تونس: في أشغال اللجان التأسيسية للدستور جدل الشريعة والتشريع


في بادرة غير مسبوقة اقترح نائب التأسيسي ( عن كتلة المؤتمر) وعضو لجنة التوطئة والمبادئ العامة وتعديل الدستور الطاهر هميلة أمس تغيير النشيد الوطني التونسي وعلّل هملية مقترحه بان مقدسات الوجود تنحصر فقط في الله والقرآن أما أي شيء آخر فهو قابل للنقاش على غرار النشيد الوطني التونسي الذي لا بد من تغييره حتى يحمل أحلام الأجيال القادمة ويواكب الثورة التونسية.

واعتبر هميلة ان النشيد الوطني التونسي الحالي جاء في ظرف خاص مقترن باحتلال المستعمر الفرنسي للتراب الوطني في حين أن المشهد السياسي اليوم بات مختلفا ومن الممكن طرح مسالة تغيير النشيد الوطني للنقاش مضيفا» ان تونس تزخر بالشعراء القادرين على الانتاج كما تزخر كذلك بالعديد من الملحنين القديرين».

فيما عارض النائب حسن الرضواني في تدخله مقترح تغيير النشيد الرسمي معتبرا انه مكسب لتونس وكل التونسيين وان هذا المقترح لن يلقى استجابة شعبية.

كما واصل أعضاء لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور نقاشاتهم حول العناصر الأساسية لمبادئ الدستور.

جدل الشريعة والتشريع

وقالت المقرر المساعد الأول هاجر عزيز (عن كتلة حركة النهضة) في تدخلها أنّنا عندما نقول إن الشريعة مصدر للتشريع لا يعني أن يحكم الدولة رجال الدين وان أول من دعا الى مدنية الدولة هي الأحزاب التي لها مرجعية دينية.

وبيّنت النائب بيّة الجوادي أن حزب النهضة ليس حزبا دينيا بل حزب له مرجعية دينية.

واقترح النائب رفيق التليلي على اعضاء اللجنة استبدال صيغة الشريعة مصدر للتشريع بـ «العرف والمصلحة العامة «بما ينسجم وهويتنا العربية الإسلامية لان الشريعة تعتمد على نصوص مختلفة.

وذهب النائب الصادق شورو الى أن الاختلافات حول أن تكون الشريعة مصدر للتشريع تفرض علينا إضافة عنصر التشريع الى المبادئ الأساسية للدستور ليناقش فيما بعد.

كما اقترح شورو إدراج نقطة تتعلق بكيفية تعامل القانون مع الاعتداء على المقدسات الدينية.

فيما أشارت ميّة الجريبي الى ضرورة التنصيص على دولة القانون لحفظ الممتلكات وحقوق الفرد واقترحت سنّ بند حول الحريات العامة، كما دعت الى التدقيق في علاقة الدين بالدولة ومناقشة قضية التشريع الإسلامي.

وأضافت الجريبي «ان قراءتنا لدستورنا الأول وهو القران هي قراءات عديدة ، كما ذكرت بان السلفيين في تونس يحملون قراءات للقرآن غير قراءة حركة النهضة وهنا يتوّجب على الدستور الجديد ان يغلق الباب أمام ما من شانه ان يضعنا في متاهات مجتمعية».

كما ناقش اعضاء لجنة الحقوق والحريات في اجتماعهم امس مشروع التوصية المتعلق بتعديل المرسوم عدد 106 المؤرخ في 22 اكتوبر 2011 المتعلق بتنقيح واتمام المجلة الجزائية ومجلة الاجراءات الجزائية خاصة فيما يتعلق بسقوط جريمة التعذيب بمرور الزمن واستبدالها بالصيغة التالية» لا تسقط الدعوى العمومية الناتجة عن جناية التعذيب بمرور الزمن» وستوجه هذه التوصية الى اللجنة التشريعية للحقوق والحريات باعتبارها اللجنة المختصة في الموضوع. واقترح بعض الأعضاء صلب اللجنة المذكورة الإشارة الى المواثيق الدولية لتدعيم مشروع التوصية. وأشار النائب مراد العمدوني في تدخله الى المرسوم الصادر في 22 أكتوبر 2011 الذي يقضي بالحط من عقوبة التعذيب حدّ القتل التي كانت السجن مدى الحياة الى 20 سنة سجنا وكأن هناك تساهلا وسوء نيّة لحماية الأشخاص.

وأبدى النائب امتعاضه من سعي السلطة التنفيذية الى التضييق في تطبيق مثل هذه القوانين، كما ذكر النائب بضرورة سنّ بند أساسي يحمي رجل الأمن من الخضوع لأوامر التعذيب ويجٍرم ذلك إذا ما حدث.

الجباية المحلية

وفي جانب اخر دار النقاش صلب لجنة الجماعات العمومية الجهوية والمحلية حول دراسة المضامين المتعلقة باختصاص اللجنة فيما يتعلق بالتعريف بالجماعات المحلية وطريقة افرازها ومسالة الجباية المحلية والرقابة اللاحقة.

واشار رئيس اللجنة عماد الحمامي ( عن كتلة حركة النهضة) في تصريح «للصباح «ان النقطة التي تركز عليها نقاش اللجنة هي الجباية المحلية والبحث عن موارد جديدة وحق الجهات في التنمية وإرساء الحوكمة المحلية.

أما لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما فقد تركزت نقاشات أعضاؤها حول مسألة مقترح التنصيص على عطلة سنوية لمجلس النواب من منتصف شهر جويلية الى آخر شهر أوت.

المجلس المدني.. «يشوّش»!

وأعرب أعضاء لجنة القضاء العدلي والإداري والمالي والدستوري اثر اجتماع اللجنة برئاسة فاضل موسى عن تحفظهم من إنشاء مجلس تأسيسي مدني,معتبرين أن تسميته بالمجلس الموازي يشوش عمل اللجان ويشكك في شرعية وكفاءة أعضاء المجلس التأسيسي في إعداد دستور جديد لدى المواطنين,كما ابدى بعض الأعضاء استياءهم من انخراط بعض الشخصيات في هذا المجلس نظرا لانتماءاتهم الحزبية مؤكدين أنهم اتخذوا المجلس كغطاء ليكتسبوا الشرعية بما يتخالف مع مبدا المدنية حسب قولهم.

ومن المطالب التي تطرق لها اجتماع اللجنة اعتماد قضاء «الثنائية» عوض القضاء «الموحد» شريطة وضوح الإجراءات مع تعديل بعض الجوانب التنظيمية وتحديد الرؤية المطلوبة للقضاء في الدستور كي يتوافق مع المعايير الدولية بما يضمن حياد المؤسسة القضائية ويدعم نجاعتها ويقربها إلى المواطن والمتقاضي على حدّ السواء.

وفي سياق متصل طالب بعض الأعضاء تمكين المواطن من الالتجاء إلى المحاكم الاستثنائية على غرار المحكمة العسكرية.

تنظيم الشأن الديني

اتفق أعضاء لجنة الهيئات الدستورية برئاسة جمال الطوير على ضرورة إيجاد آليات لتنظيم الشأن الديني تتمثل في إحداث مؤسسات إسلامية للخروج من المشاحنات والاضطرابات التي يعيشها المجتمع التونسي.

وتمثلت المقترحات في إحداث مجلس إسلامي أعلى وهيئة عليا للإفتاء ترقى بالإفتاء من مستوى الفرد إلى مستوى المجموعة ومؤسسة الزيتونة مع تحديد صلاحية كل مؤسسة لضمان عدم تداخل المهام.

واختلف أعضاء اللجنة حول ما إذا ستكون هذه المؤسسات دستورية أو مجرد هيئات استشارية,حيث اعتبر بعض الأعضاء أن إضفاء صبغة الدستورية على هذه المؤسسات سيؤدي إلى احتكار رسمي للدين وللإفتاء من قبل الدولة ويكرس الخلط بين الدين والدولة, فيما أصر البعض الأخر على وجوب ان ترقى هذه المؤسسات إلى هيئات دستورية رسمية وخاصة المجلس الإسلامي الأعلى وذلك لتجنب المجادلات وضمان عقيدة وفاقية تفضي إلى الاعتدال في الممارسات الدينية.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 01/03/2012
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com