( القول الفصل فيما ليس له أصل في الدين )



 



القول الفصل فيما ليس له أصل

في مسائل الحدَث الأكبر والاغتسال

* مما لا أصل له قولهم إنه إذا أراد شخص الدخول في الإسلام فلا بدّ أن يغتسل قبل ذلك.
الــــــــــرد:
إن هذا القول لا أصل له البتة ومن قاله كفر لأنه يأمر مريد الدخول في الإسلام بالتأخير. بل إنّ على مريد الإسلام أن يتشهد فورًا بذلك يدخل في الإسلام وقد صحّ في الحديث :"أُمرتُ أن أقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله ..." الحديث.
ثم انعقد الإجماعُ على أن الدخول في الإسلام لا يكونُ إلا بالشهادتين ونقل ذلك ابن المنذر وغيره.
ثم ليعلم أن الاغتسال من الجنابة عبادة والعبادة لا تصحّ من كافر لأن أهم شروط صحّة العبادة الإسلامُ، ثم إن المسلم لو تشهد وهو على حال الجنابة فهو جائز لا خلاف في ذلك لأن التشهد ذكر وللجنب أن يذكر اللهَ بالإجماع.
ثم إن المطلع على السيرة النبوية وغيرها من تاريخنا يعلم أن من أراد الدخول في الإسلام تُطلب منه الشهادتان ولا يطلب منه الاغتسال ابتداءً وما يرويه البعض عن خالد بن الوليد لما أسلم "جرجا" قال له: اذهب فاغتسل ثم تعال أسلم. هذا كذب وافتراء على سيدنا خالد رضي الله عنه.

* ومما لا أصل لهُ قولهم يجوزُ للضيف إذا أجنب أن يصلي من غير اغتسال إذا خشي أن يتهمه صاحب البيت بالزنى بأهله والعياذ بالله كما قال هذا ابن تيمية الحراني رحمه الله .
الـــــرد:
إن هذا الكلام  لا أصل له في دين اللهِ تعالى، ومن اعتقد صحة صلاة الجنب من غير طهارة فهو كافر والعياذ بالله، بل يجب على الضيف أن يغتسل من أجل الصلاة في وقتها، وإن استيقظ في الوقت ولم يغتسل بلا عذر وفاتته الصلاة فقد ارتكب كبيرة من الكبائر. وهذا الكلام أي صلاة الضيف بلا اغتسال ذكره ابنُ تيميةَ وهذه من الخطأ الواضح والزلل البين  التي خرق بها إجماعَ الأمّة.

* ومما لا أصل له قولهم من خرج في جنازة الكافر فيجب عليه الاغتسال.
الــــــرد:
هذا كلام غير صحيح ولا دليل عليه، فمن المعلوم أنه لا يجب على هذا الشخص الاغتسال إنما يجب الاغتسال على الجنب من أجل الصلاة، وكذلك يجب على الحائض والنفساء عند انقطاع الدم أن تغتسلا من أجل الصلاة وكذلك بعد الجماع، في هذه الأحوال يجب الاغتسال كالولادة أما فيما سوى ذلك فهو كلام بلا دليل. وللفائدة يُسنّ لمن غسَّل ميتًا أن يغتسل من غير وجوب عليه ولم يثبت حديث به.

* ومما لا أصل له قولهم إن الجنب نجس، وكذلك قولهم عن الحائض والنفساء، وأنهما إن لامسَتا طعامًا تنجس.
الـــــرد:
هذه المقالة الأخيرة (قولهم إن لامستا طعامًا تنجس) هي من عقائد يهود السامرة وهو متداول بين السحريات والعياذ بالله (وهن نساء ينتسبن إلى امراة تدعى سحر حلبي في لبنان تلميذة أميرة جبريل تلميذة منيرة قبيسي)، وهذا الكلام فاسد وبلا دليل وهو قول الجهلة، ومما يردّ به عليهنّ ما ورد في صحيح البخاريّ أن الرسول عليه الصلاةُ والسلامُ لما لقي أبا هريرة وهو جنب في بعض طرق المدينة، فانخنس أبو هريرة فذهب واغتسل ثم جاء فقال: أين كنتَ يا أبا هريرة؟ قال: كنتًُ جنبًا فكرهتُ أن أجالسكَ وأنا على غير طهارة، فقال النبي صلى اللهُ عليه وسلم: "سبحان الله إن المسلمَ لا ينجُس". ولِمَا روى مسلم في صحيحه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للسيدة عائشة رضي الله عنها ناوليني الخُمرة (بضم الخاء) وهي قطعة من القماش فقالت له إنني حائض فقال لها: وهل حيضتك بيدك!
وروى البخاريّ أن السيدة عائشةَ رضي اللهُ عنها قالت كنت أرجّل رأس رسول الله عليه الصلاة والسلام وأنا حائض. فلو كانت الحائض تُنَجّس ما تمسه كيف تمس رأسَ رسول الله أفصل خلق الله!

* وكذلك لا أصل لما يقال إن الجنب إذا وضع يده في الماء يتنجس الماء.
* ومما لا أصل له نيّة رفع الجنابة لغير الجنب، وذلك أن البعض إذا أراد غسل النظافة ينوي رفعَ الجنابةِ
الــــرد
فهذا تلاعب بالدين والتلاعب بالدين كفر، فنيّة رفع الجنابة للمغتسِل لا تكون إلا للجنب لرفع الحدث، لذا فإن نوى الجنبُ رفعَ الجنابة وعمّم بدنه بالماء فلا يجوزُ له أن يعود وينوي رفع الجنابة لأن ذلك تلاعب بالدين أيضًا فليُحذر.

* ومما لا أصل له قولهم لا يجوزُ دخول الحائض والنفساء على المرأة التي ولدت حديثًا وذلك لئلا ينكبس ولدها أي لئلا يكبُرَ.
الـــــرد:
هذا من خرافات العوام التي لا أساس لها ولا دليل عليها.

* ومما لا أصل له قولهم حرام أن تغتسل المرأة وهي عارية.
الــــــرد:
هذا كلام لا أصل له ولا دليل عليه.

* ومما لا أصل له قولهم إن فاطمة سميت بـ "الزهراء" لأنها لم تصب بحيض ولا نفاس.
الــــــرد:
هذا الكلام لا أصل له بل إنها سُمّيت بهذا الاسم لأنها كانت زهراء أي مشرقة الوجه شديدة الجمال.

* ومما لا أصل له قولهم إن ثياب الجنب نجسة.
الــــــرد:
إذا كان الجنب ليس نجسًا فمن باب أولى أن لا تكون ثيابه نجسة طالما أنها لم تتنجس بنجس كالبول ونحوه، وأما المني فليس بنجس عند الشافعية.

* ومما لا أصل له قول بعضهم إنه يجوز للمرأة الحائض والنفساء أن تجلس في المسجد لطلب العلم.
الــــــــرد:
إن هذه المسئلة مشهورة عن رجب ديب صاحب الضلالات الشهيرة حيث يجيز للنساء الحُيّض دخول المسجد لحضور دروسه وهذا مخالف لما جاء عن رسول الله فيما رواه أبو داود: قال صلى الله عليه وسلم :"إنّي لا أحلّ المسجد لحائض ولا جنب" ورجب ديب لا دليل له لا من الكتاب ولا من السنة ولا قول إمام معتبر بل همّه أن يجمع الناس كيفما اتفق والعياذ بالله.

* ومما لا أصل لهُ قولهم إن الجنبَ لا يجوزُ له الصوم ولا الذبح ولا الذكر ولا الخروج ولا العمل. وكذلك قولهم لا يجوز للحائض والنفساء أن تذبح.

* ومما لا أصل له كذلك قولهم إن الجنب إذا خرج من البيت دون اغتسال تلعنه الشمس وتلعنه كل شعرة في جسمه.
الــــــــرد:
إن الجنابة لا تؤثر على صحة الصوم لما روى البخاري في صحيحه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصلي بالناس. وكذلك يجوزُ للجنب وللحائض والنفساء أن يذبحوا لأنه ليس من شروط الذبح الطهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر حتى إن البعض يحرّم على المرأة أن تذبحَ ولو كانت طاهرة من الحدثين الأكبر والأصغر، ومن أغرب ما سمعت قول بعضهم إنه يجوز أن تذبح بشرط أن يلامسها ولد ذكر!
وكذلك يجوزُ لهم الذكر والخروج للعمل، وأما قولهم إن الشمس وكل شعرة يخرج من تحتها شيطان يلعن الجنب إذا خرج من بيته من غير اغتسال فهذا هُراء وكلام بلا دليل. فقد ثبت أن حذيفة وأبا هريرة وحنظلة خرجوا وهم مجنبون، ومن قال تلعنه الشمس والشيطان فهذا يكفر، فإن هذا الكلام تكذيب للشرع وتكذيب الشرع كفر والعياذ بالله.
فقد ثبت في الحديث أن حنظلة ابن الراهب "غسيل الملائكة" ذهب إلى الجهاد في يوم عرسه وهو جنب فاستشهد وهو جنب فغسلته الملائكة بسبب جنابته إكرامًا له فسمي غسيل الملائكة. وكذلك حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهُ استشهد وهو جنب فلو كان الخروج من المنزل حرامًا على الجنب لما خرجا.
وقد روى البخاري وغيره أنا أبا هريرة لقي الرسول صلى الله عليه وسلم في السوق وهو جنب ولم يجالس الرسول صلى الله عليه وسلم ثم ذهب واغتسل وعاد فالرسول صلى الله عليه وسلم علَّمه أن المؤمن لا ينجس، المعنى أنه يجوز له أن يصافح الغير ويجالس الغير ولم يعترض النبي عليه الصلاة والسلام عليه لأنه خرج وهو جنب.

* ومما لا أصل له قولهم لا ترتفع الجنابة إلا أن يتشهد الجنبُ أثناء اغتساله.
الــــــرد:
الشهادتان ليستا من شروط صحة الاغتسال بل لا بدّ للجنب أن ينوي رفع الجنابة بقلبه ويعمم جميع ظاهر بدنه بالماء المطهر، ومن السنّة أن يسمي اللهَ قبل الاغتسال. ويصح الاغتسال من غير نية عند الإمام أبي حنيفة.

* ومما لا أصل له قول خالد الجندي وغيره إن المذي يوجب الاغتسال.
الــــــــرد:
إن المذْي لا يوجب الاغتسال بل هو نجس وهو مادة سائلة تخرج عند ثوران شهوة الرجل أو المرأة قبل نزول المني، والمني يخرج عند أقصى ثوران الشهوة بتدفق، وخروج المني هو الذي يوجب الغسل.
وأما قول خالد الجندي في كتابه المسمى "فتاوى معاصرة" ص 77: "إن ما يخرج من المرأة أثناء المداعبة يوجب عليها الغسل" فهذا باطل لا أساس له.

فوائد وفرائد:
يقال في اللغة " نِفاس " بكسر النون وليس بضمها كما هو شائع.
يُقال "مَذْيٌ" بفتح الميم وتسكين الذال وتخفيف الباء وليس مَذيًّا بكسر الذال وتشديد الياء.
يُقال جُنُب للرجل وللمرأة.
ويقال امرأة حامل وحائض.
ويقال امرأة نُفَسَاء، وليس "نفْسَا" كما تقول العوام.
ويُسمى النفاس حيضًا، قال البخاري في صحيحه باب من سمّى النفاس حيضًا.

هذا والله أعلمُ وأحكم.


 



كاتب المقالة : الشيخ/محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 20/10/2010
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com