مصر: الأقباط يرحبون بقانون تجريم التمييز..


الأقباط يرحبون بقانون تجريم التمييز.. الأنبا باخوميوس: لا يجب وضعه للتقديرات الشخصية.. والجماعة الإسلامية: مصر لا تحتاج قوانين ترضى طائفة دون أخرى ولدينا ما يكفى لوئد الفتنة

رغم ترحيب الكنيسة بصدور مرسوم قانون تجريم التمييز الذى أعلن عنه المجلس العسكرى، بإضافة مادة إلى أحكام قانون العقوبات تقضى بمكافحة التمييز بين جميع فئات الشعب المصرى، إلا أن آليات تطبيق القانون مازالت محل شك لدى عدد من القيادات القبطية.

قال الأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح إن إصدار مرسوم القانون يعد خطوة إيجابية فى طريق تدعيم المواطنة، ولكن تظل إشكالية تنفيذ القانون الخطوة الأهم، لأن هناك العديد من القوانين التى تجرم التمييز، ولكن لا يتم تنفيذها أو تطبيقها على المحرضين أو الجناة، فضلا عن وجود إشكالية حول تحديد أنواع التمييز.

ورأى الأنبا بطرس معاون بطريرك الكاثوليك أنه كان يجب إصدار قانون بذاته لتجريم التمييز، ولا يضاف إلى مادة بقانون العقوبات، وأن يشمل هذا القانون الخاص كافة التفاصيل بتعريف التمييز وآليات تطبيقه، وتفاصيل وأنواع جرائم التمييز، بحيث لا يترك عملية تقدير التمييز للتقديرات الشخصية، والعموميات، بل يجب أن يكون محدداً وواضحاً.

وأضاف الأنبا بطرس: "الأهم من إصدار القانون معالجة جذور التمييز بتنقية المناهج التعليمية والإعلام ومواد الدستور من النصوص التى تقوم على التمييز، وأن تظهر الدولة نية حقيقية وتبادر بمناهضة التمييز فى المناصب العليا والقيادات التى يمنع منها أقباط"، مشيراً إلى أن الدولة أمامها خطوات كثيرة لتأكيد نيتها فى التغيير، وليس مجرد إصدار قانون هدفه ترضية للأقباط وتهدئة للأوضاع.

واتفق مع الرأى السابق الدكتور القس أندريه زكى نائب رئيس الطائفة الإنجيلية بأن القانون خطوة، ولكن الأهم آليات تفعيل وتنفيذ القانون، وكيفية تطبيقه، فى ظل وجود تيارات متشددة، وثقافة تحض على الكراهية، فهنا يأتى دور المجتمع المدنى فى ضرورة تأهيل المجتمع لاستقبال هذا القانون، فضلا عن ضرورة أن تكون الدولة جادة فى نيتها لمناهضة التمييز بقوة دون تهاون بالعودة للتسكين أو التهدئة عن طريق الجلسات العرفية.

وأكد الدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن إصدار المجلس العسكرى مرسوماً بقانون لمكافحة التمييز خطوة إيجابية، لكنه شدد على أهمية وجود إرادة سياسية لتطبيقه، معتبراً أن مصر لا تعانى من أزمة قوانين بقدر ما تعانى من أزمة تطبيق.

ولم يستبعد جاد أن يكون إصدار القانون خطوة للتهدئة وإرضاء الأقباط بعد أحداث ماسبيرو، مشيرا إلى أن هناك كنائس مرخصة وكنائس مغلقة والحكومة عاجزة عن فتحها بسبب المتشددين، وعجزت عن ذلك مثل كنيسة المريناب وكنيسة عين شمس.

ويرى القمص صليب متى راعى كنيسة مارى جرجس بشبرا أن هذا المرسوم ينقصه وجود لائحة توضح كيفية تطبيقه، ومن المسئول عنه، من خلال ضوابط وآليات يجب تحديديها للجميع كمصريين دون التمييز، لمنع حدوث اختلافات بأن يحدد أنواع التمييز التى تطبيق عليها العقوبة بطريقة موضوعية.

وأوضح القمص صليب أنه فى حال تفعيل هذا المرسوم بلائحته وبنودها ستمثل رادعا قويا لكل من يحاول ارتكاب جرائم تمييز فى المجتمع بدءاً من المواطن حتى المسئول الكبير، كما أنها ستكون رادعاً لأحداث الفتن الطائفية التى تكررت بشكل كبير خلال الفترة الماضية لعدم وجود رادع لمرتكبيه هذه الأحداث، بدءاً من أحداث صول ثم إمبابة ثم المريناب وغيرها.

من جانبه شدد المفكر القبطى كمال زاخر على أن القانون يجب أن يصحبه مجهود غير عادى لتغيير الثقافة المجتمعية، والتى تنظر لبعض الممارسات التى تحمل تميزا صريحا ضد الأقباط على أنها ممارسات دينية، لافتا إلى أن القانون يعد بشكل عام خطوة إيجابية، وذلك فى حال تنفيذه بشكل رادع، خاصة وأن مصر بها حرفة "التحايل على النصوص القانونية".

فى حين أوضح المحامى ممدوح رمزى أن تنفيذ القانون سيضمن إنهاء أى احتقان أو احتكاكات طائفية خلال الفترة المقبلة، واصفا القانون بالخطوة المهمة على الطريق، والتى ستكتمل بصدور قانون دور العبادة الموحد، والذى سيوضع بشكل قاطع حقوق وواجبات كل طرف من الأطراف، إلا أنه تخوف فى الوقت نفسه من عدم تنفيذ القانون قائلا "ما أكثر القوانين التى لا تفعل فى مصر".

وأضاف أنه كان يتمنى أن تكون عقوبة الحبس فى المادة 161 مكرر وجوبية وليست جوازية، حتى لا يعطى للقاضى صلاحية الاكتفاء بالغرامة التى تبدأ من 30 ألف جنيه، إلا أن العزاء الوحيد هو أن العقوبات مغلظة.

أكد المهندس عصام عبد الماجد المتحدث الإعلامى للجماعة الإسلامية، أن مصر لا تحتاج الآن إلى مراسيم جديدة لمواجهة ظواهر يهدد أمنها، وذلك لوجود قوانين فعلية ينقصها فقط التطبيق لمواجهة مثل هذه الأحداث، لافتا إلى أن كل المراسيم والقوانين التى تصدر فى المرحلة الانتقالية تعد حبراً على ورق، وذلك لأن أى قانون ومرسوم يتم تطبيقه على المجتمع يتطلب حدوث توافق عليه.

وأضاف عصام: "ليس هناك ضرورة ملحة الآن لإصدار مثل هذه المراسيم التى يعد إصدارها الآن عقب أحداث ماسبيرو، هو مرسوم لإرضاء طائفة بعينها من المجتمع المصرى على حساب باقى الطوائف التى لم تكن تشعر بهذا التمييز، إلا أن هذه المراسيم تجعل الشعب يشعر بأن الحكومة تستجيب هذه الطائفة.

وأوضح "عصام" أن لجوء الأقباط للضغط المتواصل على الحكومة من أجل الحصول على ما يرونه حقوقهم بطرق "لى الذراع" بشكل يبتز المجتمع ككل، يجعل مثل هذه القوانين فى نهايتها حبرا على ورق، لأنها ستزول بزوال الفترة الانتقالية.

وطالب عصام بضرورة تطبيق قوانين العقوبات على الجميع دون اللجوء إلى قانون أو مرسوم التمييز جديد، من خلال محاسبة كل من يفعل شيئا يضر بأمن الوطن والمواطن.

من جانبه أوضح د.فوزى الزفزاف، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن القانون لم يأت بجديد على تعاليم الدين الإسلامى، والتى تتضمن المساواة فى الحقوق، وعدم التمييز بين فئة وأخرى، لافتاً إلا أنه فى حال وجود صدق حقيقى فى تنفيذ ذلك القانون سيستمر الاحتقان الطائفى.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 17/10/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com