تونس: إضراب جزئي لأساتذة بعض معاهد صفاقس


الحالية أي مباشرة بعد العودة من عطلة الربيع بداعي عدم صرف مرتباتهم من أجور شهر مارس المنقضي

رغم بلوغ شهر أفريل وهو تصعيد لم يكن في الحسبان في غياب المسؤولية النقابية لمثل هذا التحرك النوعي والاحتجاجي غير المسبوق في مثل هذا التوقيت الدقيق من موفى السنة الدراسية وعلى أبواب الامتحانات الوطنية. الأساتذة الذين اتصلت الصباح بهم وتلقت نسخا من البيانات الاحتجاجية التي أصدروها دونما غطاء نقابي عللوا اضطرارهم إلى هذا التحرك وعلى هذا النحو وفي هذا التوقيت الحرج بأنهم كانوا ضحايا ما أسموه بالتعنت الإداري والصراع النقابي الذي تسبب في تأخير صرف مرتباتهم خلال العطلة التي تعطلت معها مصالحهم المادية والتزاماتهم العائلية ولا سيما تجاه أبنائهم الذين لم يتمتعوا بعطلتهم وهم الذين تعودوا قبض مرتباتهم دوريا في اليوم الرابع والعشرين -24- من كل شهر أو قبل ذلك التاريخ أو بعده بيومين. في حين خير أساتذة آخرون عدم الانخراط في هذا النهج الاحتجاجي خوفا من مغبة التوظيف السياسي كما ذكر لمندوب الصباح. على أن معلمين من التعليم الابتدائي نظموا ببعض الفضاءات التربوية وقفات احتجاجية وجهوا إثرها برقيات احتجاجية إلى وزير التربية مطالبين بكشف ملابسات ما وقع وتحديد المسؤوليات في هذا الصدد كما كشف ذلك لـلصباح الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي رابح واردة.

بداية الأزمة

أحداث تسارعت وتعاقبت على خلفية الاعتصام الذي مازال يشنه المعلمون النواب والمتعاقدون مرجع نظر المندوبيتين الجهويتين بصفاقس 1 و2 منذ 9 فيفري المنقضي مع إضراب جوع جماعي تم تعليقه، كل ذلك في سياق ما وصفه الأستاذ محمد بو خذير الناطق الرسمي باسم التنسيقية العامة للمربين النواب المتعاقدين بصفاقس المعتصمين في تصريحه لـالصباح بالمطلب الشرعي بإدماج حوالي 1500 معلم من حاملي الشهادات العليا الذي زاولوا مهنة التدريس بالمرحلة الأولى من التعليم الأساسي بمدارس ابتدائية بصفاقس في نيابات مستمرة أو جزئية متفاوتة الفترات الزمنية، قاموا خلاله بغلق أبواب المندوبية الجهوية صفاقس 1 وفتحها في مناسبات مختلفة حسب الوقائع والمستجدات التفاوضية وتمكينا للموظفين بالإدارة الفرعية للشؤون الإدارية والمالية بالمندوبية المذكورة من أداء واجبهم حيث تنجز حسابات وإجراءات التثبت في أجور كافة موظفي وأعوان التربية ومدرسي صفاقس البالغ عددهم حوالي 14 ألفا و600 موظف عمومي يتقاضون جميعا زهاء 13 مليارا من مليماتنا شهريا.

معركة البيانات

النقابة الجهوية للتعليم الأساسي بصفاقس تبنت ما أسمته في البيان الذي تلقت الصباح نسخة منه بالقضية المشروعة والعادلة لنواب المدارس الابتدائية بصفاقس في أعقاب الاجتماع المنعقد بمقر الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس وبحضور الإطارات التربوية للتعليم الأساسي بصفاقس ونقابتهم العامة يوم السبت 31 مارس المنصرم. البيان شديد اللهجة الذي يحمل توقيعا مزدوجا للكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس محمد شعبان والكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي رابح واردة دعا سلطة الإشراف التربوي إلى حوار جادّ وبناء مع النقابة العامة لتسوية من وصفهم بالفئة المسحوقة التي تصرّ الوزارة على تهميشهم واستغلالهم بأجور لا تليق بكرامة الإنسان رغم اكتسابهم الخبرة لسنوات طويلة.

الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الأساسي رابح واردة وفي معرض إجابته على سؤال الصباح عن مسؤولية الاعتصام والمعتصمين عن تأخير صرف أجور العائلة التربوية بصفاقس نحا باللائمة والمسؤولية الكلية على المندوب الجهوي للتربية بصفاقس 1 الذي رفض -حسب تقديره- وطيلة أسبوع كامل الإذن لموظفيه بالعمل وفي 3 مناسبات تداخلت فيها النقابة الجهوية لدى المعتصمين وبالتنسيق مع السلط الجهوية قصد تذليل الصعوبات وقضاء الشؤون الإدارية المستعجلة على غرار تمكين المتفوقين من التلاميذ بشهائد التقدير والتميز وكذلك صرف الرواتب إلا أن تصلب المسؤول التربوي -والعبارة للسيد واردة- منع العمل والموظفين من انجاز واجبهم بقصد خلق وضعية أزمة وإرباك متعمد ومقصود بقصد إحراج المعتصمين والسلط التربوية على السواء تحت وطأة الحاجة المادية خاصة وأن جهد النقابة والاتحاد الجهوي أفضى إلى فك الاعتصام بين تاريخ 22 و28 مارس كما تثبته معاينات عدل منفذ سخره المعتصمون للغرض، لكن الإدارة لم تحرك ساكنا وتغاضت عن مبادرة حسن النية هذه مما عمق الأزمة -حسب ذكر السيد وارده-، والذي دعا الوزارة إلى تحمل كامل مسؤولياتها لتنقية المناخ التربوي المتعكر والمحتقن أصلا.

يلاحظ أن بيانات الأساتذة المضربين والتي تحصلت الصباح على نسخ منها ورغم طابعها غير الرسمي لم تكن أقل حدة في لهجتها إزاء هذه المستجدات حيث دعت إلى فتح تحقيق جاد ومحايد يحدد المسؤوليات عن هذه الحالة التي وصفوها بغير المسبوقة. وزارة التربية أصدرت بدورها الأربعاء بلاغا أكدت فيه بداية وتواصل صرف أجور منظوريها بصفاقس خلال الأسبوع الجاري بعد أن أودعت الأموال المخصصة لذلك بالبنك المركزي وهو ما أكده لنا أساتذة تمكنوا من صرف مرتباتهم لدى بعض الفروع البنكية.

ردّ المندوب

زس ي واستيفاء لحقوق مختلف الأطراف المعنيين بالأزمة اتصلت بالمندوب الجهوي للتربية بصفاقس 1 التيجاني القماطي مباشرة وعبر الهاتف فتعذر الحصول على توضيحات منه بسبب توعك صحي ألمّ به ألزمه راحة علاجية لمدة 4 أيام، على أننا اتصلنا بالمندوب الجهوي للتربية بصفلقس 2 رضا بسباس بمكتبه بمقر المندوبية صفاقس 1 حيث هوّن من وقع الأزمة الحالية وتأثيراتها على المناخ التربوي المتميز بالجهة الموسومة بامتياز نتائج تلاميذها ومردودية مؤسساتها وتفاني الجسم التربوي بها. بسباس أكد لـالصباح تفهم الجهات التربوية جهويا ومركزيا للوضعية المهنية الهشة للمعتصمين من المعلمين النواب، مثمنا في ذات السياق ما اعتبره تفاني جهودهم المبذولة لفائدة المنظومة التربوية طيلة سنوات بلغت الست سنوات لدى بعضهم، وهم في كل الأحوال من منظوري وزارة التربية بفعل ارتباطهم بصفة التعاقد القانوني والمعنوي مع الإدارة ومن مصلحة الجميع التطويق العاجل للأزمة والبحث عن حلول لكل أبنائنا ومنظورينا. وعن مسألة الأجور وتعطل صرفها ينأى الأستاذ رضا بسباس بنفسه عن تحميل أي طرف نقابي أو تربوي أو إداري المسؤولية عما جرى وأنه لا طائل من إثارة ما تمّ تجاوزه بعد صرف الأجور وقبض الأساتذة لمرتباتهم بداية من مساء الاثنين لدى بعض الفروع البنكية. على أن المسؤولية الأخلاقية والتربوية تدعو الجميع إلى صرف هممهم للحرص على استكمال ما بقي من عمر السنة التربوية وإنجاح امتحاناتنا الوطنية من امتحان الباكالوريا ومناظرة النوفيام وغيرها من التقييمات النهائية والمتوجة للعام الدراسي.

صوت المعتصمين

في ظل هذه التداعيات مازالت وضعية المعلمين النواب المتعاقدين العالقة تراوح مكانها بعد أن زارتهم الصباح بفضاء اعتصامهم الذي احتشدوا به مع أفراد من عائلاتهم وهي قاعة منزوية بالطابق السفلي للمندوبية الجهوي للتربية بصفاقس 1 حيث لا تعيق النشاطات الإدارية بالإضافة إلى خيمة أقيمت خارج المقرات الإدارية.

المعتصمون الذين تحدثوا إلى مندوب الصباح طالبونا إبلاغ صوتهم في ظل ما اعتبروه تعتيما إعلاميا مدبرا ومقصودا رغم عدالة قضيتهم وتطاول أزمتهم إلى أكثر من 3 أشهر وهي التي تتطلب قرارا شجاعا من الوزارة حتى لا تبقى مجالا للصراعات النقابية والخلافات الإدارية والمزايدات السياسية مؤكدين ان ما قامت به بعض الأطراف من تأليب بعض الأساتذة والمربين والإداريين عليهم حيث تعرضوا إلى ألوان مختلفة من العنف المادي واللفظي حسب ذكرهم قد أسقطه الحوار ولم يملك كل من زارهم واستمع إليهم سوى التعاطف معهم وعدالة مطالبهم بما في ذلك المندوب الجهوي للتربية وعضوا المجلس التأسيسي مراد العمدوني وكمال عمار اللذين رفعا الأمر إلى الوزير.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 05/04/2012
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com