عمر عبد الرحمن وجواسيس أمريكا وصفقة لم تتم


لم يتوقع أحد في مصر أن تنتهي المعركة مع أمريكا حول المتهمين في قضية التمويل الأجنبي بهذه الطريقة الصادمة للضمير الوطني والإسلامي، ويبدو أن الطريق للاستقلال والخروج من القبضة الأمريكية لايزال طويلا، وليس كما ظننا خلال الشهر الماضي، عقب مداهمة فروع المعهدين الجمهوري والديمقراطي ومنع 19 متهما أمريكيا وأجنبيا من السفر.

لقد تعرضت سمعة مصر الوطنية للإهانة والمهانة، وتجرعنا المرارة ونحن نشهد هذه التمثيلية التي لم يستطع أحد في السلطة أن يدافع عنها.

حتى كتابة هذا المقال لا توجد أي معلومة عن المقابل الذي دفعته أمريكا، من أجل إخلاء سبيل جواسيسها وإخراجهم من مصر، وهذا يعني استمرار الاستهانة بالشعب المصري في أهم قضية رأي عام تابعها المصريون منذ الثورة وحتى الآن.

ما حدث هو عملية تهريب لمتهمين أثناء محاكمتهم، واعتداء على القضاء المصري، وإهدار للسيادة الوطنية.

ما حدث يعيد الحياة للطابور الخامس الممول أمريكيا ويؤكد لهم أن الصحوة الرسمية ضد أمريكا كانت مجرد أضغاث أحلام، وأن أمريكا ما زالت صاحبة النفوذ في السر والعلن.

نحن أمام هزيمة مدوية، تأثيرها المعنوي أشبه بتأثير سقوط بطل في حلبة المصارعة بسبب ضربة مفاجئة غير محسوبة.

أمريكا في أضعف حالاتها، وكان من الممكن أن نتفاوض من مركز قوة، وأن نعقد صفقة مشرفة تحقق ما نريد، ولكن بعد انتهاء القضية والحكم فيها، وأن تتم الصفقة بشكل معلن، على مرأى ومسمع من الرأي العام.

هؤلاء الجواسيس عندنا أسرى، وأي تفاوض لإطلاقهم لا يمكن أن يقبل إلا بالإفراج عن أسرانا في أمريكا من المصريين، وعلى رأسهم الشيخ عمر عبد الرحمن المسجون ظلما في قضية ملفقة منذ 19 عاما.

أي صفقة لا تتضمن عودة الشيخ عمر والمصريين المسجونين في أمريكا غير مقبولة. وأي كلام عن مقابل سياسي ومالي دون التطرق إلى أسرانا إهانة لا يمكن السكوت عليها.

لماذا لا نتعلم من حركة حماس فن التفاوض؟

حماس أفرجت عن أكثر من ألف أسير مقابل جلعاد شاليط، وآخرون فعلوا الأمر ذاته مقابل تسليم رفات جنود إسرائيليين.

لماذا تفرط مصر في مواطنيها ولا تحترمهم؟

لقد فشلت مصر منذ شهور في عملية التفاوض حول الجاسوس الإسرائيلي الأمريكي إيلان جرابيل وأطلقته مقابل تجار مخدرات مسجونين في إسرائيل، ورغم أن أمريكا هي التي تفاوضت لكون الجاسوس حاصلًا على الجنسية الأمريكية فإن المفاوض المصري تجاهل الدكتور عمر عبد الرحمن.

نقول وبكل تأكيد إن أي حديث عن صفقة مع أمريكا لا يتضمن الإفراج عن عمر عبد الرحمن صفقة فاشلة وغير مقبولة، وإن لم يخرج الشيخ عمر هذه المرة فإن الشعب لن يغفر لمن أطلقوا الجواسيس الأمريكيين.

كل دول العالم تدافع عن مواطنيها وتسعى لفك أسرهم، لأن هذا واجب على أي حكومة، وهو يقوي الانتماء ويحبب المواطنين في وطنهم.

إن سلوك الحكم الذي كان سائدا قبل الثورة في تجاهل المصريين بالخارج، لم يعد مقبولا بعد الثورة، فالدفاع عن المصريين هو البداية الصحيحة لاستعادة روح الانتماء المفقودة.

لدينا أسرى في كل مكان لا يسأل عنهم أحد، يجب أن نعمل لفك أسرهم كالسيد نصير وإبراهيم الجبروني وأحمد عبد الستار في أمريكا والعقيد محمد الغنام في سويسرا وآخرين ، وهناك مصريون هربوا من جحيم الحكم السابق إلى الخارج يجب أن نسقط الأحكام الظالمة التي صدرت ضدهم، ونفتح لهم الأبواب ليعودوا مثل الشيخ وجدي غنيم وياسر السري وهاني السباعي وغيرهم.

أيضا يجب أن يغلق ملف السجناء هنا في مصر ويخرج من تبقى من ضحايا النظام السابق، وهم لا يزيدوا عن 50 سجينا أبرزهم رفاعي طه ومحمد الظواهري.

مصر الجديدة يجب أن تبدأ بالإنسان المصري، وتعيد له الاحترام، لتعيد للناس الانتماء وحب الوطن، وتعالج الجرائم التي ارتكبها النظام السابق، التي كان أهمها إهدار الكرامة والآدمية للإنسان المصري



كاتب المقالة : عامر عبد المنعم
تاريخ النشر : 14/03/2012
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com