طلب فتوى في حالتي وماذا أفعل في الصلاة الفائتة؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

رداً على السؤال الأول:
اعلم أنَّ الذنوب ليست أصلاً في العبد المسلم ولكنَّها طارئة، ولِكل عبد ذنب يفعله لأن الذنوب لا يسلم منها البشر.
قال رسول الله "مَا مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَه ذَنْبٌ يَعْتادُهُ الْفَيْنَةَ بَعْدَ الْفَيْنَةِ ، أَوْ ذَنْبٌ هُوَ مُقِيم عَلَيْهِ لا يُفَارِقُهُ حَتَّى يُفَارِقَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ خُلِقَ مُفْتَنًا تَوَّابًا نَسِيًّا إِذَا ذُكِّرَ ذَكَرَ" إسناده صحيح.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النّبِيّ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبّهِ عَزّ وَجَلّ قَالَ: " أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً. فَقَالَ: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذَ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ.فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي.فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ" رواه مسلم.
وهذا الحديث ليس لفتح باب الجرأة على محارم الله تبارك وتعالى، بل هو من باب الرجاء في الله سبحانه وتعالى، بأنه غافر الذنب. وقابل التوب.
فعليك بالتوبة النصوح بشروطها المعروفة مع كثرة الاستغفار، وقراءة القرآن، وزيارة القبور وذكر الموت، والصدقة، والصيام، وقيام الليل، وملازمة الصالحين ، والقبول على طلب العلم ورفع الجهل عنك ومعرفة قدر الله سبحانه وتعالى فتكتسب الخشية والتقوى وينصلح القلب وينعدل الحال ويُضمن المآل، ويَعُم العمل الصالح في سائرالأحوال.
أمَّا إن كان هذا الذنب ترك الصلاة فله حكم آخر، والترك لا يخرج عن :
إما جحوداً وعمداً أو تكاسلاً ولكل نوع حكمه.
فأما المنكر لها الجاحد بها فهو كافر بإجماع المسلمين وخارج عن ملة الإسلام
قال تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) التوبة:11
وقول تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلوات واتبعوا الشهوات) مريم: 59.
وعن بريدة بن الحصيب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال : سمعت رسول الله يقول : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " رواه أحمد وأبو داود والترمذي
وعن جابر بن عبد الله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عن النبي قال: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم.
وعَنْ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمَا فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورَاً وَبُرْهَانَاً وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ،وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرْهَانٌ وَلا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيٍّ ابْنِ خَلَفٍ » رواه أحمد وابن حبان والطبراني .
وأما تارك الصلاة كسلاً فقد اختلف في حكمه أهل العلم على قولين هل هو كافر أم لا؟
القول الأول:
بأنَّه كافر ويستتاب فإنَّ لم يتب قتل كفراً وعلى هذا فلا يغسل ولا يكفن ولا يُصلىَّ عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ثم لا يورث، وإنَّما يكون ماله في بيت مال المسلمين، لأنَّهُ تركة مرتد. وبهذا قال أحمد ، والحسن البصري والنخعي والشعبي والأوزاعي وابن المبارك وإسحاق ومحمد بن الحسن وابن حزم.
القول الثاني:
قول الجمهور على أنه ليس بكافر بل هو فاسق ويستتاب ثلاث ليالٍ بِأَيَّامها، ويُضيق عليه في مدة الاستتتابة، فإن لم يتب قتل حداً وهذا عند مالك والشافعي وقول للإمام أحمد والموفق بن قدامة، وعند أبو حنيفة: لا يقتل بل يعزّر ويحبس حتى يصلّي.
وأما الرد على السؤال الثاني:
كيفية قضاء الفوائت:
هذه المسألة محل نزاع بين أهل العلم والراجح فيها بأن التارك المتعمد لا يقضي الصلاة، لأنَّ القضاء لا يجب إلا بأمر وليس هناك أمر بالقضاء إلا في حالة من نسي الصلاة أو نام عنها أو لعذر مثل الاشتغال بالقتال.
فعنْ أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لا كفَّارة لَهَا إلا ذلك " متفق عليه . ولمسلم: " إذا رقد أحَدُكُم عنِ الصلاةِ أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول :( أقم الصلاة لذكري) طه: 14 .
والقول الأخر:
بأنه يقضي وحجتهم بأن الأحاديث الواردة بوجوب القضاء على الناسي يستفاد من مفهوم خطابها وجوب القضاء على العمد، لأنها من باب التنبيه بالأدني على الأعلى، فتدل بفحوى الخطاب وقياس الأولى على المطلوب وهذا مردود، لأن القائل بأن العامد لا يقضي لم يرد أنه أخف حالاً من الناسي، بل بأن المانع من وجوب القضاء على العامد أنه لا يسقط الإثم عنه فلا فائدة فيه ، فيكون إثباته مع عدم النص عبثاً بخلاف الناسي والنائم فقد أمرهما الشارع بذلك، وصرح بأنا لقضاء كفارة لهما لا كفارة لهما سواه. وعليه فهناك نزاع في قبول القضاء وصحة الصلاة في غير وقتها ، لعدم وجود نص للمكلف بالقضاء.
والقول الراجح عندي وما أميل إليه:
بأنَّ من كانت صلاة ناقصة فعليه بكثرة النوافل، لأنَّها تعوض النقص وتُجبر وتصلح الخلل، ودليل ذلك، ما جاء في الحديث أن أبا هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: "سمعت رسول الله يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فيقول الله عز وجل لملائكته: انظروا إلى صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن أتمها كتبت له تامة، وإن كان قد انتقصها قيل: انظروا هل لعبدي من نافلة تكملون بها فريضته؟ ثم تؤخذ الأعمال بعد ذلك" رواه الطبراني في الأوسط.
هذا. والله أعلم وأعلى
وصلي وسلم على النبي محمد
صلى الله عليه وسلم

وعلى آله وصحبه وسلم


كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 22/12/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com