(( التخــارج والتصــالح بغيـر الإرث ))


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته،

واهتدي بهديه إلى يوم الدين.

وبعـــــــد

إنَّ علم الميراث، من انفع العلوم وأشرفها، ومن أجل أهميته البالغة نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى مكانته، فقد حث على تعلمه وتعليمه حيث قال: ( تعلموا الفرائض. وعلموها، فإنها نصف العلم. وهو ينسى، وهو: أول شيء، ينزع من أمتي ) رواه ابن ماجه، والدار قطني.

وعن الأحوص عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعلموا القرآن، وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها، فإني امرؤ مقبوض، والعلم مرفوع، ويوشك أن يختلف اثنان في الفريضة والمسألة، فلا يجدان أحدا يخبرهما) رواه أحمد

قلت:

 لقد صَدق وربَّ الكعبة بأبي هو وأمي. وهذه من المسائل التي خلَّط فيها أهل العلم وتكلموا فيها بغير علم لجهلهم بهذا العلم وذلك الفن.

التَّخارُجُ بغير الإرث:

التَّخارُجُ: هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث وترك

 حصته في التركة مقابل شيء يأخذ من التركة، أو من غيرها.

والتَّخارج يعتبر نوع من عقود المعاوضات المالية، وهذا

 التعاقد جائز طالما أنه تم بالتراضي، مستوفياً الشروط

المقررة شرعاً.

دليل التَّخارج وحكمه:

التَّخارج جائز عند التراضي، لما رواه ابن عباس رضي الله

 عنهما من أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه طلق

 امرأته (تماضر بنت الأصبغ) في مرض موته، ثم مات وهي

 في العدة، فورثَّها عثمان بن عفان مع ثلاث نسوة أخر،

 فصالحنها عن ربع ثمنها على ثلاثة وثمانين ألفا من  الدنانير

 وقيل من الدراهم.

حقيقة التَّخارج:

التَّخارج عقد صلح بين الورثة لإخراج أحدهم.

ويعتبر عقد قسمة ومبادلة: إن كان البدل المصالح عليه من أموال التركة.

ويعتبر عقد بيع: إن كان بدل الصلح شيئا آخر من غير التركة.

وبناء على هذا لا يكون التَّخارج صحيحاً إلا إذا استوفي

 شروط القسمة في الحالة الأولى، وشروط البيع في الحالة الثانية.

صور التَّخارج:

يمكن أن نميز التَّخارج في ثلاث صور:

الصورة الأولى: التَّخارج نظير مال من غير التركة يدفعه أحد الورثة.

وهو أن يدفع أحد الورثة ثمناً لحصة معينة لوارث آخر فيحل محله فيها، لأنه دفع ثمنها، أو مقابلها، بمعنى أن الوارث الذي دفع المقابل يحل محل الخارج لأنه مشتر منه، وتملك حصته في التركة، بالإضافة إلى نصيبه الأصلي. وفي هذه الصورة تقسم التركة على الورثة جميعاً، ثم يئول نصيب المتَّخارج إلى من التزم له بالمقابل، ويكون في هذه الحالة قد باع نصيبه نظير هذا الثمن.

مثال:

مات عن: زوجة، وابن، وبنت، صالح الابن الزوجة على نصيبها على مال دفعه إليها من غير التركة، أي: (من ماله الخاص).

الحكم:

يحل الثاني محل الأول وأن يضم سهامه إلى سهامه

تقسيم السهام: الزوجة: الثمن فرضاً . والابن والبنت : لهم الباقي تعصيباً (للذكر مثل حظ الأنثيين)

حل المسألة: أصلها من 8، وهو مقام الثمن الزوجة: 1 من 8

الابن والبنت: 7 من 8، ونصيبهما مثالثة (للذكر مثل حظ الأنثيين) إذا: يقسم الباقي، وهو 7÷3، وهذه قسمة لا تصح دون كسر وباقي ، فنحتاج إلى التصحيح فنضرب سهام الابن والبنت في أصل المسألة 8×3= 24 ثم نضرب هذه الثلاثة في سهام الزوجة والابن والبنت فكان: الزوجة: 3×1= 3              والابن والبنت: 3×7=21

ثم نقسم نصيب الابن والبنت على: 3 فكان: نصيب الابن=14   ونصيب البنت=7

ويضاف نصيب الزوجة 3 بالمصالحة على نصيب الابن 14 فيصبح نصيبه 17

               الصورة الثانية: التَّخارج نظير مال من غير التركة    يدفعه الورثة كلهم.

في هذه الحالة يتَّخارج أحد الورثة نظير مال معين يدفعه

 الورثة كلهما، فإن دفع كل منهم في بدل التَّخارج بنسبة

 نصيبه في الميراث، فإن كل وأرث يأخذ من حصة الخارج

ما يقابل حصته، بمعنى أننا نستبعد سهم الخارج، ونقسم

 التركة كلها على باقي الورثة الموجدين بنفس الأسهم التي

 كانت قبل التَّخارج.

فالتَّخارج في هذه الصورة، والتي قبلها، لا يعدو أن يكون

 تصرفاً بالبيع في حصة الخارج

مثال:

مات عن: ابن، وبنت، وأم، فصالح الابنان والأم البنت على مال من غير التركة

سهام المصالحين: للأم:السدس وللابنين: الباقي وخرج المصالح (البنت) من التركة

الصورة الثالثة: التَّخارج في مقابل شيء من التركة.

في هذه الحالة يتصالح أحد الورثة مع بقيتهم على الخروج من

 التركة نظير شيء معين منها، سواء أكان ذلك نقداً أم عيناً من أعيان التركة، وهذا النوع من التَّخارج، هو في

 حقيقته عبارة عن قسمة موزعة، ولذلك فإن أحكام القسمة

 هي التي تنطبق عليه، لا أحكام البيع، والتَّخارج نظير شيء

 من التركة ذاتها هو النوع الذي غلب الالتجاء إليه، ويكثر

 استعماله بين الناس.

وخلاصة أحكامه أن الشخص الخارج ـ أو المتصالح ـ يأخذ

 الشيء الذي تصالح عليه من التركة، ثم بعد ذلك تقسم التركة

 على بقية الورثة الموجودين بالفعل، وذلك بنسبة أنصباهم

 قبل التَّخارج. أي أن باقي الورثة يقتسمون الباقي من التركة

 بنسبة أنصباهم على عرض وجود المتَّخارج ولكن مع إسقاط

 نصيبه، وذلك حتى لا تتغير الأنصبة.

مثال:

ماتت عن: زوج، وأخت شقيقة، وأم، وأخت لأم .

التركة:35 فداناً + 500 جنيه. وتصالحت الأخت لأم على النقود

الحل:

الورثة : الزوج : النصف ، الأخت: النصف ، الأم: السدس ، والأخت لأم: السدس

أصل المسالة: 6 . الأسهم: الزوج: 3  الشقيقة: 3  الأم: 1   الأخت لأم: 1

قيمة السهم= 35÷7= 5

نصيب الزوج= 3×5=15 فدان

نصيب الأخت الشقيقة= 3×5= 15 فدان

نصيب الأم= 1×5=5 فدان

والأخت لأم: تصالحت وأخذت المال (500جنيه).

هذا والله أعلم

وصلي وسلم على محمد

 صلى الله عليه وسلم



كاتب المقالة : الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ النشر : 14/12/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com