك ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أوثق عرى الإيمان الحب في الله عز وجل والبغض في الله " رواه الطيالسي في مسنده وأحمد في مسنده وابن أبي شيبة في الإيمان والمروزي في تعظيم قدر الصلاة والبيهقي في شعب الإيمان .
وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : "أي عرى الأيمان أظنه قال : أوثق ؟ قال : الله ورسوله أعلم قال : الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله " رواه الطبراني في الكبير والبغوي في شرح السنة والبيهقي في شعب الإيمان .
قلت: والثلاث أحاديث بمجموع طرقهم يرتقوا لدرجة الحسن
وعن جرير بن عبد الله البجلي، عندما جاء ليبايعه على الإسلام، فقال جريرٌ لرسول الله : يا رسول الله، اشْترطْ عليَّ، فقال : ((أُبَايِعُك على أن تعبد الله ولا تُشْرِكَ به شيئاً، وتُقيمَ الصلاة، وتؤتيَ الزكاة، وتنصحَ المسلم، وتفارقَ المشرك "[ وفي رواية: وتبرأ من الكافر]. أخرجه الإمام أحمد والنسائي من حديث أبي وائل شقيق بن سلمة.
وعن سمرة بن جندب أنّ رسول الله قال: "لا تُساكنوا المشركين، ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم ". أخرجه البزار والحاكم وصحّحه وأبو نعيم في أخبار أصبهان من طُرق لا تخلو من ضعف، لكن يُقويه وَجْهٌ آخر عن سمرة، أخرجه أبو داود والطبراني في الكبير (. ويشهد له مُرسل قيس بن أبي حازم عن النبي أنه قال: " إني بريءٌ من كل مسلم مع مُشْرِك، ألا لا تَرَاءَى ناراهُما ". أخرجه النسائي وأبي داود والترمذي .

هذا. والله أعلم
ومع باقي السلسلة في حقوق أهل الكتاب
إن شاء رب الأرض والسموات


كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 11/04/2012
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com